انعقد المجلس الوطني لشبيبة العدل والإحسان دورة “طوفان الأقصى” يومي 12, 13 ربيع الثاني، الموافق لـــ 28, 29 أكتوبر 2023، تحت شعار “الفاعلية – التأهيل – المبادرة – دعامات الفعل الشبابي الميداني”، وذلك قصد رصد وتشخيص واقع الشباب ومعاناتهم، وتحليل وتفكيك بعض الظواهر والقضايا التي تشغل بالهم، واقتراح الحلول والبدائل التي من شأنها أن تحدث تحوّلاً في طريقة تفكيرهم، وتثمر توازنا في شخصيتهم، حيث التكوين العلمي الرصين، والفعل الميداني المبادر الحكيم، والتربية الإيمانية والخلق القويم.
جاءت هذه الدورة في سياق ما تعرفه القضية الفلسطينية من تطورات وتحولات، كلها تبشر والحمد لله بقرب زوال هذا الكيان الصهيوني الغاصب، ولعل تاريخ السابع من أكتوبر سيبقى خالدا في تاريخ الأمة الإسلامية، يؤرخ لبداية انهيار أنظمة الاستكبار العالمي وانكشاف الوجه الحقيقي لدعاة “السلام والأمن والاستقرار” من حكام الغرب ومؤسساتهم الدولية، ومن الأنظمة العربية المطبّعة الخانعة المنبطحة أمام جبروت الكيان الصهيوني.
لذلك جاءت هذه الدورة تحمل اسم “طوفان الأقصى”، تأكيدا على مساندة شبيبة العدل والإحسان لمعركة طوفان الأقصى المباركة، ودعمها ووقوفها بجانب شباب غزة العزة رمز الشهامة والشجاعة والفتوة، رمز الإرادة القوية والهمة العالية، رمز التربية الإيمانية والخلق الجميل، رمز الصبر والثبات واليقين في النصر والتحرير.
إن شباب غزة الأشاوس من خلال هذه المعركة المباركة يُعلّمون شباب الأمة أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وأن الإيمان بالقضية والتفاني في خدمتها يثمر نصرا وتوفيقا رغم الحصار والدمار، وأن التوكل على الله واليقين في نصره مع سنة الأخذ بالأسباب يثمر نصرا كبيرا وفتحا مبينا وسكينة وطمأنينة في صفوف المجاهدين وجنة عرضها السموات والأرض تنتظر الشهداء منهم.
إن شباب غزة الشجعان كانوا بسلوكهم دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا على معاني التوكل على الله، بما هو أخذ بالأسباب والتفاني في إتقانها وإحكامها سواء منها الروحية الإيمانية أو المادية الواقعية، فكانوا عبادا لله حاملين كتاب الله، أغلى أمانيهم الشهادة في سبيل الله، خطّطوا ونفذوا بإحسان وإتقان منقطع النظير معركة الأقصى، فكان النصر والتوفيق حليفهم، بل وكانت العزة والكرامة للأمة الإسلامية جمعاء، وكان الرعب والخوف والذل والهوان للمستكبرين الظالمين جميعا.
في هذا السياق وانسجاما مع ما ولّدته معركة الأقصى المباركة من أحاسيس ومشاعر في نفوس شباب الأمة وتأكيدا على معاني التوكل على الله بما هو أخد بالأسباب، جاء شعار هذه الدورة يوجه الشباب ويقترح عليهم ثلاث دعامات لابد منها من أجل فعل ميداني راشد ومتوازن، يثمر تغييرا وتحولا في المجتمع ونصرا وتمكينا للأمة جمعاء.
الدعامة الأولى: الفاعلية
ينبغي لشباب هذه الأمة أن يكون واعيا بما يحاك ضده من مشاريع ومخططات، وبرامج وسيناريوهات، له تصور واضح لما ينبغي عليه فعله وما يريد تحقيقه من أهداف وغايات، وما ينتظره من عوائق وعقبات، قادر على التخطيط الاستراتيجي لكيفية تحقيق عزته وكرامته، ووضع البرامج المرحلية لتحرره، والإجراءات الكفيلة بتقوية إرادته.
إن شباب هذه الأمة ينبغي له أن يكون موجِّها للواقع الذي يعيش فيه ومؤثرا فيه غير متأثر به، رغم كل الإكراهات والصعوبات، رغم الفساد والاستبداد، رغم الحصار والتضييق، رغم المجون والشذوذ، رغم الإقصاء والتهميش، وما شباب غزة منا ببعيد، فرغم كل أشكال التضييق استطاعوا بناء شخصية متوازنة قادرة على مواجهة جبروت الكيان الصهيوني وظلمه.
الدعامة الثانية: التأهيل
إن ما ينتظر شباب هذه الأمة من مهمات كالجبال من أجل تغيير هذا الواقع والأخذ بيد شباب هذه الأمة نحو التحرر من كل القيود سواء النفسية الذاتية أو الاجتماعية والسياسية يتطلب منها استعداد كبيرا، وتكوينا متينا، وتأهيلا متميزا، لابد فيه من تفوق دراسي وتكوين علمي أكاديمي، لابد من اكتساب قدرات ومهارات في التواصل والحوار والتعبير عن الرأي، لابد من الاطلاع على تجارب الآخرين في المقاومة والتحرر والاستفادة منها، لابد من تربية إيمانية وإقبال على الله بالذكر والقيام وقراءة القرآن، لابد من الإكثار من الصلاة على خير الخلق صلى الله عليه وسلم واتباع سنته. لابد لها من توكل على الله ويقين تام في نصره.
إن تأهيل شباب هذه الأمة يعني بناء شخصية متوازنة، قادرة على مواجهة ويلات الواقع من ظلم واستبداد وتخلف وتقهقر وفساد ومجون، قادرة على التحرر من سلطة الغرائز والميولات، قادرة على محاربة التفاهة وبناء الوعي الشمولي للماضي والحاضر والمستقبل.
الدعامة الثالثة: المبادرة
إن شباب غزة الشجعان ومن خلال معركة طوفان الأقصى المباركة، أعطوا مثالا لشباب الأمة الإسلامية في المبادرة والإقدام في مواجهة جبروت الكيان الصهيوني وظلمه، فكانت المباغتة والمفاجأة، وكان النصر والتوفيق والسداد.
إن شباب هذه الأمّة ينبغي له أن يكون مبادرا سباقا لأعمال الخير والصلاح التي من شأنها أن تحدث تحوّلاً في طريق تفكير الشباب وسلوكاتهم وأفعالهم، سبّاقا مبادرا لمقاومة مشاريع إفساد الشباب وتشويه شخصيتهم وتخدير عقولهم، مبادرا بالمقترحات والبرامج التي من شأنها أن تحدث التغيير داخل المجتمع والانتقال نحو التقدم والتطور، نحو العزة والكرامة والعدالة الاجتماعية.
يقول الله تعالى في محكم تنزيله إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى، إنهم فتية شباب في مقتبل العمر، آمنوا بالقضية وتفانوا في خدمتها وبذلوا الجهد والوسع لنصرتها وتحرير بيت المقدس من رجس الصهاينة الغاصبين، فزادهم الله هدى وتوفيقا ونصرا، زادهم الله سكينة وطمأنينة واستعدادا تاما للشهادة، إنهم شباب غزة الأشاوس الشجعان ومن ورائهم شباب الأمة جمعاء، فكلما كان الإيمان بالقضية والاستعداد التام للدفاع عنها ومقاومة الظلم والاستبداد جاء نصر الله وتوفيقه.
إن المستقبل للعزة والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، المستقبل للإسلام بعز عزيز وذل ذليل.