إليهم يحن قلبي

Cover Image for إليهم يحن قلبي
نشر بتاريخ

“هم اصلي وفصلي وإليهم يحن قلبي” بهذه الكلمات النيرة كان يختم يومه ويتوسد فراشه سيدنا خالد بن معدان رضي الله عنه تروي لنا ابنته التابعية الجليلة عبدة بنت بشر، فقد كان تابعيا عاشر الآل والصحب وذاق قلبه حلاوة الايمان من قلوبهم العطرة. ما أحوجنا في هذا الزمان ونحن نرى تداعي الأمم علينا – ومحن إخواننا في غزة وفلسطين ليست منا ببعيد- إلى وحدة الأمة لتستعيد قوتها وعزتها عبر محبة أخوية تلم الشمل وتوحد القلوب لكن هذا المطلب العزيز يعترضه تفرق الأمة وانشقاقها نصفين، بين شيعة وسنة، شيعة غلوا في حبهم لآل البيت غلو تعصب وجهل فسبوا الصحابة ونقصوا من قدرهم وسنة عموا عن فضيلة آل البيت فلم يعظموا ولم يخلفوا الوصية.

آل البيت الأطهار العثرة الشريفة

حبهم من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب رسول الله من حب الله والأدب معهم وتعظيمهم وإجلالهم أول الطريق يذكرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آل بيته يدلنا على أن محبتهم رباط ممتد إلى حب الله وحب رسول الله.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الإمام مسلم عن سيدنا زيد بن الأرقم رضي الله عنه

(أما بعد، ألا أيها الناس! إنما أنا بشر، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب. وإني تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به ) قال الراوي… ثم قال :( وأهل بيتي! أذكركم في أهل بيتي! أذكركم الله في أهل بيتي! أذكركم الله في أهل بيتي!)

واخرج الترمذي عن زيد بن الأرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا. أحدهما أعظم من الآخر، وهو كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض. وعثرتي أهل بيتي، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. فانظروا كيف تخلفوني فيهما.)

هما يا أحبة حبلان ممدودان للنجاة حبل من السماء، وحبل من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم هم آل بيته قطعة منه دليلنا إلى الهدى والحق.

الصحابة الكرام اختيار واصطفاء

هم خير القرون وأكرمهم على الله تعالى اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته.

كانوا نجوما يهتدى بهم بلغوا لنا العلم والإيمان من قلوبهم سطعت الأنوار الإيمانية على من بعدهم من جيل إلى جيل.

روى الترمذي عن سيدنا عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( اَلله اَلله في أصحابي لا تتخذونهم غرضا (هدفا يرمى بالنبل) بعدي. فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله.)

وعن الشيخين عن سيدنا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لاتسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.)

رضي الله عنهم وأرضاهم إن افتقدناهم مجالسة ومشافهة فنسأل الله عز وجل أن لا نفتقدهم قلبا، رابطة قلبية حبية والمرء مع من أحب.

الآل والصحب محبة وقرابة

كانت مودة ورحمة متبادلتين بين الآل والصحب وصلة أرحام فالصحابة يعرفون قرابة آل البيت وهم أولى الناس بالوفاء للرحم والقرابة، فقد كانوا يحبونهم ويقربونهم على أهلهم وأولادهم لحبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فهذا سيدنا أبو بكر الصديق يقول لسيدنا علي رضي الله عنهما ( والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي.) رواه البخاري ومسلم. وقد كان رضي عنه يجل الحسن والحسين ويمازحهما. وهذا سيدنا عمربن الخطاب رضي الله عنه يقدم ابن عباس رضي الله عنهما مع كبارصحابة بدر وسط المجالس يستشيره وكان له أبناء في سنه ولم يحظ بهذا التكريم سواه، بل أقسم أن إسلام العباس أحب إليه من إسلام أبيه لو أسلم لأن إسلام العباس أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وتؤكد تلك المحبة بينهما من مصاهرة وأنساب فهذا سيدنا الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه يقول: (ولدني أبو بكر مرتين) لنسبه لأبي بكر من جهة أمه. وسيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول عند احتضار سيدنا عمر: ( ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أن كثيرا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر.) كان آل البيت يشهدون للصحابة فضلهم وخيريتهم.

جاء عن الشعبي أنه قال: ( ركب زيد بن ثابت فأخذ ابن عباس بركابه فقال: لا تفعل يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فقال زيد إيتني يداك، فأخرج يديه فقبلهما فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.)

ترابط ومحبة وقرابة كانت بين الآل والصحب، ثناء متبادل، تصاهر بعضهم ببعض، ترضي بعضهم عن بعض بل لم تكن أصلا هذه الفوارق المصطنعة لا في القلوب ولا في العقول بل كانت محبة جامعة جمعت قلوبهم على حب الله وحب رسول الله.

نريد أن نضمد هذا الجرح العميق الأليم في جسم الأمة، نريد أن نجتمع على الحق نستسقي من النبع النوراني حب الآل والصحب حبا لا ينفصم بعضه عن بعض نأخذ الإيمان قلبا عن قلب كما أخذه التابعي الجليل من قنوات القلوب المؤمنة الموصولة بحب الله وحب رسول الله.

نريدها يا أحباب كلمة عالية مدوية أن الآل والصحب أحباب وإخوان.

(ربنا اغفر لنا وإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) سورة الحشر الاية 10