الغلاء ابن الفساد المحمي، ولا يوقفه إلا تطبيق القانون على الجميع

Cover Image for الغلاء ابن الفساد المحمي، ولا يوقفه إلا تطبيق القانون على الجميع
نشر بتاريخ

الغلاء ابن الفساد المحمي، ولا يوقفه إلا تطبيق القانون على الجميع، وما حك جلدك مثل ظفرك.

مول الحوت شاب ألقى بحجر صغير في مستنقع الفساد المتعفن، المزكم للأنوف والمنهك للجيوب والمفقر للأسر. فانزعج جزء من لوبي الفساد خوفا من تحول الحجر إلى كرة ثلج، فأجمعوا على ضرورة “معاقبة المخالف” خوفا على “السوق”!!

مظاهر الفساد كثيرة: أهمها الاحتكار والرشوة والمضاربة والتواطؤ على رفع الأسعار في السوق بين المنتجين والغش والتزوير… إنه جشع بلا حدود يستهتر بالقانون ويروضه. وجشع يحول الإنسان ذئبا لأخيه الإنسان. وإذا ما فتحنا الجرح المتعفن سنجد “مول الحوت” و”مول المازوط” و”مول الحليب” و”مول الاتصالات” و”مول الخضر” و”مول الفواكه” و”مول اللحم” و”مول الدواء”… والبارحة كشف لنا مجلس المنافسة عن ملايير المضاربة في المحروقات، واليوم ملايير الدراهم في سوق السردين، الذي يطير سعره بقدرة قادر من 3 دراهم إلى أضعاف مضاعفة، ثم هامش الربح في اللحم الأحمر، رغم تشجيع الاستيراد، تجاوز 40 درهم في الكيلو غرام… اللهم هذا منكر.

يا سادة، لنكن واضحين دون ذر الرماد على العيون.

– الفساد ليس حدثا طارئا بل هو طامة بنيوية؛

– الفساد ليس أفعالا منفردة بل هو منظومة متكاملة؛

– الفساد يستقوي بآليات التحكم، وباستغلال مواقع النفوذ، ويستفيد من مناخ زواج السلطة بالمال، وعجز مؤسسات الرقابة، وانتشار الاقتصاد غير المهيكل، ومن الاختيارات الكبرى للدولة كتحرير الأسعار في السوق لا سيما المواد الأساسية….

لن يوقف الفساد إلا تطبيق عادل ومنصف للقانون على الجميع، ولا يوقف تغوله إلا إعمال ديموقراطي لآليات الحكامة الرقابية، والفصل بين السلطة والمال، وتمكين سلطة القضاء من كل الأدوات والضمانات لتمارس مهامها باستقلالية عن كل السلط الأخرى. وهذا دونه عقبة تحول ديموقراطي حقيقي لم ندخل غمار اقتحامها بعد.

إلى ذلكم الحين، المتضررون مسؤولون عن سكوتهم، كما المفسدون والمتواطئون مسؤولون عن جرائمهم. وإذا كان الفساد لا أخلاق له فالرهان على تعففه وهم في وهم، والجشع البشري لا حدود له، والسوق لا يعرف إلا لغة رفع هامش الربح وتقليل كلفة الإنتاج. وما حك جلدك مثل ظفرك.

وهنا دعني أخاطب الفاعل السياسي الذي يريد التغيير والإصلاح، ألم يحن الوقت لتأسيس جبهة اجتماعية مناضلة وموسعة تضم جميع الفاعلين المناضلين دون إقصاء، بمن فيهم العدل والإحسان. اعتقد أن الفرصة مواتية والوقت ضاغط لتقييم التجربة الماضية ووضع صوى مسار نضالي قوي. وإن الشعب الذي أعطى المثال في تضامنه مع غزة، وتضامنه في زلزال الحوز قادر على إعطاء المثال في الدفاع عن الحرية والعيش الكريم.