ثانيا: التطبيع مخالف لقواعد القانون الدولي الإنساني
1. مفهوم القانون الدولي الإنساني
يقصد بالقانون الدولي الإنساني “مجموعة من القواعد التي ترمي إلى الحد من آثار النزاعات المسلحة لدوافع إنسانية. ويحمي هذا القانون الأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال القتالية أو كفوا عن المشاركة فيها، كما أنه يفرض قيوداً على الوسائل والأساليب المستعملة في الحرب. ويُعرف القانون الدولي الإنساني أيضا “بقانون الحرب” أو “قانون النزاعات المسلحة” (1)، ويقول الدكتور محمد المجذوب في كتابه القانون الدولي العام تحت عنوان تعريف القانون الدولي الإنساني وجذوره التاريخية ما يلي: “القانون الدولي الإنساني هو ذلك الجزء المهم من القانون الدولي العام الذي يستلهم الشعور الإنساني ويهدف إلى حماية الإنسان في أوقات الحروب والنزاعات المسلحة” (2)، ويعود أصل القانون الدولي الإنساني إلى أواسط القرن التاسع عشر. فخلال معركة سلفرينو (1859) بين جيش نابليون الثالث والجيش النمساوي وقف السويسري (هنري دوناند) على فظاعة الحرب، فقررَ نقل الجرحى والقتلى بشكلٍ مجاني من جبهات القتال ودون تمييز إلى البلدة بناء على تجربة الحرب تلك، وسينشر دوناند في عام 1862 كتابا عنونه بــ “ذكريات من سلفرينو” ضمَّنهُ دعوة إلى التخفيف من معاناة الجنود في الحروب، واقترح أنْ تسمح الدول لمنظمات إنسانية محايدة بعلاج الجنود خلال الحروب.
ويستند القانون الدولي الإنساني إلى مجموعة من الاتفاقيات والنصوص المكتوبة والعرفية، ومنها:
أ – اتفاقيات جنيف الأربع المبرمة في 12 أغسطس/آب 1949 وهي: 1- اتفاقية جنيف الأولى المعنية بحماية جرحى ومرضى القوات المسلحة في الميدان. اتفاقية جنيف الثانية المعنية بحماية جرحى ومرضى وغرقى القوات المسلحة في البحار. اتفاقية جنيف الثالثة المعنية بأسرى الحرب. اتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية السكان المدنيين وقت الحرب.
ب- بروتوكول جنيف الأول المكمل لاتفاقيات جنيف الأربع، والمتعلق بحماية ضحايا النزاعات المسلحة المبرم عام 1977.
ج- القانون الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.
د- اتفاقية لاهاي المتعلقة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لعام 1907. والقانون الدولي الإنساني له جانب آخر عرفي غير مكتوب، وهو -وفقَ اللجنة الدولية للصليب الأحمر- يتألف من قواعد مستمدة من “ممارسات عامة مقبولة كقانون” (3).
فكيف يشكل التطبيع خرقا سافرا لقواعد القانون الدولي الإنساني باعتبار ذلك اعترافا ضمنيا وتشجيعا صريحا للجرائم الإسرائيلية، وتحصينا للقيادات الإسرائيلية المرحب والمحتفى بها في بلاطات الأنظمة المطبعة من كل المحاكمات والمتابعات الجنائية؟
2. اتفاقيات التطبيع شرعنة لانتهاكات مبادئ القانون الدولي الإنساني
(..)
تتمة المقال على موقع aljamaa.net.