أصدرت منظمة أوكسفام تقريرا دوليا ترصد فيه “انفجارا في اللامساواة“، وذلك بفعل تزايد أعداد أصحاب الثراء الفاحش وتضاعف ثرواتهم، في حين نشهد على الأرجح أكبر زيادة في اللامساواة والفقر العالميين منذ الحرب العالمية الثانية.
التقرير الصادر عن المنظمة غير الحكومية منتصف الشهر الجاري، أكد أن “كلّ ملياردير حصل منذ عام 2020 على ما يقارب 1.7 مليون دولار مقابل كل دولار من الثروة العالمية الجديدة التي يكسبها شخص من أفقر 90% من البشرية”، وهكذا “استحوذ أغنى %1 من البشر على ما يقرب من ثلثي جميع الثروة الجديدة التي تراكمت ويشكل ذلك ستة أضعاف ما حصل عليه أفقر %90 من البشرية”.
ويضيف التقرير أننا نعيش “لحظة غير مسبوقة من الأزمات المتعددة” حيث يعاني عشرات الملايين من الناس من الجوع، فيما يواجه مئات الملايين ارتفاعًا غير منطقي في تكلفة السلع الأساسية أو تدفئة منازلهم. ويؤدي انهيار المناخ إلى شلّ الاقتصادات، فيما يرغم الجفاف والأعاصير والفيضانات الناس على النزوح عن منازلهم. ولا يزال الملايين يعانون من التأثير المستمر لجائحة كورونا التي أودت بحياة أكثر من 20 مليون شخص، مع تفاقم الفقر لأول مرة منذ 25 عاماً. وفي الوقت نفسه، “ثمّة رابحون من جميع هذه الأزمات المتعدّدة” إذ أصبح الأغنياء أكثر ثراءً بشكل كبير وبلغت أرباح الشركات مستويات قياسية، ما أدى إلى انفجار في اللامساواة.
ويقول البنك الدولي -حسب ما يورد تقرير المنظمة- إننا نشهد على الأرجح أكبر زيادة في اللامساواة والفقر العالميين منذ الحرب العالمية الثانية، حيث تواجه بلدان بأكملها خطر الإفلاس؛ إذ وصل إنفاق البلدان الأشدّ على سداد الديون إلى الدائنين الأغنياء أربعة أضعاف ما تنفقه على الرعاية الصحية، بينما تخطط ثلاثة أرباع حكومات العالم خفض الإنفاق على القطاع العام بسبب التقشف –بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم– بمقدار 7.8 تريليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
تقرير المنظمة يتابع بالتأكيد أن “أزمة تكاليف المعيشة الحالية”، مع تصاعد أسعار الغذاء والطاقة، تخلق “مكاسب هائلة للمتربعين على قمة الهرم، وتشهد شركات الغذاء والطاقة تحقيق أرباح هائلة، وتقدّم مدفوعات قياسية لمساهميها الأثرياء وأصحاب المليارات. ويدفع التربح من أسعار الشركات بما لا يقل عن 50 بالمئة من التضخم”، مضيفا بوصفها أزمةً “هي بسبب «تكلفة الربح» بقدر ما هي أزمة تكاليف المعيشة”. ولهذا السبب ارتفعت ثروة أصحاب المليارات في عام 2022 مع الارتفاع السريع في أرباح الغذاء والطاقة.
المنظمة قالت “إن فرض الضرائب على أصحاب الثراء الفاحش هو الشرط الاستراتيجي لتقليص اللامساواة وإعادة إحياء الديمقراطية. ونحن بحاجة إلى فعل ذلك من أجل الابتكار. ومن أجل خدمات عامة أقوى. ومن أجل مجتمعات أكثر سعادة وصحّة. ولمعالجة أزمة المناخ، من خلال الاستثمار في الحلول التي تواجه الانبعاثات الجنونية لأغنى الأثرياء”.
وأضافت بالقول “إن فرض الضرائب على أصحاب الثراء الفاحش والشركات الكبرى هو السبيل إلى الخروج من الأزمات المتداخلة اليوم. لقد حان الوقت لهدم الأسطورة القائلة بأن التخفيضات الضريبية للأغنياء تؤدي إلى تقاطر ثرواتهم بطريقة أو بأخرى إلى الآخرين. فقد أظهر أربعون عاما من التخفيضات الضريبية للأثرياء أن المد لا يرفع جميع السفن – وإنما يرفع اليخوت الفارهة فقط”.
واقترحت المنظمة عددا من الإجراءات منها “فرض ضرائب تضامنية على الثروة مرة واحدة وضرائب على الأرباح غير المتوقعة لوقف التربح من الأزمات” و”ضريبة استثنائية على الثروة وضريبة على أرباح الأسهم، وزيادة الضرائب على مداخيل العمل”، وأيضا “زيادة ممنهجة وواسعة النطاق في الضرائب المفروضة على أصحاب الثراء الفاحش لاستعادة مكاسب الأزمة المدفوعة بالمال العام والتربح”، مع “تمكين الإدارات العامة وإدارة الضرائب من تعقب ثروات أغنى الأشخاص والشركات”، وإنهاء “الاستيلاء السياسي وضمان المشاركة المتساوية في صنع السياسات الضريبية”، وكذلك اقترحت “فرض ضرائب أكبر على الأرباح الاستثنائية، مثل المليارات التي حققتها مجموعات النفط في الأشهر الأخيرة بفضل ارتفاع أسعار الطاقة على خلفية الحرب في أوكرانيا”.