اسم النبي “الشاهد”| مع ذ. رشيد حليم (فيديو)

Cover Image for اسم النبي “الشاهد”| مع ذ. رشيد حليم (فيديو)
نشر بتاريخ

تحدّث الأستاذ رشيد حليم في برنامجه “أسماء النبي صلى الله عليه وسلم” عن اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم “الشاهد”، وهو مقرون عند كثير من أهل العلم باسمه “الشهيد”.  ليتحدث في الحلقة عن الاسمين معاً.

وأورد المتحدث في البرنامج الذي بثّت حلقته التاسعة قناةب بصائر الإلكترونية قوله تعالى في كتابه العزيز مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وقال: لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ. وقال أيضا: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا، وهي الآية التي ذرفت لها عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قرأها عليه ابن مسعود رضي الله عنه.

ولشرح معنى الشهادة رجع حليم إلى قول ابن منظور في لسان العرب: “شهد فلان على فلان بحق فهو شاهد وشهيد، والمشاهدة المعاينة، وشهده شهودا أي حضره فهو شاهد. والشاهد والشهيد الحاضر. والجمع شهداء وأشهاد وشهود وشهّد، مثل راكع وركع“. وقال ابن فارس رحمه الله في كتابه “أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعانيها”: “الشاهد مشتق من المشاهدة، كأنه الناظر المخبر بما رأى، ويقال للسان الشاهد لأنه يخبر ويشهد، لقول الأعشى: “ولا تحسبنّي كافرا لك نعمة .. على شاهدَيَّ يا شاهد الله فاشهد” أراد بشاهد الله الملَك، وبشاهد نفسه لسانَه“. أما الصالحي الشامي رحمه الله فقد قال في كتابه “سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد”: “الشاهد : العالم أو المطلع الحاضر ، وهو اسم فاعل من الشهود وهو الحضور. قال الله تعالى : إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا، أي على من بعثت إليهم، مقبول القول عليهم عند الله تعالى، كما يُقبل الشاهدُ العدل. والشهيد العليم أو العدل المزكي وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا، أي معدلا مزكيا“.

روى البخاري من حديث عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر فقال: “أنا فرطكم وأنا شهيد عليكم“. والشهيد أيضًا من أسماء الله تعالى، ومعناه الذي لا يغيب عنه شيء، تقدست أسماؤه عز وجل.

قال ابن الأثير: “وهو فعيل من أبنية المبالغة في فاعل. وإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم، فإذا أضيفت إليه الأمور الباطنة فهو الخبير، أو إلى الظاهر فهو الشهيد“.

روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يدعى نوح يوم القيامة فيقال: هل بلغت؟ فيقول: نعم فيدعى قومه فيقال: هل بلَّغَكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد. فيقال لنوح من يشهد لك؟ فيقول محمد وأمته، فذلك قوله تعالى: وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا، والوسط العدل“.

وأورد المتحدث للإمام الحرالي رحمه الله في شرحه “إبداء الخفا في شرح أسماء المصطفى” قوله: “الشهادة رؤية خِبرةٍ على المُخبَر عنه بما حقَّق فيه المشاهدُ له، فهو مجموع علمٍ وقضاءٍ وخبرة ونَباءٍ عن ذلك. ولمِا فيه من مَضاء الحكم إنما يَتمُّ بإيالة واطلاع، فلذلك الشهيد الحق هو الله سبحانه ومن أشهده ما شاء من خِيرة خلقه، كما أشهد محمدا صلى الله عليه وسلم وأهل الحمد والوصلة من أمته الذين ليسوا بلعانين، لما يشهدون من إجراء الله في خلقه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا، ففيه إشعار بما كشف له صلى الله عليه وسلم من أمر الخلق ومضاء التقدير فيهم، وإقامتهم فيما خلقهم له. فشهد عليهم بما هو أَخبَرُ بهم مِن أنفسهم. قال صلى الله عليه وسلم: “إني لأعرف النظائر من أمتي بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم، من كان منهم ومن هو كائن، ومن سيكون إلى يوم القيامة“. وتابع قائلا “وأُودِع خواصُّ أمته من ذلك ما كانوا يشهدون به صدقَ الصادق ونفاقَ المنافق، حتى كان عمر رضي الله عنه لا يصلي على جنازة حتى يرى حذيفة أمين سر رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهدها . قال له مرة: «ناشدتك الله هل ترى في شيئا من النفاق؟ فقال: لا ولا أخبر غيرك”.

وأضاف الإمام الحرالي بقوله “فكان صلى الله عليه وسلم شاهدا بشهادة أفاضت على خواص أمته أن كانوا شهودا… فشهدوا حقائق عالم الملك وظواهر عالم الملكوت، مما هو غيب عن الخلق، وإنما يُعَلِّمه الله ويُشهِده لمن يشاء ممن يؤتيه إحاطةً من علمه. فكان صلى الله عليه وسلم ينبئ عن أحوال القلوب وما حوته الضمائر، فجُمع له مع الرسالة من الشهادة إعلامٌ بكمال ذاته، حتى لم يكن في بلاغه محتاجا إلى شهادة سواه، فكان هو الرسولَ الشاهدَ صلى الله عليه وسلم. وبما هو شاهدٌ خبرَهم كان شهيدا عليهم صلى الله عليه وسلم“.

وختم الأستاذ رشيد حليم حلقته بإيراد أبيات يتوسل بها الإمام البرعي رحمة الله عليه برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنشد وقال:

فَكَيف تَراني أَرتَجي نُجح مَطلبٍ

إذا لَم يَكن بالهاشمي توسلي

جعلت عَريض الجاه في كل حادِث

ثِمالي ومأمولي وَمالي وَموئلي

أرد به كيد العدوّ إذا اعتدى

وألقى به سود الخطوب فتنجلي

وأُورد آمالي مناهلَ برّه

وأُنزل آمالي بأجود منزل

بشير نذير مشفق متعطف

رؤوف رَحيم شاهد متوكل

فَما وَلدت أنثى ولا اشتملت عَلى

أجلّ وأَعلى منه قدرا وأجمل

فَصِلْ حبلَ وُدِّي ما ذكرتك واهدني

بمصباح نور العلم في كل مُشكَل

وَعند فِراق الروح كن لي شاهدا

ليشهد بالتَوحيد قَلبي وَمِقولي