اجتاحت جائحة كورونا العالم، ولم تستثن أي دولة؛ متقدمة كانت أو متخلفة، وتجاوز ضحاياها المائة ألف، وتجاوز عدد المصابين المليونين، واتخذت الدول مجموعة من الإجراءات لمواجهة الوباء، وتم فرض الحجر المنزلي على المواطنين، وانعكس ذلك سلبا على حركة الاقتصاد، وأصاب الشلل المؤسسات، وتأثرت شرائح اجتماعية كثيرة، خاصة في الدول التي لم تعمل على مواكبة تنزيل هذه الإجراءات بتدابير لتخفيف آثار هذه الجائحة.
نعم، المرض يصيب الرجال أكثر مما يصيب النساء، حسب بعض التقارير الطبية، ولكن يبدو أن النساء أكثر تضررا، وذلك للأسباب التالية:
– تعاني النساء من الهشاشة أكثر من نظرائهن من الرجال، سواء في العالم القروي أو الحضري، ويتركز معظم نشاطهن في القطاع غير المهيكل؛ العمل في الشركات والمعامل، أو في الأعمال الزراعية، والأعمال الخدمية مثل أعمال التربية والخدمة في المنازل.. وتعتبر العديد من هؤلاء النساء معيلات لأسرهن، وزاد الحجر الصحي من المعاناة، وفقدت هذه الفئات دخلها على بساطته. ورغم أن الدولة أنشأت صندوقا لمواجهة الجائحة، إلا أن مسطرة الاستفادة منه أكثر تعقيدا بالنسبة لهذه الفئات التي تعاني من الأمية الأبجدية فما بالك بالأمية المعلوماتية، وكل تأخير في مد هذه الأسر باحتياجاتها يزيد من تأزيم الوضعية.
– بعد لجوء الدولة إلى إغلاق المدارس واعتماد تقنية التعليم عن بعد، ودون الخوض في فعالية هذا الإجراء، بالإضافة إلى عدم قدرة عدد كبير من التلاميذ التفاعل معه، ضاعف هذا الإجراء من معاناة الأمهات، والتي تقع مسؤولية رعاية الأطفال على عاتقهن وتوجيههم ومتابعة تقدم دروسهم. بالإضافة إلى أن إغلاق دور الحضانة قد أضر بالمرأة الموظفة التي فرض عليها الاختيار بين رعاية أطفالها والعمل عن بعد أو ترك العمل.
– يعتبر قطاع الصحة من القطاعات التي ترتفع فيها نسبة التأنيث، ما يضع هذه الفئة في الصف الأمامي في مواجهة الفيروس أثناء رعاية المرضى، وكذا الخوف من نقله إلى أسرهن، ما يشكل ضغطا إضافيا على المستوى النفسي، ويؤثر على أدائهن الوظيفي وعلاقاتهن بأبنائهن.
– يقع على عاتق المرأة رعاية أفراد الأسرة في الوقت العادي، وتزداد مسؤوليتها عندما يكون في الأسرة مصابون بالفيروس يحتاجون لمتابعة خاصة، وخاصة مع تخبط المختصين في التعامل مع هذا الوباء، مما يزيد من إثقال كاهلها.
– ارتفاع عدد الوفيات من الرجال يخلف أرامل وثكالى ويتامى، وتؤدي المرأة ثمنا مضاعفا من تحمل مسؤولية رعاية أفراد الأسرة وتربية الأبناء وتدبير دخل قار، وخاصة مع واقع الهشاشة والأمية والفقر الذي تعانيه المرأة، ما يضعها في مواجهة تحديات تتعدى إمكاناتها، ويتجاوز تأثيرها الأسر إلى المجتمع ككل.