أكد بيان للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن اعتقال محمد أعراب باعسو بمدينة مكناس، يندرج ضمن ما زالت تبدعه الدولة وتفبركه من ملفات “من أجل إسكات وإخراس الصحفيين والسياسيين”، موضحة أن ذلك يُلحَظُ بشكل جلي في ملفات مشابهة مثل ملف هشام المنصوري، وتوفيق بوعشرين، وسليمان الريسوني وعمر الراضي “الذين أُلبِسوا تهما ذات طابع أخلاقي لتشويههم والمس بسمعتهم أمام الرأي العام الوطني والدولي”.
واعتبرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن تجربة “العدالة الانتقالية المغربية” بعد أكثر من 17 سنة على انطلاق مسلسلها، “ظلت موضوعيا محدودة ولا تستوفي كل المعايير المتطلبة فيها، وليست تجربة رائدة وغير مسبوقة في تجارب العدالة الانتقالية العالمية، كما تقدمها الدولة ومروجو ومسوقو خطابها”.
وأصدرت الجمعية يوم 06 يناير 2023 بيانا حول “مآل مسلسل ما سمي بالعدالة الانتقالية بالمغرب والمطالب المستعجلة بصدده”، موضحة أن هذه التجربة تأسست بالمغرب على أنقاض تجربتين، الأولى؛ هيئة التحكيم لتعويض ضحايا الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، “التي اختزلت معالجة ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جبر الضرر الفردي وبشروط مجحفة”. والثانية؛ العمل الذي نهضت به تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة.
الجمعية في بيان تقييمها للمنجز من هذه التجربة، أكدت أنها تختلف عن التجارب العالمية الأخرى، من حيث إنها محملة بعدد من “المفارقات الغريبة”، مشددة على أن إنشاء هيئة لمعالجة ملف ماضي الانتهاكات، “لم يأت بناء على تحول سياسي فعلي، بل جاء في إطار استمرارية نفس النظام الذي عرف انتقالا للسلطة فقط، وجاء محملا، في بداية عهده، بوعود لم تتحقق، فيما ظل جوهره الاستبدادي على حاله، حتى في دستور يوليوز 2011”.
ومن المفارقات التي ذكرها البيان، اعتبار الفلسفة التي قام عليها مسلسل الإنصاف والمصالحة والمتمثلة في عدم التكرار في الحاضر والمستقبل، “تزامن عند انطلاق عمل الهيئة مع تجدد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بعد الأحداث الإرهابية في 16 ماي 2003 بالدار البيضاء”.
وقد صاحب تلك الأحداث -وفق البيان – اعتقالات شملت الآلاف ممن سمو بالسلفية الجهادية، واختطافات مع التعذيب المؤدي إلى الموت، وإقامة للمحاكمات غير العادلة بقانون مكافحة الإرهاب، وهو ما تراه الجمعية ما يزال مستمرا.
وفي مفارقة أخرى، ترى الجمعية أن استمرار الإفلات من العقاب “يشجع على تكرار الانتهاكات، خاصة مع وجود مسؤولين عن الانتهاكات في الماضي، ما زالوا يحتلون مواقع رئيسة في الأجهزة الأمنية والمخابراتية المختلفة، بل وتتم ترقيتهم”.
وشددت الجمعية الحقوقية البارزة في المغرب، على أن ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ببلادنا ما زال مفتوحا، “وهو ما يستدعي من الدولة المغربية العمل في اتجاه التجاوب مع المطالب الدنيا للحركة الحقوقية المغربية”.