حج عدد كبير من المحامين المغاربة إلى مدينة الرباط للمشاركة في الوقفة الوطنية أمام مقر البرلمان صباح اليوم الثلاثاء 8 نونبر 2022.
وقد عرفت الوقفة، التي دعت إليها هيئة المحامين بالدار البيضاء، والتحقت بها فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب التي تضم 16 جمعية شبابية، مشاركة كثيفة وواسعة للمحامين، أكدت التفاف الجسم المهني للمحامين حول مطالبهم.
وتأتي هذه الوقفة في إطار فعاليات المحامين الاحتجاجية للأسبوع الثاني على التوالي، موازاة مع عدد من الخطوات التي قررت الهيئات المختلفة للمحامين المغاربة خوضها، نذكر منها التوقف الشامل عن العمل طيلة يومي الثلاثاء والأربعاء 8 و9 نونبر ، ومقاطعة امتحان الأهلية كليا. إضافة إلى فعاليات أخرى منها دعوة فيدرالية جمعيات المحامين الشباب بالمغرب إلى خوض اعتصام مع الإضراب عن الطعام بكافة محاكم الاستئناف يومي الخميس والجمعة 10 و11 نونبر..
ولإطلاع الرأي العام على ملابسات هذه الاحتجاجات استقت بوابة العدل والإحسان تصريحا من الأستاذ عبد اللطيف أيت الحاج، عضو مجلس هيئة المحامين ببني ملال، الذي أوضح أن الاحتجاجات التي يخضوها المحامون بجميع الهيئات منذ مطلع الشهر الجاري يمكن تقسيمها إلى شقين؛ “الشق الأول متعلق بالمطالبة بسحب المقتضيات القانونية المتعلقة بأداء المحامين تسبيقا ضريبيا نيابة عن أطراف الدعاوي بمجرد تسجيل النيابة عنهم، سواء طالبا أو مطلوبا في الدعوى بغض النظر عن وجود كسب مادي”. وهو الأمر الذي “عارضه المحامون وطالبوا بإلغائه، لأنه يتعارض مع الحق في الولوج للعدالة وحق المواطنين في التقاضي كحق دستوري”.
أما الشق الثاني، يصرح أيت الحاج، “فهو يرتبط بسياق تسريب مسودة مشروع قانون مهنة المحاماة من طرف وزير العدل دون سلوك المقاربة التشاركية، التي دأبت وزارة العدل على نهجها مع المؤسسات المهنية للمحامين في القضايا المتعلقة بالمهن”. إضافة “إلى الإسهال التشريعي المتعلق بمشروع قانون المسطرة المدنية والمسطرة الجنائية، في تجاوز خطير للاتفاقات السابقة والمحاضر الموقعة بين وزارة العدل وجمعية هيئات المحامين بالمغرب”.
في السياق ذاته، أقر الأستاذ محمد الصروخ، المحامي بهيئة طنجة، أن المشهد “المهني وواقع المحاماة والعدالة بالمغرب يعرف هجمة شرسة وغير مسبوقة من أطراف رسمية، أرادت رأس المحاماة، لتجهز على ما تبقى للمجتمع من قلاع للصمود والحرية والدفاع عن العدالة والقيم الإنسانية النبيلة”.
ونبه إلى ما شهده كل المتتبعين من “القصف التشريعي الذي سلكته الحكومة اتجاه مهنة المحاماة، عبر سيل من مشاريع القوانين التي تهم المهنة ومنظومة العدالة، دون أن تشرك المحامين باعتبارهم المعنيين بها أساسا، فسعت من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2023، إلى قصف المحامين بضرائب لا قبل لهم بها، متجاوزة أية مقاربة تشاركية، أو فتح أي حوار لمعرفة خصوصيات مهنة المحاماة”.
واعتبر المتحدث، في تصريح خص به بوابة العدل والإحسان، أن “هذا القانون لم يأخذ بالاعتبار الأدوار الإنسانية والاجتماعية والبعد الرسالي للمحاماة. كما أن هذا الفرض الضريبي يمس في جزء كبير منه شرائح واسعة من المواطنين، لما سعّر عملية الولوج لخدمة العدالة، ومنعهم من الحق في الولوج المستنير للعدالة. بل وجعل مرفقا حيويا واستراتيجيا غير مجاني، لما جعل الولوج لخدمة العدالة، والحق في التقاضي، غير ميسر وغير ممكن بالنظر لحجم الضرائب والرسوم القضائية التي فرضت على المرتفقين من الشعب، في مخالفة صريحة للمتن والنص الدستوري”.
وهذا “منطق انفرادي رسمي ينظر للمحاماة بمنطق تجاري صرف. منطق يضرب في الصميم كل الأعراف والتقاليد العالمية. منطق يخالف كل المواثيق والاتفاقيات الدولية، التي ضمنت وحصنت شروط ممارسة المحاماة عالميا، بأبعادها الكونية والإنسانية والحقوقية والقيمية والرسالية” حسب الصروخ.
إضافة إلى كل ذلك “فإن وزارة العدل، نهجت نهجا غريبا، وغير عقلاني، لما تنكرت لما جرى به العمل، مما كان ساريا بين المؤسسات التمثيلية للمحامين في شخص جمعية هيئات المحامين بالمغرب ومن تداول على كرسي الوزارة، من حوار دائم، وعمل مشترك، وتنسيق مسبق، في كل القضايا التي تهم المحاماة أو مرفق العدالة ببلادنا” يزيد الصروخ.
وكشف المحامي بهيئة طنجة أن “عموم المحامين ومؤسساتهم التمثيلية، فوجئوا بقيام الوزارة بتسريب مسودة مشروع قانون مهنة المحاماة، وكذا قيام الوزارة بالإعلان المنفرد عن امتحان الأهلية للمحاماة، ثم الانفراد بكل مشاريع القوانين المتعلقة بمنظومة العدالة، من مثل مشروع قانون المسطرة الجنائية، ومشروع قانون المسطرة المدنية، ومشروع القانون الجنائي.. كل هذا بعيدا عن أية مقاربة تشاركية، أو عمل مؤسسي يبتغي المصلحة العليا للمواطنين والوطن”.
و”لأجل ذلك كله، تأتي مختلف الفعاليات النضالية والأشكال الاحتجاجية، ومنها الوقفة الوطنية التي كانت أمام مقر وزراة العدل الأسبوع المنصرم، والوقفة الوطنية للمحامين أمام البرلمان اليوم الثلاثاء 08 نونبر 2022، التي عرفت مشاركة واسعة ومكثفة للمحامين المغاربة. دون أن ننسى أن جمعية هيئات المحامين بالمغرب سطرت برنامجا نضاليا تصاعديا”. يفصح الصروخ ويردف: “هذه الأشكال النضالية الأولية جاءت لتعبر عن موقف المحامين وعدالة قضيتهم، ووجاهة مطالبهم، حيث شهدنا وحدة مهنية، والتفافا وطنيا في هذه المرحلة الدقيقة بين مختلف أجيال المحامين ومؤسساتهم التمثيلية، التي يريد البعض أن يستهدف رسالتها في أبعادها الرسالية والإنسانية والحقوقية والقيمية، ناسيا أنها كانت وستظل قلاعا حصينة للحرية والعدالة والقيم الإنسانية النبيلة”.