إن منطق الزوجية يفرض حركة خيرية متكاملة، فالصالحات للصالحين، والصالحون للصالحات، يتعاونان على الدنيا والآخرة، فتطيب الحياة، وتكون الدنيا عبورا إلى دار البقاء.
إن الصلاح رفقة وصحبة، سبيل للحياة الطيبة الخالدة، وقاية أخلاقية للطرفين، فالزوجة تتمسك بالدين حين ترى زوجها صالحا، والزوج يغار من صلاح زوجته ويقلدها خفية، بحركة القدوة لا بحركة العناد، حركة الوفاء للصلاح، والإخلال بالوفاء “مفاصلة في الواقع”، فالصلاح فيصل عقدي يحسم في الزوجية كأصل لسائر العلاقات.
إن الصلاح الفردي يكتمل بالحركة الزوجية، وكأن لسان الآية يقول وأن من كل صلاح خلقنا زوجين، فلا يكتمل أحدهما إلا بالآخر، فالصالحة تبني الصالح، والصالح يبني الصالحة، فيكون البناء والنظام والدولة والأمة.
إن الزوجية الصالحة أصل كل صلاح وكل تنشئة، ولن تصلح الأمة إذا لم تصلح الزوجية.
إن الصلاح مناعة ضد “الانهمامات” و”الإغراءات”، كحد أدنى للزوجية، ما بعده إلا فقدان البوصلة.
فصلاح الزوجية بإصلاحها، لما فيها من الحركية والاستزادة والارتقاء والانحساس، حين نحس بالزوجية، ولما فيها من التشبث بعصمة الدين، ولما فيها من الكمال.
نقول (اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا)، إذا كان الزواج نصف الدين فالزوجية كمال الدين، وإصلاح النصفين إصلاح للزوجية وكمال للتدين، فدين الله كامل وإصلاحه بالتدين الزوجي، فالنصف هنا غير محدد، أهو نصف الزوج، حتى لا أقول الرجل أم نصف الزوجة، حتى لا أقول المرأة، فالزوج في اللغة يقال للمرأة والرجل، وتلك “المناصفة الزوجية” التي منحها الله بالخلق والوجود، والمودة والرحمة.
لقد مكن الله تعالى المرأة المسلمة من مشاعر الرحمة والقرب من الفطرة والحرص على التدين والخوف من يوم الحساب، أن جعلها مدرسة للآداب والأخلاق، مدرسة الرعاية، و”العرعار التربوي”، حيث تجدر التربية وتستنبتها، وتزهر “الخيرية”، بعيدا عن “النضالية الجوفاء” والرغبة في خلق المعارك الهامشية المفتعلة التي تحجب المشاكل الحقيقية داخل البيت وخارجه.
إن “العرعار التربوي” هو مشروع التعاون على الصلاح والحياة الطيبة في الدنيا والحسنى في الآخرة من عمل صلاحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون النحل97، والعرعار خشب متجدر في الأرض عشرات الأمتار تجدر القيم والأخلاق، وهو خشب مغربي بامتياز.
“العرعار التربوي” تنشئة تستمر في مراحل العمر كله، تضمن استمرارية الآثار الأبجدية الأولى التي لا يمكن أن تضيع، الجذور المستنبتة في أرض الواقع، التي تضخ الحيوية كلما أصيبت الذات بالفتور أو الاعوجاج، الحصانة المستمرة للأجيال المقبلة، التقويم الذي يصلح التنشئة الرسمية المعوجة.
أختي الفقيهة بالشرع والمتمكنة من أحكامه، المنظرة لمقاصده، المناضلة المدافعة عن حقوق المستضعفين، المخططة للمشاريع، المبادرة لحل المشاكل، المربية لأبناء المسلمين، المؤمنة بيوم الدين، هذا مشروع “العرعار التربوي” لنا وللأجيال التي ستأتي.