كثر الجدل مؤخراً حول دور وأهمية الوقفات والمسيرات التضامنية في نصرة المستضعفين بله تغيير موازين القوى لصالحهم عبر تحقيق بعض أو كل مطالبهم.
ومناسبة الحديث خروج مظاهرات عارمة في جميع أصقاع الأرض تنديداً بالعدوان الوحشي الإسرائيلي الأخير على غزة هاشم، وظهور مجموعة من المتحدثين والإعلاميين وأشباه العلماء ممن عميت بصيرتهم أو قل تحصيلهم، يسفهون هذه المظاهرات التضامنية، ويقللون من شأنها بل ويحرمونها، لأنها في نظرهم البئيس لا تعني إلا خروجاً عن الجادة وإيقاظاً للفتنة وتشريعاً للفوضى !!
لكن الذي لا يعلمه هؤلاء ومن يجاريهم أن للخروج في المسيرات الاحتجاجية أصل في شريعة الإسلام، خاصة إن كان بدافع نصرة المستضعفين عموماً والمسلمين خصوصاً، وكان له أثر معين مادياً كان، أم معنوياً في تغيير مجريات الأحداث.
وفي هذا العرض المختصر نرصد طائفة من الدوافع الشرعية والأهداف السياسية التي يمكن للمتظاهر أن ينطلق منها، ويجدد بها نيته لدعم إخوته وأخواته في كل مكان.
الدوافع الشرعية
* عند صدور الأمر من الله تعالى لرسوله الكريم بالجهر بالدعوة خرج عليه الصلاة والسلام وجموع الصحابة إلى شعاب مكة مكبرين ومهللين، ولم يكن وقتها قد فرض القتال !
* في الحديث المشهور عن تغيير المنكر باليد ثم باللسان ثم بالقلب، ندب إلى الصدع بكلمة الحق وقولها في الميادين، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالأسواق ويرفع صوته عاليا: “قولوا لا إله إلا الله تفلحوا” !
* وهذا ما يدفعنا للحديث عن باب مهم من أبواب الجهاد تحدث عنه علماؤنا رحمهم الله وهو “جهاد الكلمة والحجة”.
* قال الله تعالى: وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر، فهذا واجب شرعي مندوب إليه، خاصة مع طلب النصرة الذي قدمه المقاومون في غزة لكل الحكومات والشعوب العربية بدعمهم على قدر الاستطاعة. وقد قال الشيخ أحمد ياسين رحمه الله -شيخ المقاومين- يوماً ما مضمونه: لمسيرة تضامنية في الرباط أفضل عندي من عملية استشهادية في تل أبيب) !!
* بذل الجهد والوقت والمال في عمل يستهدف مصلحة المسلمين العامة.
* تنبيه وإيقاظ الغافلين بما يحاك للإسلام والمسلمين، مما قد يدفعهم دفعاً إلى التوبة إلى الله تعالى.
* تقوية الشعور بالانتماء إلى دين الإسلام وإلى الوطن الإسلامي الممتد في ربوع الأرض.
الأهداف السياسية والمعنوية
الضغط على المسؤولين وإحراجهم قصد دفعهم إلى الخروج من الصمت، وتقديم موقف واضح من العدوان على المسلمين بما يتناسب مع الإمكانيات والظروف المتاحة.
* تحسين الشروط التفاوضية للمجاهدين الصامدين في جبهات القتال عبر تدويل القضية وانتشار أشكال التضامن في العالم.
* رفع معنويات المقاتلين في ميادين المقاومة عند سماعهم أنباء من ينقل أنينهم إلى العالم ويستمع لصوتهم ولعطائهم.
* تفريغ الطاقات الجامحة والعزمات المتوثبة للشباب الطامح إلى نصرة أهله في أشكال سلمية بعيدة عن العنف والتخريب.
هذا بعض مما استحضرناه من أسباب ودوافع لنصرة المسلمين بالخروج للشوارع، ولو كانت الظروف غير الظروف، وأقطار الإسلام ممتدة بلا حدود، ومصير الأمة على قلب رجل واحد، لكان الأجدى أن ينتظم الناس في صفوف المقاتلين جنباً إلى جانب مع إخوانهم في الساحات، ولكن هذا قدر الله، نسأله سبحانه أن يلطف بنا وأن لا يحملنا مالا طاقة لنا به، وأن ينصر إخواننا في فلسطين وفي غيرها من الأقطار.