امتحان الوحدة:
مر أزيد من عام على معركة طوفان الأقصى المباركة، والمرابطون في غزة وأكناف غزة صامدون، هم وإخوانهم من كل أطياف المقاومة الباسلة في لبنان واليمن والعراق. يتصدى الشرفاء جنبا إلى جنب، يدا واحدة تدفع أثمان العزة والشرف، وتسترخص أرواحها فداء لنصرة الأقصى وفلسطين، رمز وعنوان معركة وجود الأمة، على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله.
تآزر وتحالف وقف بالمرصاد في وجه الصهاينة الغاصبين وقوى الإمبريالية العالمية التي لم تتوان في تزويدهم بأعتى أنواع العتاد والسلاح في حرب إبادة لم يشهد لها التاريخ مثيلا ربما حتى إبان الحربين العالميتين.
هذا التحالف الشجاع الذي وقف في وجه عدو الأمة الإسلامية الأول، ذلك السرطان الخبيث الذي زرعته القوى الإمبريالية في قلب الأمة في مشروع جهنمي للإجهاز على دينها ومقومات حضارتها والاستئثار بخيراتها، تشكل من قوى وطنية وإسلامية تمثل في مجملها المذاهب التي افترق عليها المسلمون منذ قرون، خاصة مذهبي السنة والشيعة، أظهر على السطح من ينفخ في نار الحروب العقدية والنعرات الطائفية بشكل هستيري ومثير، باستدعاء مفردات ومعارك الخلاف المذهبي القروني المزمن ممزوجة أو معضدة بالأحداث المفجعة والمآسي الأليمة التي شهدتها مختلف دول الهلال الخصيب ليس أولها حرب صدام على إيران، ونرجو أن تكون آخرها حروب سوريا واليمن.
والمثير للدهشة والاستغراب أن هذه الدعوات تسير في ركب واحد مع تصريحات القادة الصهاينة المغتصبين، الذين خرجوا من جحورهم ليعبروا عن قلقهم من المد “الشيعي” المتزايد في المنطقة، وأنهم سيقفون جنبا إلى جنب مع أهل “السنة” ليذودوا عن عقيدة الأمة!
أدع جانبا هذه التصريحات الواضحة الفاضحة وأمضي لأقول بأنني لست هنا بصدد فتح ملف المحاكمات وتوزيع صكوك البراءة أو الاتهام، ولا بصدد التهوين مما اقترفته أيدي المجرمين سواء كانوا من هذا المعسكر أو ذاك، وسيأتي يوم لا بد فيه من محاسبة كل الأطراف المتورطة في هتك الأعراض وسفك دماء الأبرياء، في هذه الحروب المتلبسة بلبوس المذهبية التي فرضتها أجندات الصهيونية والإمبريالية على دويلات “سايس بيكو”.
قصدي هنا، أن أضع من يقرأ هذه الكلمات، على خط الأفق الرحب الذي يرسمه القرآن الكريم الذي هو مرجع المسلمين كافة، في مشارق الأرض ومغاربها، مهما تعددت هوياتهم واختلفت مذاهبهم. وأربأ بكل عاقل يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ويحمل في صدره هم عزة أمة الإسلام أن ينأى بنفسه أن يكون وقودا في هذه الحرب الشيطانية المستعرة: «إن سَمحْنا لأنفسنا بالانفعال لا نضبطه وسِرْنا مع مستفزات المواجهة الحالية على مستوى من حرارة الغضب عالية، ولم نضع أعمالنا في ميزان العدل والعفو والأخوة ناظرين إلى مستقبل الإسلام الطويل المدى لا إلى مواقع أقدامنا الملغمة، فلن نزيد الفتنة إلا اشتعالا، ولن نزيد البغي إلا انتشارا» 1.
القرآن الكريم الذي هو رسالة رب العالمين، للمؤمنين وللناس أجمعين، دعوة للتوحيد؛ توحيد الله بالألوهية والربوبية: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ 2.
وأكد كلام الله عز وجل أن من شروط التوحيد الخالص ذلك الذي يفضي إلى وحدة المسلمين. وما ألح سبحانه عز وجل على أمر كما ألح على الوحدة بين المسلمين، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا، كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ 3.
ولقد ربط سبحانه وتعالى ربطا بديعا ووثيقا بين العبادة والتقوى، وهما أصالة شأنان فرديان يتعلقان بعلاقة المؤمنين بربهم، بالشأن الاجتماعي والسياسي، وهو كون المسلمين، أمة التوحيد، أمةً واحدة. فقال عز من قائل: إِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ 4، وقال أيضا: وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ 5.
يعلق الشيخ محمد متولي الشعراوي على هذه القضية العظيمة قائلا: “بعد أن تكلَّم الحق سبحانه وتعالى عن المعركة بين الإيمان والكفر أراد هنا أن يتكلم عن معركة أخرى لا تقلّ خطورة عن الأولى، وهي معركة الفُرْقة والاختلاف بين صفوف المؤمنين، ليحذرنا من الخلافات التي تشقُّ عصانا، وتفُتُّ في عَضُد الأمة وتُضعفها أمام أعدائها، اتقوا الله في هذه الأمة الواحدة وأبقوا على وحدتها، واحذروا ما يُفرِّقها من خلافات حول فروع إن اختلف البعض عليها اتهموا الآخرين بالكفر؛ لأنهم يريدون أنْ يَنْهبوا من الدين الجامع سلطة زمنية لأنفسهم” 6.
أمة واحدة:
الأمة أمة واحدة لأنها تتلقى أوامرها من إله واحد وتخضع لمعبود واحد، وحدتها وتماسكها يعتمدان على قاعدة الإيمان بالله وحده وإفراده بالعبودية، فكلما كانت المرجعية الدينية والأخلاقية واحدة، فإن هذا يعزز الوحدة ويقوي الاندماج العاطفي بين أفرادها، وكلما حادوا عن إخلاص العبودية لله وحده وأشركوا معه الأغيار والأهواء فمصيرهم لا محالة سيفضي إلى الفرقة والشتات.
الأمة مفهوم قرآني أصيل: “قال صاحب الكشاف: الأمة الملة وهو إشارة إلى ملة الإسلام، أي إن ملة الإسلام هي ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها يشار إليها بملة واحدة غير مختلفة” 7، “وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ”، فشرطها المشروط من فوق سبع سماوات الوحدة، لا يغير من هذا الشرط السماوي ما أحدثه ويحدثه المفتونون من المسلمين جراء ما كسبت أيديهم. يقول أحد فلاسفة هذا العصر بعد دخوله إلى الإسلام واكتشافه لهذا المعنى الرباني الجليل: «إن المجتمع الإسلاميَّ ليس ثمرةً «لِعَقْدٍ اجتماعيٍّ». بل هو تعبير عن وحدة الإيمان، المبنيِّ على اليقين، بأن هناك غايةً تتجاوز المصالح الفردية، وحتى المصالح الجماعية، مهما كانت واسعةً -القبيلة، المدينة، الطبقة، القومية، الكتلة الإيديولوجية-. هذه الوحدة (وحدة الأمة) تمتد إلى الإنسانية في مجموع تاريخها، وفي مجموع نظرتها للمستقبل. إنّ الوحدة الإسلامية -«الأمة»- تحمل تلك العالمية لأن كل عضو من أعضائها مرتبط بكل عضو آخر -من وراء فروق الجنس والأرض والتاريخ- بروابط الإيمان الواحد بوجود الله. ومن وجهة النظر هذه الإسلامية الصرفة فإن «القومية» مرضٌ غربيٌّ وميراث مُخْزٍ للتجزئة التي فرضها الاستعمار على أرض المسلمين» 8.
كيف السبيل إلى هذه الوحدة المقدسة، ولا نجد إلا من يزيد الجرح نكئاً، يتمرس كل فريق تحت لواء آراء وفتاوى يستخرجها من بطون أسفار كُتِبَ معظمها بمداد الخلافات والحروب التي تلت نكبة “الانكسار التاريخي” الأليم، حيث بدأ انتقاض الأمر، وتحوَّل من الخلافة على منهاج النبوة إلى الملك العاض.
من تلك الأعالي بدأ التدحرج وتوسع الخلاف حتى أصبح كل حديث عن الوحدة التي هي من صميم عقيدة التوحيد حلما ساذجا “طوباويا” في أحسن الحالات، أو مروقا وزندقة عند دعاة “السلفية” التي تتغذى على موائد ملوك الجبر، دُمَى الصهيونية العالمية، أو على سُفْرات أئمة الطائفية تحت شعارات ثارات آل البيت، سواء بسواء.
ندرك تمام الإدراك أن “جمع الأمة من التفرق الغثائيِّ الخموليِّ، ومن اختلاف المذاهب، ومن تعدد المناهج والحركات، ومن قطرية الدويلات القومية، لمهمة ما سبق في الإسلام أن تصدى لمثلها جيل، ولا قاربها في سمو المطمح وخطورة التحدي ووُعورة الطريق سابقة” 9. حاذينا هو يقيننا في موعود الله أن الغلبة لله ولرسوله وللمؤمنين هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وتصديقنا ببشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن بعد قرون العض والجبر؛ سيفتح الله للأمة بالخلافة الثانية على منهاج النبوة.
نحتاج بإذن الله وبحوله وقوته إلى ثورة عميقة تزحزح مخلفات تاريخ الفتنة عن قواعده، وتؤسس لفهم نوراني يستقي من معين القرآن ومن السنة المطهرة الصحيحة بهدف تحرير المسلمين، خاصتهم وعامتهم، من كل العقليات، والذهنيات المثبطة، والمنهزمة، والفاسدة.
ولأن الوحدة لا ترتجل، ولا يمكن أن نطوي قرون الفتنة بين عشية وضحاها، نحتاج إلى علماء ربانيين وعلم يساعد المسلمين على فهم ما وقع ويقع، لتحديد العقبات ووضع الخطط اللازمة لاقتحامها.
وحدة بالمحبة، وحدة السلوك:
بعد أنْ بيَّنا أنَّ عقيدة التوحيد في كتاب الله عز وجل لا تنفك أبدا عن وحدة الأمة، ننتقل هنا إلى الحديث عن المنهاج النبوي وكيف يعالج عينيا وعمليا هذه المعضلة.
قال تعالى: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شيعا كل حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ 10، شعب الإيمان في هذه الآية: عدم الإشراك بالله وتقواه والإنابة إليه وإقامة الصلاة. في تساوق تام مع الدعوة إلى الوحدة والتحذير من الفرقة. وهذا دليل صريح على أن التحلي بشعب الإيمان وصفة نبوية لتطبيب أمراض القلوب من النعرات الجاهلية، قال صلى الله عليه وسلم: «إن اللَّه قد أذهب عنكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان: برٌّ تقي كريم على اللَّه، وفاجر شقي هين على اللَّه، والناس بنو آدم، وخلق اللَّه آدم من تراب» 11، وبالإيمان وتجديد معانيه في القلوب تربو المحبة بين المؤمنين ويسمو الشعور لديهم بقيمة الأخوة التي وصفهم بها كلام رب العالمين إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ، ويترسخ شعورهم بالانتماء إلى أمة واحدة: “وشعب الإيمان بعددها الواسع وشمولها للعقيدة، والعاطفة، والحركة، وكل السلوك، هي المضمون الذي يتجسد فيه الإيمان طريقا إلى الله، وحلا لمشاكل المجتمع والأمة… فنهر الإيمان بشعبه يمثل وحدة سلوك تكسر الحواجز، حواجز الأنانيات، والعادات، وسائر الحدود النفسية، والاجتماعية، والسياسية، والمصلحية، التي ضربت بين أفراد مجتمعاتنا المفتونة الطبقية، وبين مجتمع وطني قومي وآخر” 12.
وحدة بالقوة، التكامل الاقتصادي:
نكون مجرد ملائكيين حالمين إذا كنا نعتقد أن المدخل الروحي والأخلاقي (أي التربوي) يكفي وحده لإرساء دعائم الوحدة إن لم نؤسس شروط هاته الوحدة ونرسخها بالوسائل المادية اللازمة. معركة طوفان الأقصى أظهرت بجلاء تحالف المتحكمين في السلاح والاقتصاد والمال مع المستمسكين بزمام السياسة العالمية يدا في يد مع الكيان الصهيوني المحتل رغم كل ما يفرقهم من الخلافات العرقية والعقدية والإيديولوجية، بينما يتناحر أهل القبلة الواحدة يكفر بعضهم بعضا، بل ويشمت بعضهم ببعض أن نالت منه الآلة الجهنمية لبني صهيون.
القدرات الاقتصادية والمؤهلات البشرية للدول الإسلامية سلاح قوي لو استطعنا استغلاله نحو فك رقابنا من سيطرة قوى الاستكبار، يقول الإمام المجدد: «وما ضرورات الاقتصاد التي تلزم المسلمين بالتفكير في التكامل الاقتصادي إلا عصاً مِن عِصِيِّ القدَر الإلهي تسوقنا إلى الوحدة كما يُلهِبُ ظهورنا إليها الإسفين الصهيوني في قلب كياننا. إسفين لن نستطيع نزعه إلا بوحدة تقوينا» 13.
وحدة بالقوة، التحرر من الاستبداد:
التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية طريق لاحب لبناء جسور الوحدة المرجوة، لكن الواقع العالمي وسياسة قوى الاستكبار تحول دون ذلك باستعمال كل الوسائل والأساليب. يساعدها في بسط سيطرتها الاقتصادية والمالية تواطؤ معظم زعماء الدول الإسلامية وحكوماتها، التي تعتبر في غالبها حكومات استبدادية لا تعبر عن إرادة شعوبها المستضعفة. وتعتمد في استمرارها وبقائها على التبعية السياسية والأمنية والاقتصادية لقوى الاستكبار العالمي.
ولهذا السبب نعزو فشل عدد من مبادرات الوحدة الاقتصادية بين بعض الدول الإسلامية، أبرزها مشروع D8 14 الذي أطلقه المفكر الإسلامي، رئيس الوزراء التركي الأسبق السيد نجم الدين أربكان رحمه الله. لم تنجح المجموعة في تحقيق النتائج المرجوة رغم أن عدد سكانها يناهز 14% من ساكنة العالم. فصار من الضروري أن يكون إسقاط الاستبداد الذي هو عنوان التبعية لقوى الاستكبار، شرطا وخطوة ضرورية وحاجة ملحة في سبيل تحقيق الوحدة المنشودة. فكلما تحررت دولة من دول عالمنا الإسلامي، واستقلت بقراراتها السياسية، كان بإمكانها إبرام اتفاقيات شراكة وتعاون اقتصادي وسياسي مع نظيراتها.
المصير المحتوم:
تُعد الفتنة التي مزقت شمل الأمة ولا تزال تفرق صفوفها من أعظم المحن التي ابتُلي بها المسلمون، فداحتها شكلت عبئًا ثقيلًا ألقى بكلكله على معتقداتهم وتصوراتهم حتى أصبح الانقسام والفرقة قدرا لا يتصور تجاوزه: “وما مَثَلُ هذه الأمة في تفرق أقطارها ومذاهبها إلا كمثل أرض واسعة زُلزِلَتْ زلزالَها فانشقت جُزُراً تفصل بينها بحارٌ من نار. وطال العهد فاختلفت لغةُ السكان، وذوقُ الطعام، ولونُ الحياة. ونسِيَ الناس ما كان لهم من وحدة إلا حكماءُ يذْكُرون العهد الأول قبل الزلزال، ويبشرون بعودته، ويسعون لتجديده. وقد نشأت في كل جزيرة أجيال لا تعرف ما قبل الزلزال، ولا تحب أن تسمع ما سوى الوجود المتكسر. فهي تحارب وتكيد كلَّ من يحن لما قبل الزلزال. أفرأيت إن لم يجمَعْ حكماءُ كل جزيرة جهود أنصارهم لتحرير الجزيرة أولا أكانوا يستطيعون وهم تحت الأغلال تحرير الجزُر الأخرى، وإطفاءَ النار، ورَدْمَ الفجوات؟” 15.
حكماءُ كل جزيرة هم أولئك الناظرون المستبصرون بنور القرآن ومنهاج النبوة الساطع، من يحدوهم اليقين أن الأمة سائرة نحو وعد الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنها على موعد مع العزة والنصر إن هي تابت إلى الله وأحكمت الأسباب وأعدت القوة، واستشعرت شعورا عميقا أن وحدتها مسألة حياة أو موت، وأنها حسب تعبير الإمام عبد السلام ياسين “أم المقاصد وشرط تحقيقها”.
[2] سورة الانبياء، الآية 25.
[3] سورة آل عمران، الآيتان 102 و103.
[4] سورة الأنبياء، الآية 92.
[5] سورة المؤمنون، الآية 52.
[6] محمد متولي الشعراوي، الخواطر، ج 16، ص 57.
[7] الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، تفسير سورة الأنبياء، الآية 92.
[8] روجيه جارودي، وعود الإسلام، ترجمة د- ذوقان قرقوط، دار الرقي، الطبعة الثانية، ص71.
[9] عبد السلام ياسين، جماعة المسلمين ورابطتها، الطبعة الثانية 2018، ص 63.
[10] سورة الروم، الآيتان 31 و32.
[11] أخرجه الترمذي، عن عبد الله بن عمر، الحديث رقم 3270.
[12] عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا، ط الخامسة 2022، ص 140-141.
[13] عبد السلام ياسين، العدل الإسلاميون والحكم، الطبعة الثالثة 2018، ص 250.
[14] مجموعة الدول الثماني الإسلامية النامية هي منظمة دولية تضم: مصر، ونيجيريا، وباكستان، وإيران، وإندونيسيا، وماليزيا، وتركيا، وبنغلاديش. تهدف المنظمة إلى تدعيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين الدول المنظمة، تأسست المنظمة في تركيا عام 1997م.
[15] عبد السلام ياسين، جماعة المسلمين ورابطتها، ط 2-2018، ص 172.