لا شك أن بر الوالدين جامع لكل الخيرات والهدى في الدنيا والآخرة، ومقدم على سائر الأعمال الجليلة الطيبة. والإحسان إليهما مقرون بعبادة الله كما قال الله تعالى في سورة الإسراء “وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا”.
وتتعدد أوجه البر والطاعة لهما، والاستئذان لطلب العلم وجه من هذه الأوجه، التي قد تبدو غريبة لكونها لا تخطر على بال كثير من الناس، باعتبارها ضرورة لا تستدعي أخذ الإذن منهما، بل يلزمها التسليم بالأمر مهما كانت العواقب، ولنا في قصة الإمام الذهبي عبرة وحكمة وعظة.
رجل قامة كبيرة في العلم، توجهت عنايته إلى القراءات والحديث منذ الصغر، تميز بسعة الأفق وقوة الحافظة، وهمة متفردة في حب العلم والتعلم. استأذن أمه للسفر خارج البلد سعيا لطلب العلم، فأبت عليه ذلك، فلازمها يخدمها ويتولى شؤونها، ويكتفي بالتعلم في مدينته بالرغم من أن ذلك لم يكن يستجيب لتطلعاته.
اختار أن يبرها ويحسن إليها حتى توفيت راضية عنه، ففتح الله تعالى له كل الأبواب، ورحل في طلب العلم، يجوب بقاع الأرض ويتقلب من شيخ لآخر يأخذ الرحيق حيث الرحيق، من حلب إلى بيت المقدس والرملة ونابلس ومصر ومكة والمدينة.. وغيرها كثير، حتى قيل عنه “تعب الليل والنهار وما تعب لسان الذهيي وقلمه”.
صار بحرا زاخرا في العلم، حيث ترك إنتاجا غزيرا، بلغ أكثر من 200 كتاب؛ في القراءات، والحديث ومصطلحاته، والفقه وأصوله، والعقائد والرقائق، وعلوم التاريخ وفروعه، والمعاجم والسير.
“إنه البر الذي يهدي إلى الجنة”.
https://www.facebook.com/femmejs/videos/267233728052417/