الشباب وقوة الإرادة

Cover Image for الشباب وقوة الإرادة
نشر بتاريخ

في ذكرى الوفاء الثانية عشرة نجدد العهد، ونستعرض فضل الإمام المربي علينا.

دخلنا الجماعة شبابا تملؤنا الحماسة، ويطيش بنا الاندفاع يمنة ويسرة. فوجدنا مدرسة الإمام تضع بين أيدينا منهاجا نبويا، يعلمنا كيف نجعل مقصودنا الله وغايتنا رضاه وأفقنا مقامات الإحسان، وكيف نتهمم بالأمة وحالها، ندافع في ساحة المعارك الفكرية والنضالية عن الحق والعدل نصرة لكلمة الله ودحرا للباطل الزهوق.

كانت الدنيا بداية ومنتهى وغاية، فتعلمنا من الإمام كيف نسترخصها، كيف نجعلها مطية وجسرا للآخرة، كيف نستعد للقاء الله، كيف نجعل حياتنا كلها آخرة.

كنا شبابا غايتنا ضمان مستقبل علمي من أجل عمل ووظيفة، فترقى طموحنا لطلب العلم ابتغاء وجه الله، واتباعا لنداء كتابه عز وجل، وسيرا على طريق العلماء العاملين، وتجديدا للدين، واتخاذا للعلم إماما لعمل به نرفع عن الأمة وصمة الجهل والتخلف، ونسمو بها إلى مقام الأمة التي استحقت وسام الخيرية.

أضحى لكل واحد ولكل واحدة مشروع يسعى لتحقيقه، مشروع يشترك فيه الخلاص الفردي بخلاص الأمة، مشروع سلوك واستشراف مقامات الإحسان مع حظ من الدعوة إلى الله.

كنا نسيا غُفْلا، فأصبح لنا عنوان في جماعة العدل والإحسان، عنوان طريقه خصال وشعب الإيمان ومجالس الذكر وتلاوة القرآن، والصدح بكلمة الحق والتدافع من أجل رفع الظلم ودك الطغيان.

كانت أمامنا مدارس إسلامية مختلفة، فتميزت مدرسة الإمام عبد السلام ياسين بأصالتها وشموليتها وعمقها وبتحليلها للحاضر من منظور منهاجي من أعالي التاريخ وباستحضار للواقع، فتبدد شتات تفكيرنا، وتوحد شمل أنفسنا، لأن نظرية المنهاج تجديدية وبمصفاة نبوية.

جمعنا الإمام المجدد رحمه الله تعالى في خيط ناظم مع الأنبياء والأولياء والصالحين والتابعين والصحابة وبنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، إنه خيط الصحبة الرفيع، حيث تذوقنا في الجماعة محبة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وتشربت قلوبنا صفاءها، من دعاء الرابطة، و تعمقت معانيها من اعتبار حديث “حقت محبتي” دستورا للمحبة، نتعهد مواطن الوصال في الصلوات والدعاء والمجالس لتتغذى الأرواح بلقائها ببعض في أوقات مباركة، فتدوم المحبة وتتقوى الصحبة وسط الجماعة المباركة.

علمنا الإمام – نحن الشباب – أن الحماسة سرعان ما تنطفئ، لذلك ربانا على الإرادة وعلو الهمة، فالإرادة السامقة والعلم النافع سلاح المؤمن والمؤمنة الشاهدين بالقسط القائمين لله.

لذلك خرجت الجماعة ومازالت أفواجا من الشباب القياديين فيها، وفي غيرها من المواقع والمهام والميادين التي كانوا مستأمنين على إدارتها، فبرهن الإمام رحمه الله فعلا وعلى أرض الواقع أنه أسس جماعة تصنع الرجال، جماعة أفرادها يدافعون عن المستضعفين ويفضحون جرائم الاستكبار، مستنيرين بنظرية منهاج نبوي تربية وتنظيما وزحفا.