للصيام ركنان تتركب منهما حقيقته:
1 – الإمساك عن المفطرات، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. لقول الله تعالى: فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل. والمراد بالخيط الأبيض، والخيط الأسود بياض النهار وسواد الليل. لما رواه البخاري ومسلم: “أن عدي بن حاتم قال: لما نزلت (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) عمدت إلى عقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجعلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل، فلا يستبين لي، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال: “إنما ذلك سواد الليل، وبياض النهار””.
2 – النية: لقول الله تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين. وقوله صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”. ولابد أن تكون قبل الفجر، من كل ليلة من ليالي شهر رمضان. لحديث حفصة قالت: “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له”” 1 وتصح في أي جزء من أجزاء الليل، ولا يشترط التلفظ بها فإنها عمل قلبي، لا دخل للسان فيه، فإن حقيقتها القصد إلى الفعل امتثالا لأمر الله تعالى، وطلبا لوجهه الكريم. فمن تسحر بالليل، قاصدا الصيام، تقربا إلى الله بهذا الإمساك، فهو ناو. ومن عزم على الكف عن المفطرات، أثناء النهار، مخلصا لله، فهو ناو كذلك وإن لم يتسحر. وقال كثير من الفقهاء: إن نية صيام التطوع تجزئ من النهار، إن لم يكن قد طعم. قالت عائشة: “دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: “هل عندكم شيء؟ قلنا: لا، قال: “فإني صائم”” 2 . واشترط الأحناف أن تقع النية قبل الزوال وهذا هو المشهور من قولي الشافعي. وظاهر قولي ابن مسعود، وأحمد: أنها تجزئ قبل الزوال، وبعده، على السواء.