ذكر المواطن التي يتأكد ويستحب فيها الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم -3-
– بعد التلبية والطواف على الصفا والمروة: لما رواه الشافعي والدارقطني عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق قال: [كان يؤمر الرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال] وذكره أيضا ابن كثير.
فعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب الناس بمكة فقال: [إذا قدم الرجل منكم حاجاًّ فليطف بالبيت سبعاً وليصل عند المقام ركعتين ثم ليبدأ بالصفا فيستقبل البيت فيكبر سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين حمد لله وثناء عليه وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومسألة لنفسك، وعلى المروة مثل ذلك] أخرجه البيهقي وإسماعيل القاضي وأبو ذر الهروي وإسناده قوي. وعن ابن عمر أنه كان يكبر على الصفا ويقول: [لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ويطيل القيام والدعاء ثم يفعل على المروة مثل ذلك] أخرجه إسماعيل القاضي.
- عند استلام الحجر الأسود: قال أبو ذر الهروي: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا أراد أن يستلم الحجر الأسود قال: [اللهم إيمانا بك وتصديقاً بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم].
- في الموقف بعرفات: عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يقف عشية عرفة في الموقف فيستقبل القبلة بوجهه يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائة مرة، ثم يقرأ قل هو الله أحد مائة مرة، ثم يقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد وعلينا معهم، مائة مرة، إلا قال الله تعالى: يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا؟ سبّحني وهلّلني وكبّرني وعظّمني وعرفني وأثنى علي وصلى على نبيي، اشهدواْ {يا} ملائكتي أني قد غفرت له وشفّعته في نفسه، ولو سألني عبدي هذا لشفّعته في أهل الموقف كلهم) رواه البيهقي وقال: متن غريب ليس في إسناده من ينسب إلى الوضع. وذكره النووي في الأذكار وغيره في الدعاء المأثور في الملتزم ما بين الباب والحجر: اللهم صل وسلم على محمد وعلى آل محمد. والله أعلم.
- عند خطبة الرجل المرأة في التزويج: روى إسماعيل بن أبي زياد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية، قال: يعني أن الله تعالى يثني على نبيكم ويغفر له، وأمر الملائكة بالاستغفار له. يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليماً أثنواْ عليه في صلاتكم وفي مساجدكم وفي كل موطن، وفي خطبة النساء فلا تنسوه. وجاء في رواية: (من أكثر الصلاة علي عند خطبة النكاح أعطي القبول والسماح).
وروي عن أبي بكر بن حفص قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا دعي إلى نكاح قال: [لا تزحمواْ علينا الناس، الحمد لله وصلى الله على محمد، إن فلاناً خطب إليكم فإن أنكحتموه فالحمد لله وإن رددتموه فسبحان الله]. وعن العتبى عن أبيه قال: خطبنا عمر بن عبد العزيز في نكاح امرأة من أهله فقال: الحمد لله ذي العزة والكبرياء وصلى الله على محمد خاتم الأنبياء أما بعد، فإن الرغبة منك دعتك إلينا، والرغبة منا فيك أجابتك، وقد أحسن ظناً بك من أودعك كريمته واختارك لحرمته، وقد زوجناك على ما أمر الله به من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.
- عند إرادة السفر وركوب الدابة: فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال إذا ركب دابة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، سبحانه ليس له مسمى، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعليه السلام، قالت الدابة: بارك الله عليك من مؤمن خففت عن ظهري وأطعت ربك وأحسنت إلى نفسك بارك الله لك في سفرك وأنجح حاجتك) أخرجه الطبراني في الدعاء.
- عند دخول المنزل: ذكره الحافظ أبو موسى المديني عن سهل بن سعد قال: [جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الفقر وضيق العيش أو المعاش، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلت منزلك فسلم إن فيه أحد أو لم يكن فيه أحد، ثم سلم علي، واقرأ قل هو الله أحد مرة واحدة) ففعل الرجل فأدرّ الله عليه الرزق حتى أفاض على جيرانه وقرابته].
- عند الحاجة تعرض للعبد وعقب صلاة الصبح والمغرب: روى أحمد بن موسى الحافظ عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي مائة صلاة حين يصلي الصبح قبل أن يتكلم قضى الله له مائة حاجة، عجل له منها ثلاثين حاجة وأخّر له سبعين، وفي المغرب مثل ذلك، قالواْ: وكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنواْ صلواْ عليه وسلمواْ تسليما، اللهم صل عليه [في رواية: اللهم صل على محمد] حتى تعد منها مائة).
وأما صلاة الحاجة: فقال الطبراني: عن عبد الله بن أُبَيْ قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (من كان له إلى الله حاجة فليتوضأ وليحسن وضوءه وليركع ركعتين وليثن على الله عز وجل وليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، وليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله سبحان الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل ذنب، لا تدع لي هماً إلا فرجته، ولا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولا حاجة لك فيها رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين).
وعن عثمان بن حنيف رضي الله عنه قال: [سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره فقال: يا رسول الله ليس لي قائد وقد شق علي، فقال صلى الله عليه وسلم: (ائت الميضاء فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك فيجلي لي عن بصري، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي)، قال عثمان: فو الله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن به ضرّ]. قال الحاكم هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وقال الذهبي إنه صحيح، ورواه الترمذي والمنذري والنسائي وابن ماجة في صحيحه، وغيره.