سبب لقضاء الحوائج
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي يوم الجمعة وليلة الجمعة مائة مرة قضى الله تعالى له مائة حاجة: سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا، ثم يوكل الله تعالى بذلك ملكا يدخله في قبري كما تدخل عليكم الهدايا، يخبرني من صلى علي باسمه ونسبه إلى عشيرته، فأثبته عندي في صحيفة بيضاء) ذكره البيهقي في الجزء الذي ذكر فيه حياة الأنبياء، وابن بشكوال الحافظ وغيرهما.
قال أحمد بن موسى الحافظ يرفعه.. عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي مائة صلاة حين يصلي الصبح قبل أن يتكلم قضى الله له مائة حاجة عجل له منها ثلاثين حاجة وأخر له سبعين، وفي المغرب مثل ذلك. قالوا: وكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صل عليه، حتى تعد مائة).
وروى الشيخ أبو جعفر بن وداعة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من جعل عبادته كلها صلاة علي قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة). ثم قال: وأمر النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه أن يجعلوا أورادهم صلاة عليه لما علم في ذلك من الفضل والثواب.
وقال الطبراني يرفعه.. حدثنا عبد الله بن أبي أوفي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من كان له إلى الله عز وجل حاجة فليتوضأ وليحسن وضوءه وليركع ركعتين وليثن على الله عز وجل وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل ذنب، لا تدع لي هما إلا فرجته، ولا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا حاجة لك فيها رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين).
وقال إبراهيم بن الجنيد يرفعه.. عن ابن مسعود قال: [إذا أردت أن تسأل حاجة فابدأ بالمدحة والتحميد والثناء على الله عز وجل بما هو أهله، ثم صل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ادع بعد، فإن ذلك أحرى أن تصيب حاجتك]. [جلاء الأفهام: 256-257].
قال ابن الجوزي في البستان ص355: روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: (من عسرت عليه حاجة من أمر دينه أو دنياه فليكثر من الصلاة علي، فإن الله يستحي أن يرد عبده في حاجة إذا كان دعاءه بين صلاتين علي، صلاة قبل السؤال وصلاة بعد السؤال) وهذا والله غاية الجاه والحب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم. اللهم صل على محمد صلاة تزلف بها مثواه، وتشرف بها عقباه، وتبلغه بها يوم القيامة من الشفاعة رضاه ومناه.
قال أيضا: وأما قضاء الحوائج والأوطار، فمما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (الدعاء بين الصلاتين لا يرد). وروي أن رجلا قال: يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال: (الصلاة علي، قال: أجعل ثلث عبادتي الصلاة عليك؟ قال صلى الله عليه وسلم: إذا كُـفيت، قال: أجعل جميع عبادتي الصلاة عليك؟ قال: من جعل جميع عبادته الصلاة علي قضى الله له جميع حوائج الدنيا والآخرة) {أخرجه الترمذي 2457 وقال: حسن صحيح، الحاكم2/421 في مستدركه، وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وهو كما قالا}. وهذا كله مع أداء الفرائض.
سبب لكفاية العبد كل ما أهمه من هموم الدنيا والآخرة
من أعظم أبواب الفرج الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم دائما أبدا، وقد بين صلى الله عليه وسلم ذلك بنفسه كما جاء في الحديث عن أبي كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا [وفي رواية: ربع] الليل قام فقال: (أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال: أبي بن كعب فقلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قلت: الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت: الثلثين؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل {لك} صلاتي كلها؟ قال: إذا {يكفى} تكفى همك ويغفر لك ذنبك) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم صححه ووافقه الذهبي. {لأن من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ومن صلى الله عليه كفاه همه وغفر له ذنبه} هذا معنى كلام ابن تيمية رحمه الله في تفسير {إذا تكفى همك ويغفر ذنبك}.
وفي رواية للإمام أحمد عنه قال: قال رجل: يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال: (إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك) وإسناد هذه جيد. قوله أكثر الصلاة فكم أجعل لك من صلاتي؟ معناه أكثر الدعاء فكم أجعل لك من دعائي صلاة عليك؟.
وعن محمد بن يحيى بن حبان عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله أجعل ثلث صلاتي عليك؟ قال: نعم إن شئت، قال: الثلثين؟ قال: نعم إن شئت، قال: فصلاتي كلها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك) رواه الطبراني بإسناد حسن.
وعن يعقوب بن زيد بن طلحة التيمي يرفعه: (أتاني آت من ربي فقال: يا رسول الله أجعل نصف دعائي لك؟ قال: إن شئت، قال ثلثي دعائي؟ قال: إن شئت، قال: أجعل دعائي لك كله؟ قال: (إذا يكفيك الله هم الدنيا والآخرة)) رواه إسماعيل القاضي وابن عاصم، وهو صحيح مرسل الإسناد.
وأخرج الإمام أحمد والحاكم والبيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (يا رسول الله أفلا أجعل ثلث دعائي في الصلاة عليك؟ قال: فإن زدت فهو أفضل، قال: أجعل الثلثين؟ قال: فإن زدت فهو أفضل، قال بأبي وأمي يا رسول الله أجعل دعائي كله الصلاة عليك؟ قال: إذن يكفيك الله أمرك من دنياك وآخرتك) كذا في بحر الأنوار.
قال صاحب أبواب الفرج السيد الحسني المالكي: ومعلوم أن العبد إذا كفاه الله ما أهمه من أمور دنياه فقد دخل في دائرة الألطاف، وأمن من كل ما يخاف، وحصلت له الوقاية التامة من جميع الآفات، وحمل في سفينة النجاة، ومعنى ذلك: أنه يحفظ من كل ما يوجب الهم من فقر ودين وقهر وذل ومرض وخوف وغير ذلك من العوارض والنوازل، ويكون حينئذ قد ضمن صلاح أموره الدنيوية، وإذا كان له مع ذلك مغفرة الذنوب التي تكون بها النجاة من كل سوء في مواقف يوم القيامة حتى يدخل الجنة بسلام، فيكون قد ضمن صلاح أموره الأخروية. وما الذي يرجوه العبد فوق ذلك، وهذا كله يناله ببركة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صلاح أموره الدنيوية والأخروية.
حكايات وروايات وردت في أنها سبب في النجاة من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة
حكي أن يهوديا كان ادعى بسرقة جمل على رجل مسلم فشهد عليه شاهدان من المنافقين زورا فحكم النبي عليه السلام بالجمل لليهودي وقطع يد المسلم، فتحير المسلم فرفع رأسه إلى السماء فقال: إلهي ومولاي أنت تعلم بأني لم أسرق هذا الجمل ثم قال: يا رسول الله إن حكمك حق ولكن استخبر عني هذا الجمل، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: يا جمل لمن أنت؟ فقال الجمل بلسان فصيح: يا رسول الله أنا لهذا المسلم وإن هؤلاء الشهود لكاذبون، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: يا مسلم أخبرني ماذا تفعل حتى أنطق الله تعالى الجمل في حقك؟ فقال المسلم: يا رسول الله أنا لا أنام الليل حتى أصلي عليك عشر صلوات فقال النبي عليه السلام: نجوت من القطع في الدنيا وتنجو من عذاب الآخرة في العقبى ببركة صلاتك علي. [ذرة الواعظين].
ذكر الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي في الباهر: قال الطبراني [260-360] في الكبير: يرفعه: قال زيد بن ثابت: غدونا يوما مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى كنا في مجمع طرق المدينة فبَصُرنا بأعرابي أخذ بخِطام بعيره حتى وقف على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن حوله، فقال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، فرد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: فكيف أصبحت؟ ورغا البعير وجاء رجل [كان حرسيا] فقال: [الحرسي] يا رسول الله، هذا الأعرابي سرق البعير فرَغا ساعةً وحن، فأنصت له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسمع رغاءه وحنينه، فلما سكن هذا البعير، أقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الحرسي فقال: (انصرف عنه فإن البعير شهد عليك أنك كاذب). فانصرف الحرسي وأقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الأعرابي فقال: (أي شيء قلت حين جئتني؟) قال: قلت بأبي أنت وأمي: {اللهم صل على محمد حتى لا تبقى صلاة، اللهم وبارك على محمد حتى لا تبقى بركة، اللهم وسلم على محمد حتى لا يبقى سلام، اللهم وارحم محمدا حتى لا تبقى رحمة} فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله عز وجل أبداها لي، والبعير ينطق بعذره، وإن الملائكة قد سدوا الأفق).
وقال: قال الحاكم [321-405] في المستدرك يرفعه: عن عبد الله بن عمر {رضي الله عنهما} قال: كنا جلوسا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ دخل أعرابي جوهري، بدوي يماني، على ناقة حمراء، فأناخ بباب المسجد فدخل فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قعد. فلما قضى تحيته قالواْ: يا رسول الله إن الناقة التي تحت الأعرابي سَرِقَةٌ، قال: أثم بينة؟ قالواْ نعم يا رسول الله، قال: يا علي، خذ حق الله من الأعرابي إن قامت عليه البينة، وإن لم تقم فرده إلي، فأطرق الأعرابي ساعة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قم يا أعرابي لأمر الله وإلا فأدل بحجتك، فقالت الناقة من خلف الباب: والذي بعثك بالكرامة يا رسول الله، إن هذا ما سرقني، ولا ملكني أحد سواه. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا أعرابي بالذي أنطقها بعذرك ما الذي قلت؟ قال: قلت: {اللهم إنك لست برب استحدثناك ولا معك إله أعانك على خلقنا ولا معك رب فنشك في ربوبيتك، أنت ربنا كما نقول وفوق ما يقول القائلون، أسألك أن تصلي على محمد وأن تبرئني ببراءتي}، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي بعثني بالكرامة يا أعرابي لقد رأيت الملائكة يبتدرون أفواه الأزقة يكتبون مقالتك، فأكثر الصلاة علي).