السياسة الدوائية بالمغرب

Cover Image for السياسة الدوائية بالمغرب
نشر بتاريخ

مقدمة

۰ في سنة 2007 مثلت مصاريف الصحة بالمغرب 33.2 مليار درهم حسب منظمة الصحة العالمية، 57% من هذا الرقم تحمله المريض مباشرة، 20% تحملته الدولة والباقي تحملته منظمات الضمان الخاصة. ويشكل الدواء حصة مهمة من مصاريف المنظومة الصحية بالمغرب، حيث يمثل أكثر من 40% (بينما يمثل 18% في دول أوربا).

٠ تمثل المصاريف الدوائية بالمغرب ما يوازي 12.25 مليار درهم سنة 2008 و يتوزع هذا الرقم على الشكل التالي:

– الصيدليات الخاصة: 11 مليار.

– المستشفيات العمومية: 750 مليون.

– المستشفيات الجامعية: 150 مليون.

– صيدليات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي: 350 مليون.

مهمة استطلاعية حول ثمن الدواء بالمغرب

عند مناقشة قانون المالية لسنة 2009 بلجنة المالية بمجلس النواب تقرر تكوين مهمة استطلاعية حول ثمن الدواء بالمغرب فكانت النتائج صادمة: ﴿

⑴ـ ثمن الدواء بالمغرب يعد مرتفعا بصفة مبالغ فيها وترجع المسؤولية في ذلك إلى الإدارة ولوبي صناعة الدواء.

⑵ـ ثمن الدواء الأصيل بالمغرب مرتفع بالمقارنة مع دول أخرى:

* 30 – 189% بالمقارنة مع تونس.

* 20 – 70% بالمقارنة مع فرنسا.

⑶ ـ الفرق في ثمن الأشكال الصيدلانية لنفس الدواء قد تصل إلى 600% وتكون في الغالب حول 200%، كما يبين الجدول التالي:

⑷ـ ثمن نفس الدواء بمسميات مختلفة قد يصل إلى الضعف أو ثلاث أضعاف (مثلا OMEPRAZOL يباع من طرف نفس الشركة باسم Omépral =95 درهم وMopral =310 درهم).

⑸ـ هناك أدوية تباع خلال طلبات العروض بأثمنة تقل حتى 6 أضعاف الثمن العمومي (مثال الأنسولين بيعت من طرف شركة سوطيما لجماعة الدار البيضاء ب 20درهم بينما ثمن بيعها للعموم هو 198 درهم) مما يطرح سؤالا حول هامش الربح للشركة المصنعة.

⑹ـ يختلف ثمن الدواء حسب نقطة الشراء: صيدلية خاصة، صيدلية المستشفى, أو صيدلية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (ص و ض ج) لأن هذه الأخيرة تستعمل مهاراتها في التفاوض مع مصنعي الدواء لتخفيض ثمنه لصالح منخرطيها و قد يصل هذا التخفيض إلى 70% من ثمن البيع للعموم.

وللبرهنة على أن ثمن الدواء مرتفع بالمغرب سنقوم بمقارنة الأثمنة مع تونس وفرنسا. تونس لأنه بلد مجاور ومستوى النمو بها مقارب للمغرب وكذلك قيمة استهلاك الفرد للدواء متقاربة وهي: 420 درهما للسنة. فرنسا لأن أغلب الأدوية التي تباع بالمغرب يتم تحديد ثمنها حسب ثمن البلد المصنع وهو فرنسا.

مقارنة الأدوية الأصلية

سنأخذ 10 أدوية أكثر مبيعا بالمغرب و 5 أدوية توصف لبعض الأمراض المزمنة.

1 : (Amoxicilline (amoxil

2 : (Paracétamol (Dopliprane

3 : (Amoxicilline-Acide clavulanique (augmentin

4 : (Oméprazole (mopral

5 : (Diclofénac (voltaréne

6 : (Aspirine (Aspro

7 : (ciprofloxacine (ciproxine

8 : (Prednisolone (Solupred

9 : (Flucloxacilline (Floxapen

10: (Betamethasone (Celestene

11: (Glibenclamide (Daonil

12: (Captopril (Lopril

13: (Salbutamol (Ventoline

14: (Ranitidine (Azantac

15: (Amlodipine (Amlor

الأدوية الأصيلة بالمغرب أغلى من فرنسا وتونس بنسب تتراوح بين 30 و189%.

مقارنة الأدوية الجنيسة

الأدوية الجنيسة بالمغرب أغلى من تونس بنسب قد تصل إلى 57%.

تغيير ثمن الدواء حسب نقطة البيع

سنقارن ثمن أدوية تستعمل في علاج بعض الأورام الخبيثة حسب بيعها بصيدلية الصندوق الوطني لمنظمات الضمان الاجتماعي (ص و م ض ج) و ثمن بيعها للعموم.

هكذا تنتقل كلفة العلاج من الضعف إلى أربعة أضعاف حسب نوع الصيدلية التي اشترى منها الدواء، صيدلية خاصة، صيدلية مستشفى عمومي أو صيدلية ص٠و٠م٠ض٠ٳ.

توجد بدول أخرى أدوية جنيسة لبعض الأمراض، التي تسمى أمراضا ثقيلة لارتفاع كلفة علاجها، والتي يكون ثمنها اقل بكثير من ثمنها بالمغرب.

فمثلا بالنسبة لمريض يعالج ضد مرض الكبد الوبائي بفيروس “س” وباستعمال الدواء الجنيس المصنع بمصر تنتقل كلفة العلاج من 145.000 درهما سنويا إلى 27.000 درهم سنويا أي بنقص يساوي 10.000 درهما شهريا.

⑺ـ هناك سيطرة لبعض مصنعي الأدوية على السوق مما يجعل المنافسة غير شريفة أو منعدمة، حيث يحظى مصنع واحد ب 54% من المبيعات و5 المصنعين الأوائل بـ82%.

هذه الشركات المصنعة تستغل غياب الدولة أو ضعف إمكانياتها، من أجل الدعاية لمنتجاتها رغم سعرها المرتفع و ذلك ب:

– الزيارات الطبية.

– التكوين الطبي للأطباء.

– إشاعة معلومات مغلوطة عن الدواء الجنيس.

– استعمال حملات التوعية أو الكشف كإشهار لبعض الأدوية.

– استغلال بعض جمعيات المرضى لإشهار بعض الأدوية أو للضغط على الدولة لتتحمل مصاريف هذه الأدوية.

وفي الٲخير خلص التقرير إلى أن هناك اختلالات كبيرة تشوب السياسة الصحية بالمغرب و خاصة السياسة الدوائية و ذلك راجع ٳما لعدم استخدام الدولة لقوتها التفاوضية أثناء شراء حصتها من الدواء و إما لأن وراء الأكمة ما وراءها…

حقيقة تخفيض ثمن الدواء بالمغرب

لقد قام لغط كبير وضوضاء صمت الآذان حول تخفيض ثمن الدواء، حيث هللت الحكومة والأحزاب لهذا النبأ وزفت البشرى للمغاربة الذين ظنوا أن ثقلا كبيرا سينزاح عن كاهلهم وذلك لضعف القدرة الشرائية، ولا أدل على ذلك من أن الصيدليات الخاصة أصبحت تبيع الدواء للمواطن ولا تحصل على ثمنه إلا آخر الشهر ووضعت لذلك كنانيش كما محال البيع بالتقسيط في الأحياء.

فما حقيقة هذا التخفيض؟

قامت الدولة بمقارنة ثمن الدواء في سبع دول هي: العربية السعودية، فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، البرتغال، القبرص وتركيا واعتمدت متوسط الثمن في هذه الدول.

لإزاحة الغبش وإماطة الرماد عن العيون، سنقارن هذه الدول مع المغرب من حيث الدخل الفردي السنوي وقيمة ما يستهلكه كل مواطن سنويا من الدواء.

هكذا يتضح أن المواطن المغربي هو الأقل دخلا بين هذه الدول فأنى له أن يتنافس معها على دوائها ؟ ولكن في المقابل إذا نظرنا إلى الشركات المصنعة فسنكتشف أنها هي المستفيدة من هذه المقارنة لأنها ستكسب نفس الربح حيثما بيع الدواء في هذه الدول. فهل أصبحت الوزارة الوصية على صحة المواطنين تعمل لصالح هذه الشركات ضدا على مواطنيها؟

بعد فساد هذه المقارنة شكلا فهل كان هذا التخفيض بحجم ما هلل له الجميع؟!

للإجابة عن هذا السؤال سنقارن أثمنة سبعين دواء الأكثر مبيعا ولتعميق البحث أكثر سنقارن ثمن البيع للعموم وثمن البيع للمستشفيات لنتعرف عن المستفيد الحقيقي من هذا التخفيض.

دت: دون تغيير في الثمن.

هكذا نلاحظ أن أغلب الأدوية تباع للمواطن بنفس الثمن والتي تغير ثمنها فأغلبها تم نقصه ب 0.05 درهم فطوبى لك أيها المواطن هذا التخفيف من عبء الدواء٠ لنأخذ مثالا حتى نلمس جيدا حجم هذه المهزلة:

من بين هذه الأدوية نجد Amoxil 1g هو الأكثر انخفاضا في ثمنه حيث انتقل من 84.45 إلى 58.80 درهما فإذا كان المواطن يصرف في المتوسط 339 درهما سنويا على الدواء فإن هذا المبلغ سيمكنه من شراء 4 علب من هذا الدواء وبعد التخفيض سيوفر 104 درهما سنويا أي حوالي 9 دراهم شهريا. فهل هذه التسع دراهم تستحق كل هذه الضوضاء والتطبيل أم أن الغاية الحقيقية هي تخفيض ثمن شراء الدواء من طرف المستشفيات والتي تملكها الدولة؟ أي أن الدولة حين تفاوضت مع الشركات المصنعة للدواء دافعت عن نفسها وليس عن المواطن البسيط.

المراجع

1- تقرير المهمة الاستطلاعية حول الدواء بالمغرب الذي قدم إلى لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب بتاريخ 03 نونبر 2009.

2- الجريدة الرسمية عدد 6245 مكرر بتاريخ 8 أبريل 2014.

3- كل ما يجب معرفته عن تخفيض الدواء.

عدد الجمعة 11 أبريل 2014 Media 24.1ére B.M.

4- إحصائيات المنظمة العالمية للصحة لسنة 2009.