بعنوان “جائحة اجتماعية تسمم أوروبا اسمها: كراهية المسلمين” (There’s a social pandemic poisoning Europe: hatred of Muslims)، تحدث مقال بالـ”غارديان” الصحيفة البريطانية الأشهر عن أن “التحيز ضد المسلمين موجود في كل ركن من أركان أوروبا، وأن الأمر لا يقتصر على الحط من قدر الأوروبيين الذين يتبعون الإسلام والتمييز ضدهم فحسب؛ بل إن حوادث العنف ضد المسلمين في تزايد“.
وأشار المقال إلى أن الاتحاد الأوروبي -وبالرغم من أنه نادرا ما يتصرف بسرعة- إلا أنه بعد أقل من 4 أشهر على مقتل جورج فلويد بأيدي الشرطة الأميركية، وبعد أن امتدت احتجاجات حركة “حياة السود مهمة” إلى كل أنحاء أوروبا، شرع في تعيين أول منسق لمكافحة العنصرية على الإطلاق. لكن كاتبي المقال وإن استحسنوا الفكرة فإنهم اعتبروا أن “خطوات مكافحة العنصرية في أوروبا ستكون بلا معنى إذا لم يُستهدف التحيز ضد المسلمين“.
المقال أكد وجود “انعدام ثقة شائع تجاه المسلمين في جميع أنحاء أوروبا” وذلك بناء على دراسة استقصائية أجراها مشروع مراقبة الدين “Religion Monitor” عام 2019.
ففي ألمانيا وسويسرا ينظر 50% من المستجيبين للدراسة إلى الإسلام على أنه تهديد، وفي بريطانيا يشترك 2 من كل 5 في هذا التصور، وفي إسبانيا وفرنسا يعتقد نحو 60% أن الإسلام لا يتوافق مع “الغرب”، وفي النمسا واحد من كل 3 لا يريد أن يكون له جيران مسلمون.
وفي نفس الاتجاه ذهبت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) التي أكدت ذلك في أحدث تقرير لها حول ارتفاع ومعنى جرائم الكراهية ضد المسلمين، وكذلك الأمر مع وكالة تطبيق القانون الأوروبية “يوروبول” (Europol)، التي أشارت إلى تصاعد الإرهاب اليميني المتطرف عام 2019.
وحذر المقال مما اعتبرها سرعة مدهشة لمدى تحول العنصرية ضد المسلمين إلى العنف، حيث حذر المجلس الأوروبي في تقريره الأخير من أن “أوروبا تواجه حقيقة مرعبة: جرائم الكراهية ضد السامية والمسلمين وغيرها من جرائم الكراهية العنصرية تتزايد بمعدل ينذر بالخطر“.
ومن إسبانيا إلى بلغاريا ومن فنلندا إلى فرنسا، يشعر الناس بالتحيز ضد المسلمين -يضيف المقال- بغض النظر عن حجم اقتصاد البلاد ومجتمعها المسلم والتركيب الاجتماعي الديني والعرقي أو نوع العلاقات التاريخية مع الجنوب والعالم الإسلامي، أو حتى سياسة اللاجئين بعد عام 2015.
المقال أخذ مثالاً لدولتين أوروبيتين مختلفتين تمامًا: ألمانيا وبولندا. الجالية الألمانية المسلمة (4.7 مليون شخص أو 5.7% من السكان) أكبر بـ 200 مرة من المجتمع البولندي (حوالي 20.000 أو %0.05)، الناتج المحلي الإجمالي الألماني أكبر بسبع مرات، والبلد أكثر تنوعًا دينيًا. ورغم ذلك، فإن نفس النسبة تقريبًا من الألمان والبولنديين يفكرون بشكل سلبي بشأن المسلمين.
فالعنصرية في ألمانيا تحدث بشكل متكرر بشكل خاص تحت ستار التحيز ضد المسلمين، وقال حوالي 52% ممن شملهم الاستطلاع في أوائل 2019 إنهم ينظرون إلى الإسلام على أنه تهديد. وظل هذا التصور مستقرا عند مستوى عال لحوالي 10 سنوات. وفي بولندا، ومع وجود عدد قليل فقط من المسلمين فهم أكثر الأعراق كرها لأكثر من عقد من الزمان، وفي استطلاع عام 2020 قال 55% من المستطلعين البولنديين إنهم يكرهونهم.
في كلا البلدين، مهد التحيز ضد المسلمين أرضًا خصبة للعنف العنصري. وفقًا لإحصاءات الشرطة الألمانية، ارتفع عدد الجرائم المصنفة على أنها كراهية الإسلام بنسبة 4.4٪ إلى 950 جريمة في عام 2019. وأصبحت الهجمات المتكررة أو الفاشلة على مراكز اللاجئين والمساجد تشكل خطرًا جسيمًا على الأمن القومي الألماني.
المقال استدرك بالقول أنه لا يقصد أن انتقاد الدين غير مقبول أو أن كل الأوروبيين عنصريون. لكن “كراهية الأجانب تنمو في الأزمات، ونحن نعيش حاليًا في أزمة قد يؤدي الوباء والركود الذي يلوح في الأفق وعدم اليقين العالمي إلى تفاقم ما يمثل بالفعل خطرًا وجوديًا على الاتحاد الأوروبي والديمقراطية“. مضيفاً أنه من”المرجح أن يكون كبش الفداء الأوروبي المختار مسلمًا” حيث ستقوم أحزاب اليمين المتطرف أو الشعبوية بتشويه سمعة الإسلام علانية، بدعم ضمني من العديد من السياسيين الرئيسيين.
وختم المقال بالتأكيد أننا “بحاجة إلى الانتباه لما أسماه فرانتز فانون “Frantz Fanon” بـ “رائحة العنصرية النتنة” – وهي تلك الآراء التي تبدو منطقية والتي تخفي التحيز الذي يُقال في مختلف الأماكن. محذراً من أن “العنصرية ليست ظاهرة مؤقتة أو انتقالية، إنه جائحة اجتماعية تخترق هياكل المجتمع وتخترق وتفكك جميع مجالات الحياة“.