الأستاذ حمداوي ينعى القائد المجاهد الشهيد صلاح البردويل ويذكّر بمناقبه

Cover Image for الأستاذ حمداوي ينعى القائد المجاهد الشهيد صلاح البردويل ويذكّر بمناقبه
نشر بتاريخ

رسالة تأبينية في استشهاد القائد المجاهد صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحركة حماس

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (الأحزاب: 23).

إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع، وإنا لفراقك يا أخي العزيز صلاح لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا: “إنا لله وإنا إليه راجعون”.

نزف اليوم إلى الأمة الإسلامية وإلى فلسطين الجريحة، وإلى غزة العزة، أحد فرسانها الأبرار، وقادتها الأحرار، الذي عاش مجاهدًا، ورحل شهيدًا، ثابتًا على الحق، صادقًا مع الله، مؤمنًا بوعده، مستبشرًا بقول النبي ﷺ: “من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه” (رواه مسلم).

يا سيدي صلاح، لقد سرت على درب العظماء الذين سبقوك، واقتفيت أثر القادة الشهداء، ممن قدموا أرواحهم فداءً لدينهم وأمتهم، وساروا إلى الله رافعي الرؤوس، شامخي الهامات، فأنت اليوم تلتحق بركب الإمام الشيخ أحمد ياسين رحمه الله، الذي زرع في هذه الأمة روح المقاومة، وبالقائد اسماعيل هنية رحمه الله، الذي حمل لواء الثبات حتى آخر لحظة، وبالمجاهد محمد الضيف ويحي السنوار، الذين جعلا من المقاومة عقيدة لا تلين، وغيرهم ممن رووا أرض فلسطين بدمائهم الزكية.

لقد عرفتُك يا صلاح رجلًا صلبًا، لا تهزك العواصف، ولا تضعفك المحن، كنت صوتًا قويًا للحق، وحارسًا أمينًا لقضيتك، تسير على نهج الذين قال الله فيهم: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (آل عمران: 173).

حين التقينا في غزة، رأيت فيك العزيمة التي لا تلين، والإيمان العميق بالنصر المحتوم، وحين جئت معزيًا في وفاة الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، رأيت فيك وفاء الرجال وعزة الأحرار، وهكذا كنت حتى آخر لحظات حياتك، مضحيًا بنفسك في سبيل الله، ممتثلًا لقول رسول الله ﷺ: “أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر” (رواه أبو داود والترمذي).

يا أخي العزيز صلاح، لقد رحلت بجسدك، لكنك باقٍ بروحك، بكلماتك، بمواقفك، بمقاومتك، وستظل دماؤك الطاهرة وقودًا يزيد المجاهدين صلابة، ويحيي في الأمة روح العزة والإباء، فما كان الله ليضيع جهادك، وما كان ليسلبك وعده الحق: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (آل عمران: 169-170).

نم، بإذن الله ورحمته وعفوه، قرير العين يا شهيد فلسطين، فإن راية الحق التي حملتها لن تسقط، وإن شعبك المقاوم لن يلين، وإن غزة الصامدة لن تنكسر، بإذن الله.

رحمك الله يا سيدي صلاح، وأسكنك الفردوس الأعلى، وجمعنا بك في مستقر رحمته، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.

“إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.”

والحمد لله رب العالمين.

محمد حمداوي، عضو مجلس الارشاد لجماعة العدل والإحسان/ الرباط

في 22 رمضان 1446/ 23 مارس 2025