تخليدا للذكرى الثانية عشرة لرحيل الإمام المجدد المرشد عبد السلام ياسين رحمه الله، وفـي إطار المحور الذي اختير لهذه الذكرى وهو الشباب، تأتـي هذه المساهمة لتسلط الضوء علـى مجال غاية فـي الأهمية، أوْلاهُ رحمه الله اهتماما خاصا، إنه احتضان التلاميذ والطلبة، وعيا منه بقيمة هذه الفئة فـي تنزيل أي مشروع تغييري، فـ”الشباب -كما يقول رحمه الله فـي مؤلفه الإسلام غدا- هو القوة الأكثر فاعلية وحيوية في المجتمع”.
بُعيد قرار رفع الحصار الجائر الذي امتد لعقد من الزمن، ومنذ صيف 2001م بدأت اللقاءات مع التلاميذ تحت الإشراف المباشر للإمام المجدد المرشد وبحضور وجوه الصف الأول من قيادة الجماعة وعلى رأسهم أعضاء مجلس الإرشاد؛ لقاءات مفتوحة مع تلاميذ وطلبة الجماعة من مختلف ربوع البلاد انطبعت مضامينها الفكرية والقلبية فـي وجدان أفواج من فتية الجماعة، وأسهمت فـي تصحيح الوجهة، وشحذ الهمة لطلب معالـي الأمور فـي كل مجال.
لقد كان حريصا رحمه الله علـى بسط مشروع العدل والاحسان بأسلوبه السهل الممتنع ينفذ إلى أعماق القلوب، خلال هاته اللقاءات التـي أضحت دورات تدريبية وتأهيلية وبنائية فـي أجواء من الانشراح والبسط والجدية والمسؤولية؛ فكان الوافدون يجدون بغيتهم فيما يُتداوَل وبأسلوب حواري تفاعلـي من قضايا ومواضيع؛ حيث كان الإمام المرشد رحمه الله يحدّث زائريه من التلاميذ والشباب عن كليات وأساسيات الأمور من قبيل:
– بر الوالدين.
– المواظبة علـى أداء الصلوات المفروضة فـي وقتها.
– تعهد القرآن الكريم تلاوة وحفظا.
– حسن الخلق مع الأقارب والجيران، ومع الزملاء فـي المؤسسة والمُدرسين.
– الرفقة الصالحة.
– الاجتهاد فـي الدراسة، فالنجيب نجيب الدراسة والدعوة معا.
– الاهتمام باللغة العربية أساسا والانفتاح على باقـي اللغات الحية.
– الاستعمال الراشد لشبكة الأنترنت.
– استثمار أوقات الفراغ فيما يُفيد: مطالعة، رياضة…
لقد أنبت الله تعالـى هذه اللقاءات نباتا طيبا، وكان من ثمارها تأهيل طلائع شبابية كانت بصمة التربية الإيمانية التـي بثها الإمام المجدد المرشد رحمه الله فـي القلوب، وتعهدها بالسؤال ودوام التوجيه؛ طلائع شبابية حازت حظا وافرا من التربية، كما حازت شهادات علمية مشهود لها اليوم بالكفاءة والأهلية فـي مجال تخصصها.
احتضان واهتمام بالشباب نهل من الهدي النبوي، وهو الحريص رحمه الله علـى دوام التذكير بضرورة التَّتَلمُذ بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال: “أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رفيقا، فلما ظن أنا قد اشتقنا أهلنا، سألنا عمن تركنا بعدنا، فأخبرناه، قال: ارجعوا إلى أهليكم، فأقيموا فيهم، وعلموهم، ومروهم، وصلوا كما رأيتموني أصلي، فإذا حضرت الصلاة، فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكبركم”.
رحم الله الإمام المجدد المرشد عبد السلام ياسين علـى ما بذل من جهود مشكورة مأجورة، تربية لأفواج من التلاميذ والشباب يُسهمون اليوم من مواقع تخصصاتهم فـي بلورة المشروع الإسلامـي، مثلما يُسهمون فـي صلاح الوطن خدمة للعباد والبلاد.