يعاني كثير من الشباب من الأمراض المنقولة جنسيا وتدوم معاناتهم بصمت لأشهر أو سنوات طويلة، يتفادون خلالها زيارة الطبيب حرجا من الكشف أو من الأسئلة التي قد يطرحها عليهم، ويلجأون للتخفيف من آلامهم إلى التداوي بطرق عشوائية كثيرا ما تعرض صحتهم لأخطار عديدة… ومساهمة منا في إرشاد الشباب إلى طرق الوقاية والعلاج من هذه الأمراض نطرح بين أيديكم هذه الورقة التوضيحية.
ما هي الأمراض المنقولة جنسيا؟
تسبب هذه الأمراض كائنات دقيقة (ميكروبات أو فيروسات أو طفيليات) تعيش على الجلد أو الأغشية المخاطية للجهاز التناسلي، أو تتنقل من خلال السائل المنوي أو الإفرازات المهبلية أو الدم عند الاتصال الجنسي بالشخص المصاب بالعدوى. وتختلف علامات الإصابة وحدّتها من شخص لآخر حسب نوع وعدد الميكروبات أو الفيروسات التي تعرض لها، وبعد مرور عدة أيام على العلاقة الجنسية المعدية يعاني الشخص المصاب إما من:
– إفرازات غير طبيعية مهبلية أو من فتحة القضيب.
– “حكة” نضح في الأعضاء التناسلية.
– إحساس بالألم أثناء العلاقة الجنسية أو خلال التبول.
– آلام أسفل الخصيتين.
– ظهور تآليل أو قرحة على الأعضاء التناسلية.
– وأحيانا لا تظهر أية أعراض رغم الإصابة.
ما هي أهم أنواع الأمراض المنقولة جنسيا؟
يفوق عدد هذه الأمراض العشرين مرضا، نذكر بعضها:
– الزهري (النوار): وهو من أقدم الأمراض التناسلية التي عرفتها البشرية. يظهر في البداية على شكل قرحة غير مؤلمة على الأعضاء التناسلية سرعان ما تختفي تلقائيا، مما يوهم المريض أنه تماثل للشفاء، لكن المرض ينتقل إلى مرحلة أخرى أخطر حيث ينتشر الميكروب داخل الجسم فيصيب القلب والجهاز العصبي بما فيه الدماغ، مما يؤدي إلى أمراض القلب أو الشلل أو الخرف وربما الموت. وتنقل الأم المصابة العدوى إلى الجنين قبل الولادة.
– المتدثرات (الكلاميديا): تكمن خطورة هذا الجرثوم في عدم ظهور أعراض مرضية في أغلب الحالات، لهذا يلقب بالمرض الصامت حيث يتلف هذا الميكروب الجهاز التناسلي مسببا بذلك العقم للجنسين.
– السيلان: تنتقل عدوى هذا المرض بسهولة مما يجعله من الأمراض الجنسية الأكثر شيوعا، وتظهر أعراضه عند الرجل على شكل آلام عند التبول مع خروج نقطة صديدية كثيفة من فتحة القضيب، أما بالنسبة للمرأة فتحدث إفرازات مهبلية غير طبيعية مع آلام أسفل البطن مصحوبة أحيانا بنزيف. وفي غياب العلاج يتلف هذا المرض الجهاز التناسلي مسببا العقم، كما أن المرأة الحامل المصابة تنقل الميكروب إلى المولود أثناء الولادة مما يؤدي إلى فقدان البصر.
– السيدا: يهاجم فيروس نقص المناعة البشرية خلايا الدم البيضاء فينهار الجهاز المناعي مما يجعل المصاب عرضة لأمراض عديدة أغلبها تعفنية. ويظل مرضى السيدا ناقلين للعدوى طيلة حياتهم، أما الأدوية المتوفرة حاليا فتساعد على استقرار حالتهم الصحية لا على القضاء على المرض نهائيا.
– التآليل التناسلية: تظهر على شكل دمامل ونتوءات مختلفة الأحجام على سطح جلد الأعضاء التناسلية، ويسببه الفيروس الحليمي الذي عرف منه حتى الآن أكثر من خمسين نوعا، بعض هذه الأنواع لها صلة مباشرة بسرطان عنق الرحم لدى المرأة.
– التهاب الكبد الفيروسي B: ينتقل هذا الفيروس بسهولة أثناء العلاقة الجنسية، ويصيب الكبد دون أن تظهر أية أعراض تناسلية عند المريض. وقد لا يتم اكتشاف هذا المرض أحيانا إلا في مراحل متقدمة كتشمع الكبد (Cirrhose) أو سرطان الكبد.
أعتقد أني مصاب، فما العمل؟
إذا كنت ممن يعاني من أحد الأعراض السابقة الذكر فلا مناص من زيارة الطبيب لاستكمال الكشف ولإيقاف تطور المرض، لأن المضاعفات كما أوضحنا عديدة وخطيرة تبدأ بالجهاز التناسلي فتتلفه مسببة بذلك العقم للجنسين، وقد تنتقل إلى كافة أعضاء الجسم كما هو حال داء الزهري (النّوار) أو داء السيدا، ولا ننسى أن المرأة الحامل المصابة تنقل العدوى إلى جنينها.
كيف أحمي نفسي من هذه الأمراض؟
عندما تقتني آلة غالية الثمن تحرص أشد الحرص على اتباع إرشادات الاستعمال لصانعها خوفا من إفسادها، ولا شك أن نفسك وجسمك أغلى ما تملك، فلنُصْغ لخالق هذه النفس البشرية (ولله المثل الأعلى) بماذا ينصحنا لنحافظ على هذا الكنز.. يقول عز وجل: وَلَا تَقْرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلً [الإسراء، 32]، ثم يرشدنا إلى الطريق السوي والسليم فيقول سبحانه وتعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[الروم، 21]، ولمن لا يملك القدرة يقول عز من قائل:وَلْيَسْتَعْفِفِ ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ [النور، 33].
الله عز وجل خلقنا وأودع فينا غرائزنا لكنه لم يدعنا فريسة لها بل شرع لنا سبل تصريفها، وأرشدنا إلى كيفية ضبطها والتحكم فيها، ونبهنا إلى عواقب مخالفة هذه الشرائع.
فسبيل الزنا وما شابهه يزج بالشباب في دوامة من المشاكل والاضطرابات العضوية والنفسية، في حين جعل الله عز وجل العلاقة الزوجية مرتع السكينة والرحمة للنفس البشرية.
ختاما: إذا كان الطب يحاول مداواة الآثار الصحية لهذه الأمراض الفتاكة، فإن الأخطار النفسية والاجتماعية التي تصاحبها تهدد الاستقرار الأسري وتنذر بانحطاط الأمة.