ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم
بين تكبيرات العيد: قالوا يقال: سبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم اغفر لي وارحمني. قال الحافظ ابن كثير نقلا عن القاضي إسماعيل أن ابن مسعود وأبا موسى وحذيفة خرج عليهم الوليد بن عقبة يوما قبل العيد فقال لهم: إن هذا العيد قد دنا فكيف التكبير فيه؟ قال عبد الله: تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة، وتحمد وتكبر ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ثم تدعو وتكبر وتفعل مثل ذلك إلخ. ثم قال إسناد صحيح.
في القنوت: لما رواه أهل السنن وغيرهم عن الحسن بن علي قال: (علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: اللهم اهدني فيمن هديت…) زاد النسائي في سننه (وصلى الله على محمد) استحبه الشافعي ومن وافقه، وقال النووي في الأذكار وغيره ويستحب أن يقول عقب هذا الدعاء، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم. انتهى.
في الخطب: كخطبة الجمعة والعيدين والاستسقاء وغيرها: قال ابن القيم: وهذا واجب في الخطبة قطعا بل هو ركنها الأعظم.
وقد روى أبو داود وأحمد وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال: (كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء) واليد الجذماء المقطوعة. فمن أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في الخطبة دون التشهد فقوله في غاية الضعف.
وقد روى يونس عن شيبان عن قتادة ورفعنا لك ذكرك فقال: [رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ابتدأها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله] صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
عند تبليغ العلم للناس، عند التذكير والقصص، وإلقاء الدروس وتعليم العلم، في أول ذلك وآخره: قال إسماعيل بن إسحاق في كتابه عن جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز: (أما بعد فإن أناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة، وإن من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء كتابي هذا، فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعائهم للمسلمين عامة ويدعو ما سوى ذلك {…}).
في جلاء الأفهام ص 249 مقتطفات من كلام قيم لابن القيم: قال تعالى: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني فمن دعا إلى الله تعالى فهو على سبيل رسوله صلى الله عليه وسلم وهو على بصيرة، وهو من أتباعه. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه ولو آية، ودعا لمن بلغ عنه ولو حديثاً، وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، ولأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم.. وهم كما قال فيهم عمر بن الخطاب في خطبته التي ذكرها ابن وضاح في كتاب الحوادث والبدع له قال: [الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، ويحيون بكتاب الله أهل العمى، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وضال تائه قد هدوه، بذلواْ دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد. فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم، يقبلونهم في سالف الدهر وإلى يومنا هذا، فما نسيهم ربك، وما كان ربك نسيا. جعل قصصهم هدى وأخبر عن حسن مقالتهم. فلا تقصر عنهم. فإنهم في منزلة رفيعة وإن أصابتهم الوضيعة].
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [إن لله عند كل بدعة كيد بها الإسلام ولياً من أوليائه يذب عنها وينطق بعلامتها فاغتنمواْ حضور تلك المواطن، وتوكلواْ على الله].
قال ابن القيم: فحقيق بالمبلغ عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الذي أقامه الله في هذا المقام أن يفتتح كلامه بحمد الله تعالى والثناء عليه وتمجيده والاعتراف له بالوحدانية، وتعريف حقوقه على العباد، ثم بالصلاة على رسول الله تعالى صلى الله عليه وسلم وتمجيده والثناء عليه، وأن يختمه أيضاً بالصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم تسليماً.
عند سماع ذكره: وقد تقدم الحديث عنه: ففي الحديث: (من ترك الصلاة علي إذا ذكرت عنده أسحقه الله وأبعده). وروى الديلمي: (من ذكرت عنده فلم يصل علي دخل النار). وأخرج أبو سعيد من جملة حديث: (ألأم الناس من إذا ذكرت عنده فلم يصل علي) وروي عنه صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: (من لم يصل علي فلا دين له).
– وعند كتابة اسمه وتكتب معه الصلاة عليه: وقد تقدم أنه من كتب الصلاة عليه في كتاب لم تزل الصلاة جارية له مادام اسمه صلى الله عليه وسلم في ذلك الكتاب.
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كتب عني عِلماً وكتب معه صلاة علي لم يزل في أجر ما قرئ في ذلك الكتاب) رواه الحافظ ابن بشكوال، وابن عدي عن المحاربي، وأبو عباس المرهبي في كتاب العلم بلفظ: (من كتب عني علما فكتب فيه صلاتا علي لم يزل في أجر ما قرئ ذلك أو عمل بذلك العلم).
وعن بعض الصالحين أنه قال: كان لي جار نساخ فمات فرأيته في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، فقلت فبم ذلك؟ فقال: كنت إذا كتبت اسم محمد صلى الله عليه وسلم في كتاب صليت عليه فأعطاني ربي ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وقال سفيان بن عيينة: حدثنا خلف صاحب الخلفان قال: كان لي صديق رضي الله عنه يطلب معي الحديث فمات، فرأيته في منامي وعليه ثياب خضر يجول فيها، فقلت: ألست كنت معي تطلب الحديث؟ قال: بلى، قلت: فما الذي أصارك إلى هذا؟ أو كما قال، قال: كان لا يمر حديث فيه ذكر محمد صلى الله عليه وسلم إلا كتبت في أسفله: صلى الله عليه وسلم، فكافأني ربي هذا الذي ترى علي. وقال سفيان الثوري: لو لم يكن لصاحب الحديث فائدة إلا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يصلى عليه ما دام في ذلك الكتاب صلى الله عليه وسلم .
تخصيص يوم الخميس بعد العصر وليلة الجمعة ويومها للصلاة عليه صلى الله وسلم عليه وقد تقدم.