1 – فضل مخالطة الناس والصبر على أذاهم
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
“المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم “أخرجه ابن ماجة والترمذي.
الأصل هو المخالطة والتلاقي والاجتماع والمجالسة في المجالس والمجامع والمساجد والطرقات وكافة المناسبات، يجتمع الناس فيفشون السلام ويحسنون الكلام ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويدلون على الخير، ويتناصحون ويتبادلون الرأي والمشورة وينفع بعضهم بعضا ويصلحون ما فسد بين بعضهم البعض.
أما العزلة واعتزال الناس فهي ديدن الضعفاء ومسلك الباحثين عن الخلاص الفردي دون حمل هم الناس وهم الأمة فإذا بهم يقعون فريسة وصيدا للشياطين .
لكن مخالطة الناس لا تخلو من أذى واحتماله شاق يتطلب قوة وصبرا، وحقيقته أن يؤذى المسلم في ذات الله تعالى فيصبر ويتحمل ولا يرد السيئة بغير الحسنة، ولا ينتقم لذاته ولا يتأثر لشخصيته ما دام ذلك في سبيل الله ومؤديا الى مرضاة الله.
وأسوتنا في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون”، وقص الله لنا عن المرسلين وحكى عنهم قولهم وهم يتحملون الأذى فقال: وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون
وكان بعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: ما كنا نعد إيمان الرجل إيمانا إذا لم يصبر على الأذى).
2-صحبة الشعب : لماذا وكيف ؟
غشيان مجالس الناس والاهتمام بهم ومحبتهم بغية زرع نبتة الخير وتعهدها من صميم ما أمرنا به الله عزوجل، وفي سياق هذا الأمر يقول الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله: ينبغي لجند الله أن يتعبأوا للتغلغل في الشعب قصد إيقاظه وتربيته والتماس الخير عند أهل الخير، وما من جلسة ولا وقفة مع شخص من خلق الله، تدعوه إلى الله وتتحبب إليه في الله وتذكره بالله إلا وهي حركة مباركة).
ويقول أيضا : فمكان المؤمن مجالس الناس ونواديهم وتجمعاتهم مهما كانت، وكلمته لكل من لقي عفوا في تنقلاته، في الحافلة وفي مدرسته ومكتبه ومعمله وجواره وشارعه والدعوة الى الله . ولا يترك الفرص تأتي عفوا بل يهيؤها، يقصد الناس، يهجم لا يمل بالوجه الباسم والكلمة الطيبة والخلق الجميل).