الدكتور عمر أمكاسو في الكلمة الختامية للمؤتمر

Cover Image for الدكتور عمر أمكاسو في الكلمة الختامية للمؤتمر
نشر بتاريخ

ألقى الدكتور عمر أمكاسو، المدير التنفيذي لمؤتمر مركزية القرآن الكريم في نظرية المنهاج النبوي عند الأستاذ عبد السلام ياسين، كلمة ختامية للمؤتمر، هذا نصها الكامل:

إخواني الأفاضل، أخواتي الفضليات، لا أجد ما أختم به هذه التظاهرة المباركة، وهذه الجولات الشيقة والعميقة من الفكر والدعوة والتداول التي بذلتموها مشكورين جميعا، لا أجد ما أختم به خيرا من كلمة للأستاذ عبد السلام ياسين نفسه، الذي نحتفي به في هذا المؤتمر، أقتطفها من أحد كتبه، وأحسبها رسالة موجهة إلينا جميعا، نحن الذين وفقنا الله تعالى لنحضر في هذا المؤتمر.

يقول الأستاذ عبد السلام ياسين:

“لا تحسب أن المنهاج النبوي الذي تحدثت لك عنه كل هذه الصفحات الطوال يكون منهاجا نبويا إن هو لم يجمعك على الله تعالى، ولم يستحثك للإقبال عليه عز وجل، ولم يوقظ همتك إليه.

لا تحسب أن مقاومة الظلم والكفر، وإقامة الدولة الإسلامية، تفيدك أنت شخصيا في الدار الآخرة وعند الله تعالى إن لم يكن حبه وطاعته وخدمة دعوته ونصرة قضيته هي فكرك ومعناك، هي غذاءك وشرابك، هي جسمك وروحك، هي حياتك وموتك

وما الأموات من انتقلوا للدار الآخرة. فتلك النقلة حق. وبعد ذلك الموت نشر وبعث وحساب وجنة ونار. قال الله سبحانه وتعالى: فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله. أولئك في ضلال مبين (سورة الزمر، الآية: 22).

إنما الميت ميت القلب، لا يرجى له حياة هنا ولا هناك نعوذ بالله. قال الله تعالى: ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا (سورة الإسراء، الآية: 72) عمى البصيرة نعوذ بالله. وما أدراك ما حياة القلب، وما البصيرة، إن لم تذكر ربك! “مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر الله، مثل الحي والميت” حديث رواه البخاري ومسلم بنحوه.

إنما الميت الغافل عن الله المعرض عن ذكره، المنكر أن الله وحده يعز ويذل، يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب.

إنما الميت من فاته حظه من الله.

إنما الميت من يأتيه حينه عند حضور ملك الموت، فينظر إلى حياته يجدها بلقعا من الخير، ما عرف لما خلق، وما سعى ليتقرب إلى الله بالفرض والنفل، ولو صلى وصام وقال: إني مسلم.

ابك على نفسك وابحث عن داع إلى الله على بصيرة يأخذ بيدك، يسلكك، يدلك على الله ويعلمك كيف تحبس نفسك على مكارهها، كيف تقتحم العقبة إلى الله تعالى، كيف تصل إليه، كيف تعرفه. قال الله تعالى يحكي وصية لقمان لابنه: واتبع سبيل من أناب إلي (سورة لقمان، الآية: 15).

إنما الميت من قرأ القرآن وما أفاق من الغفلات. من عبر حياته الدنيا ولم يقف لحظة ليسأل عن الخالق. من قرأ في الكتاب والسنة الدلالة التامة على الله ولم يسمع لوم يتفكر ولم يعقل، ولم يرد وجه الله، ولم يصبر مع الذين يريدون وجهه، ولم يشتق لربه، ولم يحب لقاءه.

فاته أن يتوب فيتاب عليه.

فاته أن يستغفر فيغفر له.

فاته أن يسأل فيعطى. وأفضل ما تسأل فضل الله، ثم رضى الله، ثم وجه الله. فاته أن يكون مع المحسنين.

مع.

ولا تنس أن المعية مع الذين أنعم الله عليه، معية هنا وهناك، هي معنى الصحبة. وقد جعلنا الصحبة شطر الخصلة الأولى والجماعة شطرها الآخر.

فاعرف لم تتحرك الجماعات وأين تتجه، وتأكد أن تحافظ أينما كنت لتكون الوجهة الله، والموعد الله، ولتبقى الوجهة الله، والموعد الله.

لا إله إلا الله محمد رسول الله.”

في آخر هذا المؤتمر المبارك، أجدد الشكر لجميع من شارك من قريب أو من بعيد في إنجاح هذه التظاهرة. واسمحوا لي أن أخص بالشكر الإخوة في تركيا، وعلى رأسهم الإخوة في ISAF الذين بذلوا لنا كل العون وكل النصح وكل الإرشاد من أجل أن ينعقد هذا المؤتمر بهذه الطريقة. شكر الله لكم جميعا جهودكم. وفقكم الله جميعا. نسأل الله عز وجل أن يمن علينا بلقاءات أخرى وبجولات أخرى في فكر هذا الرجل وفي فكر غيره من هؤلاء الأفذاذ المجددين الذين يبعثهم الله تعالى ليجدد بهم أمر هذه الأمة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.