تغفر الذنوب وتكفّر الخطايا
قال ابن الجوزي في البستان ص:358: وأما محو الخطايا والأوزار: فما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (من صلى علي في يوم الجمعة مائة مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة)، وقال صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم:(من صلى علي مرة واحدة أمر الله حافظيه أن لا يكتبا عليه ذنباً ثلاثة أيام).
وعن أبي كاهل وله صحبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا كاهل من صلى علي كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة ثلاث مرات حبا لي وشوقا إلي، كان حقا على الله أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم) أخرجه ابن أبي عاصم في فضل الصلاة له والطبراني في حديث طويل.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله سيارة من الملائكة إذا مروا بحلق الذكر قال بعضهم لبعض اقعدوا، فإذا دعا القوم أمّنوا على دعائهم، فإذا صلوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلوا معهم حتى تفرقوا، ثم يقول بعضهم لبعض طوبى لهؤلاء يرجعون مغفورا لهم) رواه أبو القاسم التيمي في ترغيبه.
وفي التحفة المرضية في الأخبار القدسية والأحاديث النبوية: قيل أنه من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم غفر له قبل أن يجلس، ومن صلى عليه وهو جالس غفر له قبل أن يقوم، ومن صلى عليه وهو نائم غفر له قبل أن يستيقظ من منامه، وذلك أن العبد إذا عاش ما شاء الله وهو على غير التوحيد فإذا أراد الله به خيرا ألهمه التوحيد وكلمة الشهادة، فأتى إلى بعض المسلمين يلقنه الشهادة ويكررها عليه، ثم يقول بعد ذلك: صل على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا فعل ذلك وحسن إسلامه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان قائما غفر له قبل أن يجلس، وإن كان قاعدا غفر له قبل أن يقوم:
صلوا على خير الأنـام محمـد
إن الصلاة عليه نـور يعقد
من كان صلى عليه قائما يغفر له
قبل القعود وللمتاب يجـدد
وكذاك إن صلـى عليـه قاعـدا
يغفر له قبل القيام ويرشـد
{حكاية}: قيل إن امرأة كان لها ولد مسرف على نفسه، وكانت أمه تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، والقضاء والقدر غالبان عليه، فمات وهو مصر على ذلك فحزنت أمه عليه حيث مات من غير توبة، فطلبت من الله أن تراه في المنام فرأته وهو يعذب، فازدادت عليه حزنا، فلما كانت بعد مدة رأته وهو على هيئة حسنة وهو فرح مسرور، فسألته عن حاله وقالت له: رأيتك تعذب ثم رأيتك تنعم، فبم نلت هذا؟ فقال مرّ رجل مسرف على نفسه بالقرافة التي أنا فيها، فنظر إلى القبور وتفكر في البعث والنشور، واعتبر بالموتى فبكى على زلته، وندم علىخطيئته، وتاب إلى الله تعالى وعقد التوبة على أن لا يعود ففرحت بتوبته ملائكة السماء، ثم إنه لما تاب وعلم الله صدق نيته قرأ شيئا من القرآن وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم عشر مرات، ثم صلى الحادية عشرة وأهدى ثوابها لأهل القرافة، فقسم ثوابها علينا، فنابني من ذلك جزء، فغفر الله لي وحصل لي من الخير ما ترين، فاعلمي يا أماه أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم نور في القبر، وتكفير للذنوب، ورحمة للأحياء والأموات.
وقيل إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يزل يسأل في أمته حتى قيل له: أما ترضى وقد أنزل الله عليك{وإن الله لذو مغفرة للناس على ظلمهم} فقد كان رسول الله مشغولا بنا أيام حياته وبعد وفاته حيث لم يترك شيئا يقرب أمته إلى الله ويبعدها عن النار إلا أمرها به، فكيف بالعبد لا يشتغل طول حياته بالصلاة عليه صلى الله وسلم عليه.
تكشف الكروب وتكثر الأرزاق
قال صاحب خزينة الأسرار ص:201-202: وأخرج ابن منده عن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي كل يوم مائة مرة {وفي رواية: من صلى علي في اليوم مائة مرة} قضى الله له مائة حاجة، سبعين في الآخرة وثلاثين في الدنيا).
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أكثر الصلاة علي أغناه الله تعالى غنى لا فقر بعده)، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى علي كل يوم خمسمائة مرة لم يفتقر أبدا)، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أكثروا من الصلاة علي فإنها تحل العقد وتفرج الكروب) كذا في النزهة…
وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من عسرت عليه حاجة {وفي رواية: حاجته} فليكثر بالصلاة علي. {وفي رواية: فأكثر بالصلاة علي} فإنها تكشف الهموم والغموم والكروب وتكثر الأرزاق وتقضي الحوائج)، وقال الإمام السيوطي إن هذه الأحاديث صحيحة، وإن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تكثر الأرزاق والبركات وتقضي الحوائج وتكشف الهموم والغموم والكروب، كلها بالمشاهدة والتجربة بين السلف والخلف، وأن التوسل بالصلاة والسلام على سيد الأنام في الأمور كلها واقع بين الإنس والجن والملائكة كما دلت عليه الآيات والأحاديث المذكورة، كما ورد في الحديث بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رأيت ليلة المعراج ملكا ساقطا على وجهه منزوع الأجنحة، متغير الصورة، فقلت: يا جبريل من هذا الملك وما شأنه؟ قال: هذا الملك كان من المقربين، بعثه الله تعالى إلى هلاك قوم، فاستبطأ شفقة عليهم، فغضب الله عليه من أربعة آلاف سنة، كما ترى، فقلت: ما له من توبة؟ فأوحى الله تعالى إلي: أن توبته أن يصلي عليك عشر مرات، فصلى الملك عليه عشر مرات، فعاد الملك إلى مقامه الأول{…}) كذا في بحر الأنوار.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (جاءني جبريل بنضرة وبشاشة، فقلت: يا جبريل ما رأيت مثل ما رأيت الآن، فقال: يا رسول الله ألا أخبرك بعجائب؟ قلت: نعم، قال: لما بلغت إلى جبل قاف، سمعت أنينا وبكاء وتضرعا من ورائه، فذهبت إليه، رأيت ملكا إذ هو ملك مقرب كسر جناحاه، فوجهه مطين بدموع عينيه وجرى مجراه الدم، فعرفني وعرفته فإنه ملك مقرب في السماء على سريره وحوله سبعون ألف ملك صفا يخدمون ذلك الملك، وكان كل نفس من نفسه يخلق الله تعالى منه ملكا، فقلت له ما جرمك؟ قال لما جاء صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج، فاستقبل وقام له أهل السماء إكراما له، فأنا مشغول بما وكلت به فإكرامي إليه لم يكن تماما {وفي رواية: وأنا على سريري فمرّ بي محمد صلى الله عليه وسلم فما قمت له} فعاقبني الله بهذه العقوبة وجعلني في هذا المكان كما ترى، فتضرعت إلى الله تعالى وشفعته {وفي رواية: فأردت أن أشفعه} فقال رب العالمين: لا أقبل شفاعتك حتى تصلي على حبيبي محمد صلى الله عليه وسلم عشر مرات، فعفا الله عنه البلاء وأنبت جناحه ببركة الصلاة عليك وأعطاه المنزل الأول).
وكذلك إذا ابتلي المؤمن بالمصائب والأمراض والغموم والكروب، أو بطلب المناصب والجاه، أو ابتلي بالفقر والذلة وغيرها، أو بعزل عن منصب وهو يريد أن يناله، أو بنزول الآفات السماوية وظهور البلايا الأرضية وهو يريد دفعها، فليكثر من الصلاة والسلام على سيد الأنام في الليالي والأيام فإنه ببركتها ينال مرامه والمقام. كذا ذكره الإمام الدينوري في المجالسة، ومذكور في حياة القلوب والمرآة ودرة الواعظين.
قال الإمام الجزولي في الدلائل أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من عسرت عليه حاجة فليكثر بالصلاة علي فإنها تكشف الهموم والغموم والكروب وتكثر الأرزاق وتقضي الحوائج).
وقال ابن الجوزي: وأما قضاء الحوائج والأوطار: فمما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من عسرت عليه حاجة فليكثر من الصلاة علي فإنها تحل العقد، وتكشف الهم والحزن، وتكثر الأرزاق).
وأنشدوا:
كم بالصلاة عليه فاز من رجـل
وكم رأيت بها في الشدة الفرجا.
وقال أيضا: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من عسر عليه شيء فليكثر من الصلاة علي فإنها تحل العقد، وتكشف الكرب)، في دار الامتحان، فأولى أن تنجي في الآخرة من النيران في الدار الباقية.
{حكاية}: قال الفيروز أبادي في كتاب الصلات والبشر: أخبرني العلامة أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الحسن محدث مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة قال: نقل الإمام عمر بن علي اللخمي المالكي قال: أخبرني الشيخ الصالح موسى الضرير: أنه ركب في مركب في البحر المالح، قال: وقامت علينا ريح تسمى الإقلابية قلّ من ينجو منها من الغرق، فضج الناس خوفا من الغرق، قال: فغلبتني عيناي فنمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: قل لأهل المركب يقولوا ألف مرة:{اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات، وتقضي لنا بها جميع الحاجات، وتطهرنا بها من جميع السيئات، وترفعنا بها أعلى الدرجات، وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات} قال: فاستيقظت وأعلمت أهل المركب بالرؤيا، فصلينا نحو ثلاثمائة مرة ففرج الله عنا، هذا أو قريبا منه.