في ظل الاحتلال الصهيوني الغاشم لفلسطين الأبية، فقد لعبت المرأة هناك على مدى عشرات السنين، دورا كبيرا في تثبيت وتوازن هذا الشعب الأعزل أمام الغطرسة الظالمة للمحتل الآثم.
فما هي التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية؟ وكيف استطاعت الصمود طوال هذه العقود من الزمن؟
لقد أودع الله تعالى في المرأة من المؤهلات ما يميزها عن باقي المخلوقات على اختلاف أنواعها، فهي مثوى للحنان والرفق والرجاحة والسكينة والرحمة… بل وهي بمثابة الركيزة والسند في الأوقات العصيبة. لكن المرأة الفلسطينية تفوقت على بنات جلدتها، فهي الصامدة المحتسبة، والصابرة المثابرة، والمرابطة المخلصة لقضيتها… إنها على العهد والوعد ما دامت شجرة الزيتون باقية مثمرة.
وهل تمة من صمود وهي تدر التراب على جثامين الشهداء من الأبناء والإخوة والزوج والوالدين..؟ إنه حقا صمود وتحد قل نظيره، حتى في الرجل الذي لطالما عرف بقوته وشجاعته وقيادته وشهامته…
إنها المرأة الفلسطينية التي جمعت ما تفرق في نساء عصرها، فهي تقف بكل شموخ في مواجهة ومجابهة أعتى الجيوش المدعومة من القوى العالمية، إنها الحرب المعلنة مند نكبة “1948” والتي حصدت – ولا تزال – الأخضر واليابس، إنها الصهيونية التي تجردت من كل معاني الإنسانية، فهي لا تلقي بالا، ولا تعطي اعتبارا للأعراف ولا للقوانين الدولية.
فالمرأة الفلسطينية تجسد بحق النموذج القرآني الذي أراده الله تعالى، فورود لفظ “المرأة” مفردا ومثنى وجمعا في كتابه العزيز مؤشر على أهميتها، ومكانتها في الحفاظ على توازن الفرد والأسرة والمجتمع.
والمرأة حاضرة في القصص القرآني وبقوة، فكلما ذكر الله تعالى نبيا من الأنبياء إلا وذكرت معه امرأة أما أو بنتا أو أختا أو زوجة. فهي الملاذ، والقوة الدافعة والمحفزة، كذلك هي المرأة الفلسطينية. فما نراه اليوم من إنجازات المقاومة الفلسطينية على أرض المعركة، إنما هو نتيجة حتمية لوجود هذه المرأة. فهي المعلمة والمربية والمشجعة للإبن والأخ والزوج… فوراء كل رجل عظيم من هؤلِاء امرأة. وحيث إن الرجل والمرأة عظيمان، فلا بد أن تكون الذرية أعظم وأقوى وأنجح لمواصلة المسير حتى تحرير الأرض.
يقولون إن المرأة نصف المجتمع، ونحن نقر – بعد الاحترام والتقدير للرجل – أن المرأة هي المجتمع كله، لما تلعبه من دور الريادة في التربية والتوجيه والمواكبة… ولاعتبارها واحدة من أهم المقومات التي تنبني عليها المجتمعات. والمرأة الفلسطينية نظيرة الرجل ومكملته في الثبات والتنظيم، فهي الشهيدة، أو زوج الشهيد، أو أخت الأسير، أو ابنة الجريح… لتقف سدا منيعا أمام استكبار الاستعمار الصهيوني الذي استحل الأرض والعرض. تلك إذن هي المرأة الفلسطينية التي ضحت، وجاهدت، وصنعت رجال فلسطين.
وأخيرا لا يسعني إلا أن أقف احتراما وإجلالا لكل النساء الفلسطينيات اللائي آثرن النفس والنفيسَ لتحقيق الحرية والاستقلال.