1- الإصلاح أو الوساطة الأسرية:
اشتغلت العديد من المؤسسات في مجال الوساطة العائلية الأسرية، لحل النزاع أو لتقريب وجهات النظر باتخاذ الحل الذي يناسب الطرفين المتنازعين وأسرتيهما، سواء كان ذلك عبر الاستمرار تحت سقف واحد في إطار العلاقة الزوجية، أو التفاهم على مباشرة إجراءات الطلاق؛ دون الدخول في حروب باردة والوقوف أمام المحاكم، أو بالتوقيع على اتفاقات، ويمكن الاستفادة من نجاعة التدابير المتخذة من طرفها، انطلاقا من المعاينة الميدانية، والتواصل مع المؤسسات المتدخلة، لتتضح المعالم الكبرى لآلية الإصلاح وفق الأساليب الحديثة والتي أدركها خير الخلق بوحي من الله، وتواثرتها الشعوب من زمان إلى آخر إلى أن اندثرت باندثار العلاقات الاجتماعية الصادقة.
أ- مفاهيم لا بد منها:
تعريف الوساطة:
“الوساطة هي سيرورة لحل النزاعات من طرف الفئات المتنازعة أنفسهم، وهي سيرورة من خلالها يتدخل شخص محايد، عبر تنظيمه للحوار المتبادل بين الأطراف، بالسماح للمتخاصمين بالتعبير عن وجهات نظرهم والبحث عن حلول لتجاوز المشكل المطروح”
ويعرفها” جون فرانسوا” في كتابه ” زمن الوسطاء ” بقوله: الوساطة بمفهومها الواسع هي وسيلة لحل النزاعات عن طريق تدخل طرف ثالث أجنبي عن النزاع ومحايد ولا يملك أي سلطة للتحكم في النزاع إلا ما يرتضيه الأطراف، إنه الوسيط “2
المفهوم السوسيولوجي للأسرة:
لقد وضع علماء الاجتماع العديد من التعريفات والمفاهيم للأسرة، ولم يتفقوا على تعريف محدد لها، يعرف kissler الأسرة على أنها الوحدة الأساسية في كل المجتمعات الإنسانية بغض النظر عن الفروق الثقافية، فهي لا تعمل على تلبية الحاجات الأساسية -للفرد من طعام ومأوى وملبس فحسب، ولكن تلبي حاجته إلى الحب والانتماء…فهي الجماعة الأولى التي يقابلها الفرد وأهمية ذلك تكمن في أن الفرد في سنواته الأولى سهل التوجيه.
مفهوم النزاع:
النزاع: في قاموس” ويبستر ” حالة من عدم الانسجام في الأهداف أو /السلوك.
كما تم تعريف النزاع الذي تعالجه الوساطة بأنه عبارة عن علاقة بين طرفين أو أكثر يعتقدون أن لديهم أهدافا غير متناغمة أو منسجمة، وكأنه فقط معركة بين المصالح والإحتياجات و المدارك المختلفة: القوة، القيم، المشاعر والعواطف.3
الوساطة الاجتماعية:
” الوساطة الاجتماعية تعني تدخل أطراف يمارسون الوساطة عندما تكون هناك حالة أزمة وتوثر بين طرفين متنازعين لا يستطيعان مواجهة بعضهما البعض للخروج من الأزمة أو المشكل. فيلعب الوسيط الاجتماعي هنا دورا أساسيا ”
وهناك أشكال مختلفة للوساطة الاجتماعية وهي: الوساطة الأسرية أو القضائية، الوساطة المدرسية، الوساطة المجالية، الوساطة الإدارية، أو الوساطة داخل الشركات، الوساطة داخل الجمعيات والوساطة الثقافية.
أما الجمعية المغربية لمناهضة العنف فتتحدث عن الوساطة الزوجية القائمة على النوع الاجتماعي بأنها ” مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي والنفسي والقانوني، مع تقوية القدرات والمواكبة من أجل تواصل غير عنيف، الوساطة الزوجية القائمة على النوع الاجتماعي تهم الزوجين معا وليس أحدهما للبحث عن حلول للخلافات أو النزاعات، أو لتواصل واع ومسؤول سواء داخل العلاقة الزوجية أو بعد فضها “. 5
ب- أسس الوساطة الأسرية وأنواعها:
تقوم على مبدأ الحوار والتفاوض وصولا إلى حل ممكن وقابل للتنفيذ، من خلال استخدام وسائل قانونية ومستحدثة في المفاوضات.
فالشجارات العائلية الدائمة، تشهد مدا وجزرا في العلاقات، والوساطة الأسرية تعد عملية لإعادة بناء العلاقات وإدارة الحياة بين أفراد الأسرة في ظل وجود مستقل وغير متحيز لطرف ثالث، يسمى الوسيط، وتنقسم إلى قسمين :
• الوساطة غير المباشرة أو العفوية:
تمارس داخل الأسرة، إما من طرف الأشخاص الذين يتواجدون داخل الأسرة أو يعيشون معها، كالأب أو الأم أو الجد أو الجدة أو الابن أو شبكة الأقارب، أو تمارس من طرف وسائل الإعلام المستهلكة داخل الأسرة، كالبرامج التي تهتم بشؤون الأسرة، أو تمارس من خلال تدخل الأصدقاء، أو أطراف أخرى من مؤسسات المجتمع. 6
• الوساطة المباشرة، الممأسسة أو المقصودة:
يقصد ب “مباشرة”، أن الأطراف يدركون نوع التدخل والهدف منه، أما “ممأسسة مقصودة”، فتعني كون المتدخل يعمل في إطار قانوني يقصده المتنازعون برغبة منهم وإرادة للبحث عن حل.
ف ” الوساطة الأسرية هي سيرورة للبناء أو إعادة البناء للروابط الأسرية، التي تتمحور أو ترتكز على الاستقلالية ومسؤولية الأشخاص المتضررين من وضعيات القطيعة أو الانفصال، من خلال تدخل طرف محايد، مستقل، مؤهل ودون سلطة اتخاذ القرار، هو الوسيط الأسري، الذي يتمكن من خلال تنظيم مقابلات سرية خلال تواصله، من تدبير ومعالجة الخلاف والتوتر والصراع في مجال الأسرة المتنوع والمتطور”. 7