تتعايش ملايين النساء عبر مختلف فئات وبلدان العالم مع آلام العادة الشهرية، منهم من يستسلمن لها فيغادرن الصفوف الدراسية أو وظائفهن عدة أيام من الشهر، ومنهن من لا يترددن في اقتناء وتعاطي كل ما من شأنه أن يخفف آلامهن.
فهل آلام الدورة الشهرية حالة مرضية؟ وما مدى تأثير المسكنات على الخصوبة؟
للإجابة على تساؤلاتكم العديدة طرحنا بين أيديكم هذا الموضوع.
ما هي العادة الشهرية؟
يستعد الرحم خلال كل دورة شهرية لاستقبال الجنين، فيبدأ الغشاء المخاطي الداخلي بالنمو حيث تكثر الغدد والعروق. وبعد مرور ثمانية وعشرين يوما من الاستعدادات وعند عدم حصول الحمل، يقوم الرحم بالتخلص من كل ما أعده؛ فتنزل دم الحيض، وهي في الواقع عبارة عن خليط من دم وخلايا وغدد انتهت مدة صلاحيتها، ثم تبدأ مراسيم استعدادات جديدة ترقبا لضيف عزيز قد يأتي وقد لا يأتي.
لماذا أحس بالألم أثناء العادة الشهرية؟
يصاحب عملية التخلص من الطبقة العليا للغشاء المخاطي للرحم إفرازات هرمونية، خاصة هرمون البروستجلندين الذي يعد المتهم والمسؤول الرئيس عن كل الآلام والأعراض التي تعاني منها النساء؛ آلام أسفل البطن، آلام الظهر والساقين، الدوار، القيء.. وتختلف حدة هذه الأعراض من امرأة لأخرى تبعا لتباين نسبة إفراز هذا الهرمون، كما تتداخل عوامل عديدة؛ منها ما هو عضوي (كوضعية الرحم مثلا) ومنها ما هو نفسي، فتزيد أو تنقص المعاناة الشهرية.
هل من الضروري زيارة الطبيب؟
الأعراض متوسطة الحدة التي تتعايش معها المرأة منذ سن البلوغ لا تدعو للقلق، أما إذا كانت آلام الحيض تشكل معاناة حقيقية أو تشتد حدتها مع مرور السنوات، فلا مناص من استشارة الطبيب الذي سيقوم بإجراء فحوصات بسيطة للتأكد من سلامة الجهاز التناسلي، ثم يقترح العلاج الملائم للتخفيف من العذاب الشهري.
ما العمل كي تمر الدورة الشهرية بأمان؟
تنقسم المسكنات التي تلجأ إليها الفتيات لأقسام عديدة، لذا وجب استشارة الصيدلي أو طبيب العائلة قبل التداوي بها تفاديا للأضرار الجانبية (حساسية، قرحة، نزيف…). هذه المسكنات، وعكس ما هو شائع، لا تتسبب في العقم، كما أن هذه الآلام لا تدل على نقص في الخصوبة.
أما إذا فشلت هذه المسكنات في إخماد الألم أو قلت فعاليتها مع مرور الوقت، فيتم اللجوء إلى وسائل علاجية هرمونية (حبوب منع الحمل) أو أخرى كالهمبوباتي، الأعشاب أو الإبر الصينية، وغيرها من الوسائل البديلة التي أثبتت نجاعتها في بعض الأحيان.
وقد لوحظ أن هذه الآلام تنقص أو تختفي بعد فترة الحمل والولادة بفضل التغييرات الفيزيولوجية التي يتعرض لها الرحم.
آلام لا تنتهي أم قربات تغتنم؟
إذا كان حفظ النسل مقصدا من مقاصد الشريعة فإن الله عز وجل اصطفى المرأة لحمل هذا النسل، لذلك خص جسمها بوظائف دقيقة تحمل في طياتها مكابدة ومجاهدة تتدرج بها من آلام الحيض إلى مشقة الحمل إلى المخاض والوضع ثم إلى الرضاعة لتفضي بها من جديد إلى نقطة البداية. ولأن الله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملا، فاغتنمي أختي هذه المراحل من عمرك واجعليها محطات تقربك من ربك عز وجل بالصبر والاحتساب وحسن الرعاية لجسمك ولنسلك.