يعرف البعض السياسة التعليمية في جملتها أنها: تحديد الشكل العام للمراحل التعليمية التي ينتظم فيها المتعلم، وأهداف كل مرحلة من هذه المراحل، ومجموعة الخطط والبرامج والاتجاهات، وكذلك القوانين والقواعد والنظم والأسس العامة التي تسير على ضوئها وبهديها عملية التربية والتعليم فيه).
أما عند ربط السياسة التعليمية ببلد معين فإنها تعكس مدى ثقافته وتوجهاته وتطلعاته وتطوره في المجالات الأخرى، لذلك نجد الدول المتقدمة ناجحة في سياساتها التعليمية، فأنظمتها التعليمية مرنة وكذلك في نفس الوقت منفتحة على التطورات المختلفة فتجدها تعد العدة لمستجدات العصر ومستلزماته وتأخذ بعين الاعتبار المراحل التي يمر منها المجتمع واحتياجاته، ومتطلبات كل مرحلة، بعكس الأنظمة التعليمية في المجتمعات المتخلفة كالمغرب نموذجا، والتي تحكمها أنظمة الاستبداد التي تستثمر سياساتها في الجهل والأمية، وتفتقد إلى الرؤية المستقبلية في بناء سياسة تعليمية ملائمة لتطورات العصر ومتطلباته، لذلك تبقى أنظمتها التعليمية فاشلة ومنغلقة وعوض أن يكون التعليم أساس قيام تنمية مستدامة في البلد، يكون عاملا سلبيا يعمق الأزمة المستدامة في البلد ذاته.
ويرى البعض أن النظام التعليمي المغربي، إن سلمنا بوجوده، لا يرقى إلى مستوى نظام متكامل، لهذا تجده غير قادر على الخروج من الأزمة التي تعتريه وتواجهه، بل أصبح يكدس ويكرس الأزمة المجتمعية على جميع الأصعدة، كما أنه عاجز عن خلق علاقات منسجمة ومتكاملة بين عناصره المؤسساتية والبشرية، فمن يرسم السياسات في خندق، والخبراء مع الأسف في “الهامش”، أما الطرف الثالث فهو الذي تنزل عليه القرارات وما عليه إلا أن ينفذ ويطيع ويطبق ما أمر به، وبطبيعة الحال فإن الأنظمة التعليمية التي تتميز بهذه الخصائص، تكون عواقبها كارثية على شعوبها ومستقبل.
وأشارت بعض الدراسات التي أنجزت حول السياسة التعليمية بالعالم العربي مقارنة بدول أخرى إلى النقاط التالية:
1 مستوى التعليم في الوطن العربي متخلف بالمقارنة بالمناطق الأخرى في العالم.
2. يحتاج نظام التعليم العربي إلى إصلاحات عاجلة لمواجهة مشكلة البطالة وغيرها من التحديات الاقتصادية.
3. على الرغم من أن معظم الأطفال في العديد من الدول العربية استطاعوا الاستفادة من التعليم الإلزامي، وتقلصت الفجوة بين تعليم الجنسين؛ إلا أن الدول العربية ما زالت متخلفة عن كثير من الدول النامية في هذا المجال.
4. خصصت الدول العربية 5% فقط من إجمالي الناتج المحلي، و20% من إجمالي الإنفاق الحكومي على التعليم خلال الأربعين سنة الماضية.
5. توجد فجوات كبيرة بين ما حققته الأنظمة التعليمية في العالم العربي، وبين ما تحتاجه المنطقة في عملية التنمية الاقتصادية.
6. وأشارت الدراسات إلى أن أحد أسباب ضعف العلاقة بين التعليم وضعف النمو الاقتصادي هو انخفاض مستوى التعليم بشكل كبير.
7. وذكر التقرير أنه برغم كل الجهود العربية للقضاء على الأمية، ما زال معدل الأمية في الوطن العربي يماثل المعدل في دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية.
8. وخلص الباحثون إلى أن جميع البلدان العربية تحتاج إلى مسارات جديدة في إصلاح أنظمتها التعليمية؛ من أجل الحوافز والمساءلة العامة، إلى جانب اتخاذ الإجراءات الفاعلة لتحسين مستويات المخرجات التعليمية إلى سوق العمل.
إن مشكلات التعليم في الوطن العربي عموما وفي المغرب خصوصا هي في الواقع منظومة معقدة ومتشابكة من المشاكل التي يعاني منها عالمنا العربي في كافة المجالات، فالمشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لها دور أساسي في زيادة مشاكل التعليم على صعيد وطننا العربي، ولا يمكن حل المشاكل العالقة ما لم نبدأ بتشخيص الداء ومنبعه، ومحاولة وضع خارطة طريق صالحة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعندها نبدأ مسيرة البحث العلمي الحقيقي، ونتجرد في حل المشاكل، وبعدها سنبدأ بعملية الإصلاح الحقيقية التي سوف تقودنا بإذن الله تعالى إلى التغييرات المنشودة.