الإمام والشباب

Cover Image for الإمام والشباب
نشر بتاريخ

يقول الله عز وجل: وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ سورة آل عمران، الآية 140.

لن نتحدث عنك اليوم، يا إمام، بصيغة الغائب، لأنك دائما حاضر معنا في القلوب والعقول. كتبت هذه الكلمات بأنامل أصيبت بالرعاش من وحي قلب يحن لمجالستك ومشافهتك في زمن النسيان.

جعلتَ، رحمك الله، قلوب الشباب تتطهر من الدرن، والعقول من العفن. غاية من أجل تحقيقها جعلتنا نحج إليك أفواجا من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق. حقيقة غاضت المناوئين فشددوا عليك الحصار منذ رسالة الإسلام أو الطوفان.

رغم الحصار وشدته، استطاع ثلة من الشباب اقتحام الحصار، فانتظموا انتظاما وحملوا فكرك المنهاجي في القرى والجبال والسهول والهضاب، لينشروا المنهاج النبوي بين الناس؛ مسترشدين بهدي سيد الخلق. عن عائشة رضي الله عنها: أَن النبيَّ ﷺ قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ” رواه مسلم.

كلما دخلت عليك يا إمام، تستقبلني بابتسامة وفرح وابتهاج، وتسألني أسئلة وكأنك فتحت صدري واطلعت على ما يخالجني من اضطراب، وكشفت عن دماغي ورصدت ما به من هوس وكدر. لتناولني ورقة صغيرة وقلم، ثم تلقنني كلمات نورانية ودرر نفيسة، تنتشلني من وهدة الطريق ومستنقع المسير.

يهديك الإمام عند لقائه قولا بليغا وحكما بالغة، بنظرة حانية وصوت رخيم ينفذ إلى القلب ليعالج من سقمه ثم إلى العقل لتصوب أفكاره، وتنتظم في خيط ناظم.

استفاد من علمك الشباب، ومن حلمك الرجال والنساء، واشتد عودهم وتقوى بعد ضَعف وهوان؛ فاكتسبوا إرادة اقتحامية بفضل صحبة الرجال في حلق الذكر ومجالس القرآن وحولوها إلى قوة اقتحامية في   ميادين المدافعة والبناء.

لكَ مني عهد يا إمام، مهما طال الزمن أو قصر، مهما جحد الوافي أو نكر، مهما قل الحزن أو كثر، مهما شعرنا بالألم أو القهر، ستظلّ للدنيا نورا، ستظلّ معنا في القلوب مدى الدهر.

 قد نغيب كالغروب وقد يلهينا الزمن، ولكن يبقى نبض القلب لا ينسى الرجال.

والسلام على الإمام عبد السلام.