هل لنساء الإسلام ورجاله متسع في شريعة الله وسنة رسول الله ليسعَد جسم بعضهم بجسم بعض، أم إن الإسلام تجهم وتكشير وتقشف وإعراض عن المرأة، واعتبارها رجسا وشيطانا، واعتبار الغريزة الجنسية والجِماع واللذة شرا لابد منه، وقذارة وسفالَة؟
نريد في هذه الفقرة أن تعرف المؤمنات والمؤمنون في كلياته وتفاصيله ما يُسعد الجسم الذكر بالجسم الأنثى، وما يشرح نفس المرأة حين يسكن إليها وتسكن إليه، وحين يكون الجسم مَعْبَراً للمودة والرحمة ومُعَبِّرا عنهما.
إن من أهم الواجهات التي تهجم علينا منها الدوابية واجهة الجنس، يُغرون بالزنى والفاحشة بوسائل البث الفضائي والفن، ويعرضون جسم المرأة شبه عار في التلفزيون المحتشم، وعاريا داعرا في أوضاع الفاحشة في قنوات إبليس.
وإن الله تعالى يقول: وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (سورة الأنفال، 74)…
المعارك إذاً لا تقف مهمتها في الكف والصرف، وهل يمكن وكيف يمكن الكف في عالم التواصل السريع الذي أصبحت الكرة به قرية صغيرة، والمشاكل أجمعُها مشاكل كُرَوِيّة؟
المعارك لغرس البديل الإسلامي في كل بقعة من بقع المواجهة. ورعايته وتقويته. وإن الله عز وجل ما حرم خبيثا إلا وأبدلنا به حلالا طيبا…
أخبرنا صلى الله عليه وسلم بصدق النبي وتربية الرسول وصراحة أهل اليقين أنه حُبب إليه من دنيانا النساء والطيب، وأن قرة عينه جعلت له في الصلاة…
تزوج جابر بن عبد الله امرأة ثيبا كبيرة السن فقال له صلى الله عليه وسلم: «هلاَّ بكراً تلاعبها وتلاعبك!». ولقي سيدنا عثمان وهو أمير للمؤمنين سيدنا عبد الله بن مسعود في مِنى أيامَ الحج فقال له: «ألا نزوجك جارية شابة لعلها تذكرك بعض ما مضى من زمانك؟». وكان الصحابي يلقى أخاه فيسأله في مرح: «هل عرستم الليلة؟».
كانت المتعة الحلال حظا معروفا محبوبا لتلك النفوس الجادة المجاهدة. وكان الحديث عنها وممارستها شأنا من شؤون دنيا كل أحد، وشأن من الشؤون العامة التي يشجع عليها الدين. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يندُب الشباب ليتزوجوا. وكان الوحي ينزل آمرا المسلمين: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ (سورة النور، 32). ويأمر القرآن ببناء الأسرة المسلمة ومقاطعة المشركات والمشركين..
ويعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم آداب الجِماع وما يباح منه وما يمنع. وقد شدد الشرع المطهر المنع من اللواط وإتيان البهائم. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأزواج: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول أو أتى امرأة في دبُرها -وفي رواية امرأة حائضا- فقد بَرِئَ مما أنزل على محمد». أخرجه أبو داود عن أبي هريرة بسند صحيح.
كان القرشيون يحبون أن يأتوا النساء من وراء، فلما جاءوا إلى المدينة مهاجرين وجدوا عند اليهود عادة أخرى. يقول جابر رضي الله عنه: كانت يهود تقول: من أتى امرأة في قُبُلها من دُبرها كان الولد أحول. فأنزل الله سبحانه: نسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ (سورة البقرة، 221).
القرآن يعلم هذا لأنه من الدين. ويعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء عند الجماع. ويقول: «في بُضْع أحدكم (أي جماعه لزوجه) صدقة». فهو عمل صالح مقدس زيادة على سعادة الجسم. ويحث صلى الله عليه وسلم على إعطاء المرأة حقها من المتعة، فيمنع المطلقة ثلاثا من العودة إلى زوجها حتى تنكح زوجا غيرهُ و«يذوق عُسَيْلتها وتذوقَ عسيلته».
هذه «العسيلة» لا تأتي بهجوم الذكر على الأنثى، لكن بمقدمات وملاعبة يُشرع لها النبي صلى الله عليه وسلم بفعله مع زوجاته، أفشين ذلك للأمة لأنه من الدين، ومما يرضي الله.
قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد»: «ومما ينبغي تقديمه على الجماع ملاعبة المرأة وتقبيلها ومص لسانها. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعب أهله ويقبلها. وروى أبو داود في سننه أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبل عائشة ويَمَصُّ لسانها. ويذكر عن جابر بن عبد الله قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المواقعة قبل الملاعبة».
يكتمل سرور النفس وطيبة الزوجين وسعادتهما الجسدية بالتفاهم الرقيق، والكلمة العذبة، واختيار الوقت الأنسب، والحركة الأجمل. ما دام الرجل والمرأة في حلال فلا حرج عليهما فيما يصنعان من فن المداعبة والملاعبة ودلال المرأة وتَعَطف الرجل.
قال ابن القيم رحمه الله: «قالت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيْت لو مررت بشجرة قد أُرْتِع فيها وشجرةٍ لم يُرْتَعْ فيها، ففي أيهما كنت تُرتِع بعيرك؟ قال: في التي لم يُرتع فيها».
هذه كلمات يتبادلها المحبون. فهي رضي الله عنها تذكره بأنها من بين سائر نسائه التي تزوجها بِكْراً، شبهت نفسها بالشجرة التي لم يمسسها آكل.
وكان صلى الله عليه وسلم ينصح باختيار الزوج ذات الدين الودود الوَلود.
ذات الدين لأن بالدين صلاح أمرهما في الدنيا والآخرة. الوَدُود لتكون العشرة رحمة والرحلة مُتعة. الولودُ لتنشئة أجيال الإسلام. الأمر بعضه يمسك بعضا. والله هو الرحيم الودود سبحانه.
عبد السلام ياسين، كتاب “تنوير المومنات”، ج 1، ص 161 – 166 على موسوعة سراج.