مقدمة
عرفت منطقة الشرق الأوسط وخصوصا إقليم بيت المقدس على مدى التاريخ البعيد هجمات وحشية وحملات متتالية اتصفت بالعنف والبطش فقد قتل الصليبيون سبعين ألف مسلم في حملتهم على بيت المقدس وقتل التتار بالعراق مليوني مسلم.
أما في العصر الحديث فقد تغير شكل الحملات وظهر مستعمرون جدد، باحثون عن طرق لتجارتهم وعن مواد لصناعتهم وعن مكان لتحقيق أهدافهم وأحلامهم في أوطان تحقق توسعهم ورغدهم، فاتخذوا أساليب الحماية والانتداب تارة والاستعمار المباشر وإلحاق المستعمرة ببلدهم تارة أخرى. أشكال اختلفت وتوحدت في النتيجة، كان من أبرزها الانتداب البريطاني على فلسطين والذي نتج عنه إنشاء “دولة يهودية” في إقليم بيت المقدس، بتخطيط من الحركة الصهيونية التي كانت تبحث عن مكان يأوي اليهود ويجمع شتاتهم وبرعاية بريطانيا كدولة متزعمة للحركة الاستعمارية في هذه الفترة من نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين
سأحاول في هذا الموضوع أن أبحث من خلال ثلاثة مباحث عن أصل هذه “الدولة اليهودية” ـالدولة العازلة ـ التي أنشأتها بريطانيا، هل هي مشروع استعماري؟ أم مشروع صهيوني؟ ام هي نتيجة زواج غير شرعي بين الحركتين والمشروعين الامبريالي والصهيوني؟
الأول: حول الحركة الاستعمارية.
الثاني: حول الحركة الصهيونية.
الثالث: عن العلاقة التي تربطهم.
1) الحركة الاستعمارية
الاستعمار هو استيلاء دولة على دولة أخرى أو شعب على شعب آخر بهدف نهب خيراته وثرواته وتسخير طاقات أفراده والعمل على استثمار مرافقه المختلفة 1.
هذا التعريف يشمل أنواعا مختلفة من الاستعمار كأن تضع دولة ما أخرى تحت حمايتها وتسلبها حريتها حيث يكون للدولة المحمية شبه سيادة داخلية يمارسها حكام وطنيون تديرهم الدولة المستعمرة الحامية بطريقة غير مباشرة. يترتب عن ذلك وبموجب بنود الحماية حرمان الدول المحمية من التمثيل الدبلوماسي المستقل وحق إبرام المعاهدات الخارجية. وهذا ما فعلته فرنسا في تونس والمغرب وقامت به بريطانيا في مصر ما بين عامي 1914 ـ1922 2.
وبعد الحرب العالمية الأولى ظهر شكل جديد من أشكال الاستعمار أقرته عصبة الأمم المتحدة التي أسست أصلا لنشر السلام ومنع الحروب، هذا الشكل الجديد هو الانتداب، الذي أجيز في المادة 22 حيث اعتبر طريقة للنهوض بالأمم والشعوب القاصرة والأخذ بيدها لتكون قادرة على تسيير أمورها، لكنه في الحقيقة هو غطاء لاستعمار محمي بالقانون ووسيلة لامتصاص خيرات الشعوب 3. إضافة إلى ذلك كان هناك ضم مباشر لبعض الدول كالذي فعلته فرنسا مع الجزائر.
1) 1- تاريخ الاستعمار
بدأ الاستعمار الغربي للعالم مع بداية عصور النهضة في أوروبا، ودعوات الإصلاح الديني في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، فبدأت الطموحات والتحركات للإطباق على العالم الإسلامي من أجل تحقيق الأهداف الاستعمارية المختلفة الدينية والسياسية والاقتصادية.
وبحلول عام 1499 م توصل “فاسكودي جاما” إلى طريق رأس الرجاء الصالح، فوصل البرتغاليون إلى الشواطئ الهندية وأسسوا مستعمرات ومراكز تجارية في أماكن مختلفة من السواحل التي وصلوا إليها، إضافة إلى ذلك سيطروا على شواطئ غرب إفريقيا وشرقها وأيضا شواطئ الخليج وفارس.
أما بريطانيا فقد أنشأت سنة 1600 م أول جهاز استعماري لها تحت اسم شركة الهند الشرقية البريطانية، وكذا فعلت فرنسا عام 1664 م وبدأ الصراع والتنافس بين الدولتين، وانتهى بانتصار الانجليز عام 1775م وخروج فرنسا من الهند والصين.
في عام 1798م وصل “نابليون” إلى مصر يقود حملة عليها وحاول السيطرة على بلاد الشام لكنه فشل في ذلك، وفي عام 1827م أعلن الملك “شارل العاشر” اعتزام فرنسا إنشاء مستعمرة ذات شأن في شمال إفريقيا، وتم احتلال الجزائر عام 1830م وبعدها وضعت الحماية على تونس بموجب ميثاق “باردو”، ثم السينغال ومدغشقر ثم المغرب عام 1912م وسورية عام 1920م.
أما بريطانيا فوضعت مصر تحت الحماية عام 1882م بعدما احتلت بلاد البنغال والبنجاب واحتلت أيضا نيجيريا والسودان والعراق عام 1919م ثم الأردن عام 1920م.
وبالنسبة للإيطاليين فقد احتلوا الصومال وأرييتريا عام 1887م واحتلت ليبيا عام 1914م، وفي المشرق الإسلامي انقض الروس على بلاد المسلمين وضموها إلى بلادهم، من بلاد الأورال وطشقند ثم القوقاز وبخارى وأخيرا التركستان عام 1884م وقد استمرت السيطرة الروسية على بعض هذه البلاد إلى عصرنا الحالي وتحررت أخرى بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1990م. فيما تحررت البلاد الإسلامية جملة من الاستعمار الفرنسي والإنجليزي والإيطالي في أواسط القرن العشرين.
1) 2- دوافع الاستعمار
يمكن القول بأن الاستعمار الغربي للبلاد الأخرى وخصوصا منها العربية الإسلامية تدخل في إطار التدافع الطبيعي بين الشرق والغرب، تغيرت ظروفه وأهدافه ووسائله بتغير الأزمان، ويدخل في إطار ميل النفس البشرية إلى السيطرة والتوسع والبحث عن الأفضل، ثم إن من طبيعة التدافع على المصالح بين البشر أن يمكر القوي بالضعيف، وأن يقترن الاستكبار في الأرض بالمكر، تلك سنة الله، قال الله تعالى يخبر عن قريش في سورة فاطر آية 43 وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير مازادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيء 4، لكن ما يميز هذا الأوروبي هو قسوته، وقسوته هذه حسب الغزالي منسجمة مع قربه من الهمجية والتخلف، حيث تزيد الوحشية ضراوة عند النصارى الذين يعتقدون بالنجاة من العقاب لإيمانه القوي بالمسيح، أو حصوله على صك من صكوك الغفران ليدخل في ملكوت الله 5.
وخلال تاريخ الحركة الاستعمارية الغربية للعالم الإسلامي أظهر المستعمر صورا قاتمة ملؤها الظلم والاستغلال، فقد ارتكب المستعمر مجازر بحق الشعوب التي قامت تدافع عن دينها وخيراتها، وقد استطاع الاستعمار الغربي المسيحي السيطرة على المسلمين في وسط آسيا وشرقها، واتخذ من شمال إفريقيا منطقة نفوذ، وبذلك طوق العالم الإسلامي من الشرق والغرب، وحاول تسليط ألاعيبه على المنطقة التي توسطت الطرفين، ورغم محاولات المستعمر تصوير أنها هجمات استعمارية أهدافها اقتصادية أو اجتماعية لكنها كانت حملات لها أهمية دينية بالدرجة الأولى، ويدل على ذلك قولة اللورد “اللنبي” حين دخل فلسطين سنة 1917م “اليوم انتهت الحروب الصليبية” ما يفهم منه أن الهدف الديني كان حاضرا بقوة وقد أطلق وزير الخارجية البريطاني “لويد جورج” على الحرب العالمية الأولى اسم “الحرب الصليبية” نضيف إلى ذلك ما فعله الجنرال “غورو” بعد أن دخل دمشق، توجه إلى قبر “صلاح الدين” وركله قائلا: “ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين”. فالعداوة بين الاستعمار والإسلام عداوة تاريخية جغرافية نفسية.
جسدت بريطانيا الدور الاستعماري الغربي في خلق دويلة اليهود على أرض فلسطين حيث أطلت سنة 1919 معلنة انتهاء الحرب العالمية الأولى بانتصار فرنسا وبريطانيا، فأصبحت فلسطين تحت الانتداب البريطاني التي وضعت اليهودي المتعصب “هيربت صمويل” مندوبا ساميا في فلسطين والذي سيعبد الطريق لتنفيذ أهداف الصهيونية وتحقيق وعد بلفور عن طريق فتح باب الهجرة لليهود، وتسهيل ملكية الأراضي لليهود… الذين يعتبرون فلسطين أرضهم.
2) الحركة الصهيونية
الصهيونية هي حركة سياسية يهودية، ظهرت أواخر القرن التاسع عشر في وسط وشرق أوروبا، كانت تدعو اليهود للعودة إلى أرض الأجداد، ارتبطت بشخص اليهودي النمساوي “هرتزل” الذي يعتبر الداعية الأول للفكر الصهيوني والذي تقوم الحركة الصهيونية على آرائه، كلمة “الصهيونية” مشتقة من كلمة “صهيون” وهو أحد أسماء جبل يوجد في القدس.
يرى بعض الدارسين أن بدايات الفكر الصهيوني كانت في بريطانيا في القرن السابع عشر، وذلك في صفوف بعض الأوساط البروتستانتية المتطرفة التي كانت تنادي بضرورة عودة اليهود إلى فلسطين، كشرط لتحقيق الخلاص وعودة المسيح، كما يرى آخرون أن الصهيونية نشأت كرد فعل على ما سمي بمعاداة السامية، فتبلورت فكرة تغيير واقع اليهود في أوروبا وتشكيل وطن قومي يجمعهم من كل أنحاء العالم.
2) 1- أسباب الظهور
يعود ظهور الصهيونية لأسباب عديدة منها فشل المسيحية الغربية في التوصل إلى رؤية واضحة بخصوص الأقليات، خصوصا اليهود باعتبارهم قتلة المسيح حسب زعمهم؛ وقد كان اليهود يشكلون جماعات مستقرة الأعمال والوظائف لكن ظهور البرجوازيات والدولة القومية العلمانية، هز وضعهم وكان عليهم البحث عن وظيفة جديدة، يضيف بعض المفكرين أن الإرهاب الذي تعرض له اليهود في العالم سرع من ظهور الحركة الصهيونية وانتشارها، وزيادة قوتها على الأرض.
2) 2- الحشد الدولي
عقدت الحركة الصهيونية عدة مؤتمرات أولها مؤتمر “بازل” عام 1897م برئاسة “تيودور هارتزل” الذي حدد الهدف الرئيس من المؤتمر، وهو وضع الحجر الأساس لوطن قومي يهودي، كما أكد أن المسألة اليهودية لا يمكن حلها من خلال التوطن البطيء أو التسلل بدون مفاوضات سياسية وضمانات دولية، أو اعتراف دولي بالمشروع الاستيطاني من قبل الدول الكبرى. وتوالت المؤتمرات من أجل كسب الدعم ومواجهة المعارضة من طرف الجماعات اليهودية فكانت أهم أساليب القيادة الصهيونية التركيز على مسألة معاداة اليهود، وكراهية اليهود وتعرضهم الدائم للاضطهاد. مع المبالغة في التسويق لحال المستوطنين اليهود في فلسطين وسوء أحوالهم. ثم استمر “هرتزل في الدعوة لمؤتمراته الداعمة لمشروعه ومحاولته توفير الدعم المالي للاستيطان والتهجير، حتى تم اختيار العاصمة البريطانية لندن للمؤتمر الرابع عام 1900م لإدراك قادة الحركة الصهيونية في ذلك الوقت تعاظم مصالح بريطانيا في المنطقة، ومن تم استهدفوا التنسيق معها، فاستطاعت الحركة الصهيونية أن تحقق إنجازين مهمين الحصول على وعد “بلفور ” وإقامة كيان لليهود سمي دولة إسرائيل، وبذلك تكون الحركة الصهيونية قد ربحت حليفا قويا أخذ على عاتقه مهمة تحقيق أهدافها لاقتناعها منذ البدء أن “لندن هي الطريق الذي يوصل إلى فلسطين” كما قال “وايزمان” في مذكراته.
3) الحركة الاستعمارية والحركة الصهيونية أية علاقة؟
كانت بريطانيا الدولة الاستعمارية الأكثر نفوذا، وكانت كما سجل التاريخ الدولة الأوروبية التي ساندت الصهيونية وحملت أعباء تحقيقها لأهدافها، هناك عدة عوامل جعلت البريطانيين يقفون إلى جانب الصهيونيين من أجل إنشاء الوطن القومي، الذي هو في الحقيقة كيان عازل أحدث في إقليم بيت المقدس، أول هذه العوامل العامل الديني أو الروحي، حيث أكد “وايزمان ” زعيم الحركة في مذكراته أن “بلفور” و “تشرشل” و”لويد جورج”. كانوا متدينيين ومؤمنين بالتوراة وبالتالي كانوا ينظرون للفكر الصهيوني بكل احترام.
ويمكن أن نضيف أيضا لتأكيد العلاقة بين الفريقين أن احتلال مصر عام 1882م كان في عام تأسيس الحركة الصهيونية، التي أعلنت عام 1897م، ثم أن قسما من اليهود بحث مع الحكومة البريطانية إمكانية إنشاء الوطن القومي اليهودي في سيناء تمهيدا للدخول لفلسطين.
وقد تبنت بريطانيا كل قرارات المؤتمر الصهيوني العالمي في “بازل” بسويسرا عام 1897م، كما أن السفير البريطاني في استانبول عمل بنشاط حينها من أجل دعم “هرتزل” في زيارته للعاصمة العثمانية. وأظهر ضغوطات على السلطان والحكومة العثمانية لقبول مطالب هرتزل ومن الثابت أن بريطانيا لعبت أدوارا كبيرة من أجل تحطيم الدولة العثمانية، هدفها من وراء ذلك الاستيلاء على الولايات المشرقية العربية التابعة للعثمانيين لأغراض استعمارية، ثم السيطرة على فلسطين لتحويلها إلى دولة يهودية من أجل إجهاض أي فكرة للوحدة العربية، ثم حاجزا سياسيا وعسكريا بين مشرق الوطن العربي ومغربه، وتكون كيانا عازلا ووقائيا متقدما لبريطانيا في المنطقة العربية تحمي مصالحه وقواعده فيها، ثم أن أوروبا كانت في حاجة ماسة إلى حوض يستقبل ما فاض عنها من العنصر اليهودي، بالغ الذكاء، فائق النشاط، شديد المهارة في التجارة، العنصر المزعج الذي تنظم وألح على الأمم الأوروبية السالكة سبيل الديمقراطية أن تمنحه حقوقا وتملكه أرضا تطلع عليها الشمس 6
أصبحت نوايا بريطانيا وسياستها وأهدافها أكثر وضوحا بعد الحرب الكونية الأولى ما بين عام 1914م 1918م بعد نقضها لعهودها مع الشريف “حسين” لمساعدة العرب على تحرير بلادهم بلسان “ماكماهون ” ثم سعيها لإخراج فلسطين من نطاق البلاد العربية الموعودة بالاستقلال تمهيدا لسيطرة بريطانيا عليها تنفيذا لمخطط بعيد المدى إرساء دعائم الدولة العازلة. وقد اتفق الحلفاء المستعمرون عبر اتفافيات سرية منها معاهدة “سايس بيكو” و”باليالوغ سازانوف” على تقسيم الأراضي العربية بين فرنسا وبريطانيا، وجعلت فلسطين من نصيب بريطانيا فسقطت فلسطين في يدهم عام 1917م فظهر حينذاك وجود تفاهم قوي بين بريطانيا والحركة الصهيونية، ففضلا عن وعد بلفور شكلت بريطانيا فرقة نقل يهودية وألحقتها بالجيش البريطاني الذي بدأ الزحف إلى فلسطين من مصر بقيادة الجنرال اللنبي، كما سلحت الكثير من الشباب اليهود، ووافقت على إلحاق لجنة استشارية صهيونية برئاسة وايزمان إلى القيادة العامة البريطانية منذ بداية الزحف إلى فلسطين وحتى إتمام احتلالها. إضافة إلى ذلك جعل البريطانيون من وعد بلفور قاعدة يرتكزون عليها لتهويد فلسطين، وفتحوا الباب للهجرة والاستيلاء على الأراضي، وسمحت لهم بإنشاء نواد وجمعيات ومؤسسات شبه عسكرية، وقد اعتمدت بريطانيا صك الانتداب على فلسطين قاعدة عامة لإسكات كل صوت يقف أمام سياستها الهادفة إلى تهويد فلسطين، وعينت اليهود الصهاينة على رأس إدارة الشؤون في فلسطين؛ سواء إداريا أو اقتصاديا أو اجتماعيا… وقد أهملت هذه الإدارة مصالح العرب بل وأضرت بها في جميع المجالات.
حاولت الحكومات البريطانية المتعاقبة الحصول على اعتراف من الفلسطينيين بوجودها بحثا عن الشرعية، وقد لجأت لمختلف الأساليب مثل مشروع إنشاء مجلس تشريعي وأيضا مجلس استشاري وغيرهما، لكن دون جدوى لأن الشعب الفلسطيني لم يقبل ولم ينخرط في هذه المشاريع.
كانت بريطانيا الاستعمارية تدعي باستمرار أن سياستها في فلسطين محايدة تعمل على مصالح العرب، رغم أنها كانت تواصل دعمها للهجرة اليهودية، كما كانت تؤكد دائما على أن ما يجري في فلسطين شأن داخلي هي وحدها المسؤول عنه، رافضة نقله إلى المجتمع الدولي حتى ظهر لها أن الوقت مناسب لذلك عام 1946م فرفعت القضية بالتواطؤ مع الصهيونية العالمية والولايات المتحدة الأمريكية التي كانت تساندها في كل خطواتها، على منظمة الأمم المتحدة التي أصدرت قرارا بتقسيم فلسطين عام 1947م وعندما نشبت الثورة الفلسطينية ضد التقسيم، سارعت بريطانيا إلى مساعدة اليهود واضطهاد العرب، وقدمت لليهود الأسلحة ووفرت لهم الحماية.
وفي شهر شباط 1948م انسحبت انجلترا من تل أبيب ومن أراض واسعة منحتها لليهود… تاركة المجال للحركة الصهيونية كي تعلن قيام دولة إسرائيل. وكل ذلك يثبت أن هناك علاقة وطيدة بين الحركة الصهيونية والحركة الاستعمارية ويبدوان شريكين متحالفين، وفر الاستعمار للصهاينة الوسائل والأسباب والدعم، وحقق الصهاينة للاستعمار وجود موطن قدم متقدم جدا يصون المصالح ويسهر على المواقع.
الخاتمة
في الأخير وجبت الإجابة المباشرة عن السؤال المباشر، هل الدولة العازلة مشروع استعماري أم مشروع صهيوني؟ فتظهر الإجابة في كونه مشروعا صهيونيا تلاقت أهدافه مع أطماع استعمارية سخرت كل مجهوداتها المباشرة وغير المباشرة لتحقيقه، والأرض الموعودة المسترجعة ليست سوى مرحلة انتقالية نحو إسرائيل الكبرى، لكن القراءة القرآنية كفيلة بأن تحصر آلام الحاضر وهزائمه ونكساته، لتعطينا يقينا في موعود الله بالنصر شريطة أن نقود جميعا معركتنا بيقين أن وعد الله هو المنار الذي يوجه إلى شاطئ الأمان ويدل على أنسب الرياح للإبحار، ويبقى علينا أن نحسن استشراف الأفق، ونحذر فخاخ الجزر القاتلة 7 وكما قال الفيلسوف اللاتيني “سينيكا”: “لا يمكن للمركب الذي يجهل وجهته أن يحسن استغلال الرياح المناسبة”.
[2] محاضرات في الاستعمار مصطفى الشهابي ص 15 ـ 20.
[3] محاضرات في الاستعمار مصطفى الشهابي ص 15 ـ 20.
[4] سنة الله عبد السلام ياسين ص 235.
[5] الاستعمار أحقاد وأطماع محمد الغزالي ص 36.
[6] ينظر الإسلام والحداثة عبد السلام ياسين ص 124 ـ 147.
[7] الإسلام والحداثة عبد السلام ياسين ص 124 ـ 147.