القضية الفلسطينية قضية دينية ومصيرية بالنسبة للشعب المغربي
في جواب عن موقف الشعب المغربي من المحاولات الصهيونية لتهويد القدس، أكد الأستاذ فتح الله أرسلان “أن الشعب المغربي يعيش القضية الفلسطينية بروحه ودمه ويتجاوب معها بشكل كبير، بل ويعتبرها قضيته الدينية والمصيرية، فالأمر تجاوز مرحلة التعاطف مع شعب يتعرض لمحنة” مضيفا: “أن الحصار الإعلامي يحول دون الاطلاع والوقوف على مختلف الأنشطة والمبادرات الشعبية وذلك رغم المنع السلطوي المتكرر بالمغرب لعدد من المسيرات المحلية والوطنية. لكن ذلك يزيد من التعاطف الكبير مع الشعب الفلسطيني، وفي إطار التعريف والتحسيس بمخاطر الأساليب الصهيونية تعتبر القضية الفلسطينية رأس حربة في القضية الإسلامية عموما، إذ المشكل لا يتعلق ببقعة أرض فقط بقدر ما هي مسألة هوية ومصير، كما يجب التنديد بمخاطر التطبيع مع الكيان الصهيوني ثقافيا واقتصاديا”.
وحول ما صدر عن المؤتمر العام لدعم الانتفاضة والمقاومة، قال الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان “أن هذا المؤتمر شعبي وليس رسميا، ولذلك فلا يمكن أن ننتظر منه إصدار قرارات كبيرة ورسمية، بل حتى الجهات الرسمية نفسها لم تخرج لحد الآن بقرارات تكون قوية وعملية وفي مستوى ما نعيشه في هذه المرحلة الدقيقة، المهم هو أن المؤتمر العام خرج ببرنامج عملي يستطيع أن يتبناه كل الفاعلين في الساحة العربية والإسلامية وتشتغل عليه، وبالتالي إن طبق ونفذ هذا البرنامج سيكون مساهما في تعبئة الأمة”.
تراجع خطير في مجال الحريات بالمغرب
أكد الأستاذ فتح الله أن المغرب يشهد “تراجعا خطيرا في مجال الحريات إن على مستوى الحقوق العامة، أو على المستوى الصحفي، حيث يستمر مسلسل المنع والحجز والمصادرة في حق عدد من الجرائد وفق أساليب تتخذ بقرارات إدارية أو قضائية، لكن الأخطر هو المنع بالطرق غير القانونية أي بواسطة التعليمات وهو ما يتعلق بصحافة العدل والإحسان، إذ أصدرت الجماعة في العهد الجديد جريدة العدل والإحسان ناطقة باسمها، وما إن صدر العدد الافتتاحي حتى صودرت بغير موجب قانوني رغم استيفائها لكل الإجراءات القانونية، فهددت المطابع وشركة التوزيع بل وتم السطو عليها من قبل السلطة بعد الاعتماد على التوزيع الذاتي، كذلك الأمر بالنسبة لجريدة رسالة الفتوة الناطقة باسم شباب العدل والإحسان، نفس المنطق يحكم التعامل مع الأختين”.
مشكلة المغرب أن جميع المبادرات تأتي من المؤسسة الملكية
اعتبر الأخ أرسلان “الأوضاع لم تعد تحتمل، وعليه وجب المباشرة في وضع دستور جديد بالفعل يتضمن كل القضايا المطروحة من صلاحيات المراقبة والمحاسبة وفصل السلطات وغيرها، فالتحولات المحلية والإقليمية والدولية تفرض نوعا من النظر للمستقبل وهذا ما يجب أن يكون، لكن هل سيتحقق؟ “نحن لسنا متحمسين للتغيير، لأن العقلية الحاكمة لازالت هي هي، ومع ذلك نتمنى الإصلاح”.
وعن الإصلاحات الداخلية التي يقوم بها الملك محمد السادس، قال الأستاذ أرسلان “إن مشكلة المغرب تتجلى في أن جميع المبادرات تأتي من المؤسسة الملكية، ونعتقد أنه آن الأوان ليشرك الجميع في تشكيل المبادرات المستقبلية، فالمغاربة بلغوا مرحلة النضج ولابد أن يشركوا ويشاركوا في صنع القرارات المصيرية للبلاد. وطالما بقي الاعتقاد بأن الشعب المغربي يجب أن يظل مغيبا، فسنبقى في إطار الأمور الممنوحة.
وحول الحوار مع السلطة بالمغرب أجاب الأستاذ فتح الله “أن هناك حوارا مع السلطة، لكن الجماعة تطرح قضية تتجاوز مسألة إشراك الشعب وهو ما يصطلح عليه بالميثاق، فقد آن الأوان لوقفة جماعية لمحاسبة الذات وفتح حوار شامل مع الجميع دون إقصاء أي طرف لكي نحدد معالم المرحلة المقبلة، ونتفق على وضع ميثاق يشرك الجميع وذلك بعيدا عن الحلول الترقيعية والمزايدات السياسية، هذا الميثاق يعتبر ثمرة لنقاش جماعي واسع يكون على مرأى ومسمع من الشعب المغربي الذي لا يلتفت إليه أحد ولا يشركه في القرارات الهامة”. وعن آليات تنفيذ هذا الميثاق قال الأستاذ فتح الله “أننا لسنا مستعجلين لابد أولا من حوار جماعي على أن تنبثق عنه لجنة يختارها الشعب تضع بنود هذا الميثاق، والدخول في مرحلة انتقالية بعدها يمكن التحدث عن الانتخابات وغيرها. أما الحديث عنها في هذه الظروف وعن نزاهتها فهو من باب العبث واجترار المشاكل السابقة”.
ارفعوا أيديكم عنا
طالب الأستاذ فتح الله أرسلان “بإظهار الحقيقة للشعب المغربي حول ما جرى في المرحلة السابقة وتجاوزاتها والمسؤولين عنها، ليس من منطلق الانتقام ولكن من باب وضع الضمانات الأساسية حتى لا يتكرر ما وقع في العهد السابق، خصوصا وأننا نرى الآن استمرار تلك التجاوزات الحقوقية وما تعرضت له جماعة العدل والإحسان في اليوم العالمي لحقوق الإنسان السنة الماضية خير دليل، فقد خرجت الجماعة لتحتج بطريقة سلمية قائلة للسلطة ارفعوا أيديكم عنا فما كان من جواب سوى شن هجوم شرس وقمع وتنكيل وضرب لذا لابد من وضع حد لهذه الانتهاكات وعدم ربطها بشخص أو شخصين”.
وفي إطار الملف الحقوقي اعتبر الأخ فتح الله “أن ملف الأستاذ المهدي بنبركة يمثل ملفا واضحا وصارخا للانتهاكات وأن سبب طرحه بحدة في الظروف الحالية هو ما استجد فيه من معطيات حول طريقة اختطافه وتعذيبه وقتله”.
إسبانيا والجزائر ليس في صالحهما حل قضية الصحراء
اعتبر الأستاذ أرسلان أن “منشأ الخلاف بين إسبانيا والجزائر من جهة والمغرب من جهة أخرى هو قضية الصحراء. فإسبانيا موقفها متحيز ضد المغرب وتعتبر قضية الصحراء مرتبطة بقضية سبتة ومليلية المدينتان المحتلتان من قبل إسبانيا وأن حل الأولى سينعكس على الثانية. أما حكام الجزائر فيعتبرون قضية الصحراء مصيرية بالنسبة إليهم. فلا نعتقد وجود انفراج بين البلدين على الأقل في المنظور القريب. على المستوى الداخلي كان من الواجب إدارة ملف الصحراء بطرق أخرى. وبخصوص الحل الثالث الذي وضعته الأمم المتحدة فقد ظهرت عناصر أخرى أعادت ملف الصحراء خطوات للوراء فهو ملف لا يراد له أن ينتهي. ومع الأسف لازلنا نتخبط في مثل هذه المشاكل الحدودية المفتعلة التي ورثناها عن الاستعمار البائد ولم نرق بعد إلى مستوى تجاوزها. وعليه لابد لنا ونحن أمة واحدة من التكتل لمواجهة خطر العولمة القادم”.
تحية للمقاومة الإسلامية وفي مقدمتها حزب الله اللبناني
خلال هذا اللقاء الصحفي وجه الأستاذ فتح الله تحية حارة للمقاومة الإسلامية وحزب الله معتبرا ما حدث من تحرير للأراضي اللبنانية ودحر للعدو الصهيوني بعث الأمل وأرجع الثقة للعرب والمسلمين الذين اعتزوا بهذا الانتصار معتبرين إياه انتصارا للأمة والقضية الإسلامية، فهو أكبر من المساحة المحررة. منبها إلى ضرورة تحصين هذا النصر واستثماره وتوظيفه وعدم الاغترار به خصوصا وأن المعركة مستمرة.
أمر آخر أكد عليه الناطق الرسمي لجماعة العدل والإحسان هو ضرورة الثقة في الله عز وجل واليقين التام في أن النصر منه سبحانه وتعالى واستمداد العون منه عز وجل وأنه “كلما ابتعدنا عن الله عز وجل وعن ديننا أوكلنا الله تعالى لأنفسنا، لكن إذا توكلنا عليه عز وجل وأعددنا الأسباب الضرورية لا بد وأن يتم النصر والتمكين. وإذا كان الخطاب السائد الآن هو التيئيس والإحباط فالأمر ليس كذلك، فبعد العسر يسرا واشتدي يا أزمة تنفرجي وموعود الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حق والمستقبل إن شاء الله للإسلام والمسلمين”.
يذكر أنه إضافة إلى الأستاذ فتح الله أرسلان، شارك في أشغال المؤتمر العام لدعم الانتفاضة والمقاومة بلبنان الأستاذان عبد الواحد متوكل الأمين العام للدائرة السياسية وكذا محمد الحمداوي عضو الأمانة العامة.