إنيّ رأيتُ شبابَ العدلِ معْتَجِراً
تاج الجهاد وبالإحسان متشحا 1
أستهل هذه المقدمة بهذه الأبيات الشعرية لما للشباب من أهمية بالغة في تحقيق آمال الأمة مستقبلا بعون الله تعالى. فعلا الشباب اليوم هم أمل لغد مشرق، فهم بمثابة دعامة من الدعامات الكبرى للمجتمع لما لهذه الفئة من ميزات عظام، فهم يتسمون بالقوة والعنفوان والجرأة والشجاعة والإقدام والحب في التغيير والتطلع إلى الأفضل.
وقد خص الله سبحانه وتعالى هذه الفئة باهتمام خاص في كتابه الكريم وكذلك سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام سواء الرجال منهم أو النساء، نذكر على سبيل المثال حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكر فيه السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله، من بينهم شاب نشأ في عبادة الله. فكيف نستثمر هذه الفترة من الشباب، حتى لا نكون من المغبونين فيها، وحتى نحقق ما نرجوه من خير للمجتمع وللأمة جمعاء؟
في مجتمعنا نرى شبابا حائرا تائها، يتساءل: لماذا وجدت؟ وإلى أين المصير؟
شبابنا الآن مستهدف من طرف عدة تيارات ضالة ومضلة، لذلك يجب أن نأخذ بأيدي شبابنا ليخوضوا تجربتهم في الحياة بنجاح، حتى يصلوا إلى بر الأمان، وذلك بالسهر على توجيههم التوجيه الصحيح بكل ما أوتينا من طاقة وقوة، نزودهم بكل ما يستنهض هممهم ويشحن عزائمهم ويقوي إرادتهم ليفوزوا بكل ما هو صالح ومصلح.
نحميهم من كل المنزلقات التي لا تُحمد عقباها كالإدمان أو الاستقطاب من طرف تيارات فكرية عديدة. حتى إذا كبروا حمدوا الله وشكروه بما مَن تعالى عليهم من نِعم وثبات، ولا يكونوا كالذين ندموا وتأسفوا على تفريطهم وتقصيرهم في فترة شبابهم، ولسان حالهم يقول: “لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ”، سواء المرأة أو الرجل داخل الأسرة أو خارجها نرعى الشباب ونعطيه أحسن ما لدينا من تجارب ناجحة وثقافة بانية، ولا نبقى منحصرين في المفهوم الضيق لتنشئة الشباب فقط في محيط البيت، بل نتعداه إلى الحي والمدرسة والمجتمع ككل، لأنه بصلاح المجتمع يصلح الشباب وبفساده يفسد الشباب، مثل ذلك مثل البذرة التي نهيئ لها تربة خصبة صالحة لنموها وتطورها لكي تعطي ثمارا طيبة.
وفي هذا الصدد نسوق مثالا لشباب آمنوا بربهم وأبلوا البلاء الحسن في الدعوة إلى الله، وما زالت ذكراهم في كتاب الله العزيز إلى أن تقوم الساعة، فقد أعطوا القدوة الحسنة لشباب الأمة في الصمود والتضحية والثبات والشجاعة والإقدام، وقد قال فيهم الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى الكهف: 13، وقد سُميَت السورة التي ذكرت فيها قصتهم بسورة الكهف نسبة وتشريفا للكهف الذي اعتصموا فيه حفاظا على دينهم، وتأتي هذه السورة بالضبط في وسط أحزاب القرآن الكريم، ويستحب قراءة سورة الكهف كل يوم جمعة لتذكرنا بقصة أولئك الفئة من الشباب، ولكي نتأكد أن هناك دائما تدافع بين الباطل والحق في كل زمان و مكان، ولهذا السبب خُلق الإنسان ليبلونا الله سبحانه وتعالى أينا أحسن عملا .
وعن قصة أصحاب الكهف أقتطف ما كتبه الأستاذ المرشد رحمه الله تعالى: “كانوا شبابا نبذوا دين الملك الفاجر ونابذوه فهددهم وحماهم الله من بطشه فاعتزلوا وأنامهم الله 300 سنين وازدادوا تسعا، تجري عليهم سنة الله رحمة ليكونوا مثلا يضرب لكل شباب مسلم، وتجري سنة الله على دقيانوس الملك الكافر وجنده وحزبه، أهلكهم الله بأمر من عنده و الفتية نيام” 2.
“وفي انتظار بعث إسلامي يقوده مثل عمر بن عبد العزيز وعلى شرطه، أو انبعاث إسلامي تتوق إليه أفئدة الشعب وتعمل له، وتبدو بوادره في تحمس شباب الأمة للطهارة والرجولة وإظهاره إسلامه في الجامعات والمدارس والمساجد، ما هو موقفنا؟ ما موقفنا ومنطق الأحداث يتجه بكل البلاد الإسلامية إلى ضرورة الحل الإسلامي؟” 3.
رحم الله أستاذنا المرشد عبد السلام ياسين رحمة واسعة وجزاه عنا خير الجزاء، فقد كان يهتم بجميع فئات المجتمع، وكان هَمَّهُ الأكبر أن نتوب إلى الله وندعو الناس إلى التوبة. نفعنا الله بعلمه الرباني الغزير، ونسأل الله تعالى أن يستعملنا ولا يستبدلنا .