ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
– الصلاة عليه أول الدعاء وأوسطه وآخره، وله ثلاث مراتب:
– الأولى: أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه، قبل الدعاء، وبعد حمد الله تعالى: لحديث فضالة بن عبيد وقول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (إذا دعا أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه، ثم ليصل على النبي {صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم}، ثم ليدع بما شاء). وروى الترمذي عن عبد الله قال: [كنت أصلي، والنبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وأبو بكر وعمر معه، فلما جلست بدأت بالثناء على الله، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، ثم دعوت لنفسي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (سل تعطه)].
– الثانية: أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه، في أول الدعاء وأوسطه وآخره: لرواية عبد الرزاق عن جابر عن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (لا تجعلوني كقدح الراكب {فذكر الحديث} وقال: اجعلوني في وسط الدعاء وفي أوله وفي آخره).
– الثالثة: أن يصلى عليه صلى الله وسلم عليه، في أول الدعاء وآخره ويجعل حاجته متوسطة بينهما: لقول أحمد بن أبي الحوراء سمعت أبا سليمان يقول: [من أراد أن يسأل الله حاجته، فليبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وليسأل حاجته، وليختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، فإن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم مقبولة، والله أكرم أن يرد ما بينهما]. والله سبحانه وتعالى أعلم.
وروى الطبراني عن عبد الله بن بشر عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (من استفتح أول نهاره بخير، وختمه بخير، قال الله عز وجل لملائكته: لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب).
قال ابن القيم: والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم للدعاء مثل الفاتحة من الصلاة. وهذه المواطن التي تقدمت كلها شرعت الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيها أمام الدعاء. فمفتاح الدعاء الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كما أن مفتاح الصلاة الطهور.
– عند كل مجلس يجتمع فيه لذكر الله وعند القيام منه: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: (إن لله سيارة من الملائكة إذا مرواْ بحلق الذكر قال بعضهم لبعض: اقعدواْ، فإذا دعا القوم أمنواْ على دعائهم، فإذا صلواْ على النبي صلى الله عليه وسلم، صلواْ معهم، حتى يفرغواْ، ثم يقول بعضهم لبعض طوبى لهؤلاء يرجعون مغفوراً لهم) وأصل الحديث عند مسلم، وهذا سياق مسلم عن إبراهيم الكشي. قال عبد الرحمان بن أبي حاتم عن عثمان بن عمر قال: سمعت سفيان بن سعيد ما أحصي إذا أراد القيام يقول: صلى الله وملائكته على محمد وعلى أنبياء الله وملائكته.
– عقيب ختم القرآن: قال ابن القيم: وهذا لأن المحل محل دعاء وقد نص الإمام أحمد رحمه الله تعالى على الدعاء عقيب الختمة فقال في رواية أبي الحارث: [كان Hنس إذا ختم القرآن جمع أهله وولده]، وقال في رواية يوسف بن موسى، وقد سئل عن الرجل يختم القرآن فيجتمع إليه قوم فيدعون. قال: نعم، رأيت معمراً يفعله إذا ختم.
روى ابن أبي داود في فضائل القرآن عن الحكم قال: [أرسل إلى مجاهد وعنده ابن أبي لبابة، أرسلنا إليك، إنا نريد أن نختم القرآن، وكان يقول: إن الدعاء يستجاب عند ختم القرآن ثم يدعو بدعوات]. وروى أيضا في كتابه عن ابن مسعود أنه قل: [من ختم القرآن فله دعوة مستجابة].
وعن مجاهد قال: [تنزل الرحمة عند ختم القرآن]. ونص أحمد رحمه الله تعالى على استحباب ذلك في التراويح. قال حنبل: سمعت أحمد يقول في ختم القرآن: [إذا فرغت من قراءتك قل أعوذ برب الناس، فارفع يديك في الدعاء قبل الركوع. قلت إلى أي شىء تذهب في هذا؟ قال: رأيت أهل مكة يفعلونه]. وكان سفيان بن عيينة يفعله معهم.
قال عباس بن عبد العظيم: [وكذلك أدركت الناس بالبصرة وبمكة، ويروي أهل المدينة في هذا أشياء…].
قال ابن القيم: وإذا كان هذا من آكد مواطن الدعاء وأحقها بالإجابة فهو من آكد مواطن الصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم.
– في صلاة الجنازة: كما في مسند الإمام الشافعي قال: [إن السنة في الصلاة على الجنازة في التكبيرات أن يكبر الإمام، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سرا في نفسه] ولا خلاف في مشروعيتها والخلاف ما بين واجبة ومستحبة.
وعن ابن مسعود رضي الله أنه كان إذا أتى بجنازة استقبل الناس، وقال: (يا أيها الناس سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول: كل مائة أمة، ولن تجتمع مائة لميت فيجتهدون له في الدعاء إلا وهب الله ذنوبه لهم) وإنكم جئتم شفعاء لأخيكم فاجتهدوا في الدعاء. وقيل عند إدخال الميت واستدلوا بما رواه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كان إذا وضع الميت في قبره قال: (بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم).