إذا كانت كل حكومة في نهاية ولايتها تقدم حصيلة إلى ناخبيها فماذا حققت الحكومة المغربية من إنجازات تدفع الناخب للتصالح مع صناديق الاقتراع أو إعادة الثقة في العملية السياسية؟
هناك مؤشرات إحصائية، يمكن أن يلاحظها المراقب خلال 100 يوم من عمر أية الحكومة، وذلك بالقيام بعدد من الاجراءات والسياسات التي لن تكلف الميزانية شيئا، لكن الكل انتظر 5 سنوات، فلم يحصد إلا التخريب الاستراتيجي الممنهج.
شرعية الإنجاز تجد سندها في لغة الارقام والإحصاءات والإنجازات، بعيدا عن لغة الخشب وتسويق الوهم.
مرتبة المغرب في مؤشر التنمية البشرية لم تراوح المرتبة 126 عالميا، وهي مرتبة مخزية، تدين الحكم والحكومة.
حكومة أهم إنجازاتها ازدياد مهول في حجم المديونية. حكومة شعارها الضرائب والزيادات. حكومة كل حلولها قائمة على الاقتراض من الخارج، ورهن مستقبل أجيال قادمة لعقود من الزمن.
لنضع حقل التعليم تحت المجهر كعينة لما نقول:
1. التعليم ازداد ترديا وتخلفا وهدرا مدرسيا بتفشي الغش، بفعل استراتيجيات الهدم الممنهج المتبعة منذ عقود، ليصل لأسفل الدركات عالميا وعربيا وإفريقيا.
2. عدد الجامعات لم يتجاوز 10 جامعات منذ عقود خلت، في حين الجارة الجزائر لها 60 جامعة.
3. بيع التعليم العمومي في المزاد العلني، بتقليص عدد المدارس، بل وبيع كثير منها للخواص، وتشجيع التعليم الخصوصي، وضرب مبدإ المجانية، لتستقيل الحكومة من واجباتها الحيوية.
4. تجميد أجور رجال التعليم، وتجميد التوظيف في أسلاك التعليم رغم الخصاص المهول.
5. الاكتظاظ الخرافي في الصفوف الدراسية ليصل في بعض المدارس سنة 2016 ما بين 70 و 80 تلميذا في القسم الواحد.
6. تعليم موغل في النمطية وتخلف المقررات الدراسية القائمة على الحفظ من أجل الامتحان، بعيدا عن العقلانية وأعمال المنطق المنتج للمعرفة.
7. تعليم عال متخلف، قائم على الزبونية والمحسوبية، تعليم منقطع عن الواقع ومتطلبات العصر، تعليم قائم على استيراد التجارب الفاشلة في بيئتها.
فهل للحكومة أي عذر لتعتذر به بعدما بشرت بدستور 2011 الذي منحها صلاحيات واسعة كما تقول؟ لماذا كل هذا الفشل الذريع؟ لماذا تقدم غيرنا وتخلف بلدنا؟
فلنأت بتجربة كانت لها نفس البيئة التي عندنا. إنها تركيا. ولنتحدث بلغة الأرقام بعيدا عن الخطاب الديماغوجي الانتخابي، لغة أرقام تكون وسيلة إيضاح مؤلمة، لنعرف حجم الجريمة المرتكبة في حق هذا الوطن وأبنائه.
التجربة النهضوية التركية في أرقام
تحتل تركيا المرتبة 6 بين الدول الأوربية 27 وعالميا المرتبة 17، بعدما كانت في المرتبة 111 سنة 2002.
2. كان إجمالي الدخل العام السنوي 2002 ما قدره 236 مليار دولار ، ليبلغ سنة 2012 ما قدره 786 مليار دولار، في أفق أن يصل إلى 2 ترليون دولار سنة 2023.
3. احتياطي البنك المركزي بلغ سنة 2002 ما قدره 27 مليار دولار، ليصل سنة 136 مليار دولار سنة 2011.
4. كان حجم المديونية لصندوق النقد الدولي 23.5 مليار دولار سنة 2002، ليتم سدادها عن آخرها سنة 2013
فنسلط الضوء على تجربة التعليم التركية:
تم افتتاح أكثر من 100 جامعة مدة 11 سنة، أي من 2002 إلى سنة 2011، والتي تخرج سنويا حوالي 600 ألف خريج.
حصة التعليم من الميزانية العامة كانت سنة 2002 حوالي 9.4، لتصل سنة 2011 حوالي 18 في المائة.
كان عدد مراكز البحث العلمي والتطوير 5 سنة 2002، ليصل إلى 52 مركزا سنة 2013.
أهم إنجازات السياسة التعليمية التركية
1. زيادة كبيرة في عدد الصفوف الدراسية، في ظرف 11 سنة تم إحداث ما مجموعه 160 ألف غرفة دراسية.
2. ثورة تكنولوجية في التعليم.
3. انترنيت سريع للمدارس.
4. تحديث المناهج والمقررات الدراسية، وذلك بإلغاء المناهج الدراسية القائمة على الحفظ، إلى مناهج و مقررات تدفع الطلاب للتفكير واستخدام المنطق والعقلانية.
5. دعم تام لطلبة الجامعات بمضاعفتها حوالي 6 مرات.
6. فتح جامعات في كافة المدن، ليفتح الباب أمام كل من يريد إتمام دراسته العليا.
7. جامعات ذات معايير عالمية، حيث إن الجامعات التركية مصنفة ضمن 400 جامعة عالميا.
8. سن التعليم غير محدود.
9. مضاعفة عدد المعلمين وتحسين ظروفهم، برفع مرتباتهم بنسبة 200 في المائة.
10. تحسين إمكانات المدارس.
11. مضاعفة المنح الدراسية في المستوى الأساسي إلى 7 مرات.
12. فتح حسابات مصرفية للأمهات وليات أمر الطلبة، دعما للأسر المعوزة.
13. منشآت مدرسية جديدة في القرى.
14. حملة الفتاة إلى المدرسة، لمحاربة الهدر المدرسي عند البنات.
15. جسر المحبة بين الطلبة الصغار.
16. مساعدة الأطفال الشهداء.
17. رفع المعوقات عن التعليم، ومنها إدماج الأشخاص ذوي الاعاقة، فمنذ سنة 2004 تمكن 97 ألف شخص من ولوج المدرسة بدوام كامل، ليضاعف العدد إلى 10 مرات.
هذه الإنجازات والأرقام أسقطت أوراق التوت على ما تبقى من سوءات الحكومة.
يا ساداتي أعمال العقلاء مصانة عن العبث، فهل ننتظر عقودا أخرى ليسوق الوهم لنا وللأجيال القادمة؟ فلنجرب مقاطعة هذه المهازل ولا نكون شهود زور نُسأل عنها أمام الله وأمام التاريخ.