لقد طرق بابنا طارق الخير والنجاة، ونادى منادٍ أن جاء رمضان.. جاء شهر الخيرات.. جاء شهر القرآن.. فيا باغي الخير أقبل.. ويا باغي الشر أقصر.
مرحبا يا رمضان، جئتنا وقد بلغت ذنوبنا عنان السماء، أقبلت علينا وحال أمتنا على أسوء حال.
مرحبا رمضان أهلَّت علينا نفحاتك وتباشيرك ونحن في حال جديد، وفي عزم شديد، وأمل في التغيير أكيد، أمل في أن ندخل مدرستك ونتخرج منها ونصبح عبادا لله صالحين، ولباب الله طارقين، ولدعوة الله ناصرين.
فمرحبا بك نزلت سهلا وحللت أهلا.
فضائل شهر رمضان
لرمضان فضائل كثيرة، ومزايا عديدة، لم تكن لغيره من الشهور، والأحاديث التي تثبت وتأكد ذلك كثيرة نذكر منها ما يلي:
عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “”يا أيها الناس، قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيامه فريضة، وقيامه ليله تطوعا، ومن تقرب فيه بخصلة، كان كمن أدى فريضة فيما سواء، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة وشهر يزاد في رزق المؤمن فيه، ومن فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء”. قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم؟ فقال رسول الله: “يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمة، وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له، وأعتقه من النار، فاستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غناء بكم عنها. فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم، فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه. وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار، ومن سقى صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة”” 1 .
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” 2 .
فضائل البر والإحسان في رمضان
نظرا للمنزلة العظيمة التي يحتلها شهر رمضان الأبرك، جعل الله تعالى أجر الأعمال الصالحة فيه أضعافا مضاعفة بالمقارنة مع سائر الشهور الأخرى، ومن ذلك:
١ـ الصدقة
إذ قال صلى الله عليه وسلم: “أفضل الصدقة صدقة في رمضان” 3 .
٢- قيام الليل
إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” 4 .
كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يُحْيِي ليالي رمضان، وإذا كان العشر الأواخر أيقظ أهله، وكل صغير وكبير يطيق الصلاة. (مسلم).
٣- تلاوة القرآن الكريم
كان سيدنا رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم يُكثر من تلاوة القرآن الكريم في رمضان، وكان جبريل يدرسه القرآن في رمضان. (البخاري).
٤ـ الاعتكاف
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه في العشر الأواخر من رمضان كان يعتكف كما جاء في الحديث الذي ترويه سيدتنا عائشة رضي الله عنها أنه كان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر حتى توفاه الله. رواه البخاري.
برنامجي في رمضان
قال الحسن البصري رضي الله عنه: يـا ابن آدم، إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك). وقال أيضا: ما من يوم ينشق فجره، إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني، فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة).
فلنكن في رمضان اكثر شحا في وقتنا، ونغتنم الشهر حق اغتنام، فهي فرصة للنجاة قد لا تعوض، فكم من أناس صاموا معنا واليوم نراهم قد ارتحلوا.
وهذه بعض الأعمال التي تعيننا ما أمكن على اغتنام شهر رمضان في بعض الطاعات:
-١- تجديد النية مع الله تعالى. قال ابن المبارك: رب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغر النية).
-٢- المحافظة على الصلوات الخمس في المسجد مع الحرص على الرواتب والنوافل القبلية والبعدية.
-٣- الحرص على صلاة التراويح. قال صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” 5 .
-٤- الإكثار من تلاوة القرآن الكريم مع التدبر.
-٥- التقليل من الكلام في هذا الشهر الأبرك والاشتغال بذكر الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-٦- الإكثار من الدعاء فللصائم دعوة لا ترد.
-٧- خدمة دعوة الله وذلك بالحرص على أن تكون سببا في توبة أو هداية شخص.
-٨- الحرص على الاعتكاف في العشر الأواخر من الشهر الكريم فتلك فرصة للخلوة مع الله.
-٩- إفطار صائم: قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من افطر صائما كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء”. رواه الترمذي.
احذر من بعض السلوكيات
– الإفراط في الطعام وإتخام المعدة بشتى أصناف الأكل.
– الإكثار من مشاهدة التلفاز والجلوس في الحاسوب لساعات طوال.
– احذر من الكلام في أعراض الناس، وتتبع عوراتهم فتلك الغفلة بعينها.
– السهر بالليل قد يؤدي بك إلى إضاعة قيام الله وحتى صلاة الصبح في جماعة.
– تجنب ما أمكن الجلوس في الطرقات، حفاظا على طهارة عينك من الحرام، واحرص ما أمكن على عمارة المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة.
وختاما نسأل الله تعالى أن يهل شهر رمضان باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، كما نسأله عز وجل أن يجعلنا من عباده الصالحين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.