عند عودتي من العمل..مباشرة بعد دخولي إلى البيت استقبلني طفلي الرضيع بابتسامة محاولا الوقوف لعناقي أو ربما إجلاسي لإرضاعه. غيرت ملابسي مسرعة وخصصت له بعض الدقائق…وبعد أن طمأنته أني سأقضي معه باقي اليوم، استأذنته أن أقوم لأضع اللمسات الأخيرة لوجبة الغذاء وإعداد مائدة الطعام حتى تتمكن أختاه من الذهاب لمدرستهما في الوقت .
وفي هذه الأثناء لاحظت ابنتي الكبرى خولة وعمرها آنذاك ثمان سنوات، وهي واقفة تتأمل حركاتي وتحاول مساعدتي، خاطبتني قائلة: أيمكنني أن أطرح عليك سؤالا طالما راودني يا أمي؟ إن رجع بك الزمان إلى الوراء وخيرك الله أن تكوني رجلا أم امرأة، فماذا كنت ستختارين؟
نظرت إليها بتأمل مدركة سبب سؤالها، فابتسمت ورددت قائلة: أتدرين حبيبتي أن ما يبدو لك أعباء هي أبواب أتقرب بها إلى ربي؟ أتعلمين أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟، قال: (أمك) ، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أمك)، قال: ثم من؟ قال: (أبوك).متفق عليه.
وأن المرأة تسلك إلى الله تعالى من خلال وظيفتها الطبيعية كأم أو زوجة أو بنت راعية لوالديها. فعن أنس رضي الله عنه، أن حاضنة إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم قالت :
يا رسول الله تبشر الرجال بكل خير ولا تبشر النساء…. فقال: أفما ترضى إحداكن أنها إذا كانت حاملاً من زوجها وهو عنها راض أن لها مثل أجر في سبيل الله، فإذا أصابها الطلق لم يعلم أهل السماء وأهل الأرض ما أخفي لها من قرة أعين، فإذا أرضعت لم يخرج منها جرعة من لبنها ولم يمص منها مصة إلا كان لها بكل جرعة وبكل مصة حسنة، فإن أسهرها ليلة، كان لها مثل أجر سبعين رقبة تعتقهن في سبيل الله . رواه الطبراني في الأوسط
وفي حديث آخر، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجلس وسط أصحابه عندما دخلت عليه الصحابية أسماء بنت الصحابي يزيد بن السكن بن رافع الأنصاري وقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، وإني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين، كلهن يقلن بقولي وعلى مثل رأيي: إن الله تعالى بعثك إلى الرجال والنساء كافة، فآمنا بك واتبعناك، وإنا معشر النساء مقصورات مُخدرات، قواعد البيوت، وموضع شهوات الرجال، وحاملات أولادكم، وإن الرجال فضلوا بالجماعات وشهود الجنائز، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم، وربينا أولادهم، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت الرسول صلى الله عليه وسلم بوجهه إلى أصحابه، وقال لهم: “هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه”؟ فقالوا: بلى يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا: فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها، فقال: “انصرفي يا أسماء، وأعلمي مَنْ وراءك من النساء أن حُسن تبعل إحداكن لزوجها، وطلبها لمرضاته، واتباعها لموافقته تعدل كل ما ذكرت !” فانصرفت، وهي تهلل وتكبر استبشاراً بما قاله لها رسول الله.
ثم إن المرأة هي صانعة مستقبل الأمة، تلد وتربي أجيالا وإن كانت من خلق الله تعالى فهي من عمل الإنسان، فإذا تعهدت المرأة ولدها بالرعاية والتربية والتوجيه. فإنها تؤهله لحب خالقه ونبيه صلى الله عليه وسلم ولبناء أمته وإعادة مجدها.
والآن حبيبتي وبعد كل ما ذكرت، لو طرحت عليك السؤال نفسه، ماذا سيكون جوابك؟
فوقفت منتصبة القامة مبتسمة وأجابت: أن أكون امرأة، وسأكون فخورة بذلك !
امرأة وأفتخر
نشر بتاريخ
نشر بتاريخ