الله يجازيكم بالخير.. شاركوا
دخلت المؤسسة المخزنية في المغرب على المواطنين من جميع الأبواب والمنافذ؛ الإعلامية والسياسية والقانونية لكنها لم تفلح لحد الساعة في حمل المغاربة على تغيير نظرتهم للعملية السياسية برمتها.
ذلك أن القنوات العمومية والإذاعات العمومية والخاصة ومواقع الأنترنت والصحف والمجلات والملصقات وغيرها استعملت للفت انتباههم إلى أن ثمة شيئا جديدا سيحدث في البلد، حتى إن بعض العبارات دعت إلى التصويت ولا يهم من تصوت عليه.
وبالموازاة مع كل هذا المجهود الإعلامي الكبير، قامت أجهزة الداخلية بحشد سيارات الأجرة الكبيرة والصغيرة وسائر وسائل النقل العمومي والنقل السري، والحافلات، وبعض “العياشة” حاملين مكبرات الصوت للقيام بحملة انتخابية استثنائية في الشارع العمومي لدعوة الناس إلى التصويت، رغم مشاركة واحد وثلاثين حزبا سياسيا في الحملة الانتخابية؟
إنها حملة انتخابية فريدة تتنافس فيها الدولة، وهي المالكة للأرض والفضاء، مع الجماهير المقتنعة بلا جدوى التصويت وفي مقدمتها حركة العشرين فبراير وأنصارها.
فكيف لمؤسساتنا السياسية الرسمية، الواثقة من انتصارها على “العدميين” من أنصار حركة العشرين فبراير وجماعة العدل والإحسان والأحزاب اليسارية، أن تطل على المواطنين من السماء والأرض لتوزع منشوراتها بسخاء، وتحث الناس على عدم تفويت الفرصة التاريخية لاختيار ممثلين “غير سامين” للشعب المغربي؟
فشل .. وفشل
هل لهذه الإجراءات من دلالة سوى فشل السياسة الرشيدة في التواصل مع عموم الجماهير الشعبية، وبالأخص الشباب، والتمكن من جلب انتباهه إلى التصويت على برامج حزبية متشابهة؟
وهل يمكن لمثل هذه الإجراءات البئيسة أن تدفع الشباب اليائس إلى انتخاب مؤسسة تشريعية فاقدة للصلاحيات، وهم المعطلون، أو الغارقون في أوحال الجريمة والدعارة، أو الشهداء في البحر المتوسط؟
إن الحقيقة الماثلة أمام أنظار الجهات المسؤولة في هذا البلد قبل غيرها، هي برودة العملية الانتخابية منذ أيامها الأولى، وانصراف معظم المغاربة عن شيء اسمه “التصويت” يوم 25 نونبر. فما الذي يتعين على الدولة الديمقراطية جدا أن تفعل يوم السبت 26 نونبر؟
نصيحة فصيحة
أقول للحاكمين بالإيجاز المطلوب: إن خطة “التجاوب مع مطالب المغاربة” و”احتواء المعارضة السياسية الشعبية” قد فشلت، وإنكم ضيعتم شهورا طويلة في سياسة العدم والهباء.
وأقول للطبقة السياسية المشاركة في عملية الاستخفاف بعقول المواطنين: إنكم رضيتم بالاستمرار في نهب الأموال العمومية بدون وجه حق، وفي تبذيرها على ما لا فائدة منه، فعليكم أن تتحملوا تبعات فسادكم وتهوركم وإفلاسكم.
وأقول للشباب المغربي قاطبة: أمامكم فرصة تاريخية لاقتلاع الفساد والاستبداد من جذوره عبر مواصلة مسيرة الاحتجاج والرفض، والتطلع إلى حوار سياسي وفكري واسع بين فضلاء هذا البلد الكريم لأجل تأسيس مرحلة سياسية جديدة قوامها الاستماع إلى نبض الشعب واحترام إرادته وتنفيذ اختياراته.
سيقول المنافقون والسفهاء إن خطابك هذا مغرق في العدمية والحلم، وكذلك قالت بطانة السوء في تونس ومصر وليبيا؛ فهل من معتبر؟