تداولت وسائل الإعلام يوم الأحد (21 ماي 2023) خبر عقد حكومة دولة الاحتلال الإسرائيلي لمجلسها الأسبوعي بنفق تحت حائط البراق والمسجد الأقصى في خطوة منها لإحياء الذكرى السادسة والخمسون لسيطرة الصهاينة على الجزء الشرقي من المدينة المقدسة عقب هزيمة الأنظمة العربية في حرب حزيران يونيو 1967. وقد تناقلت الوسائل الإعلامية ذاتها أن وزراء الحكومة وكبيرهم قد تدارسوا سبل وإجراءات توسيع السياسات التهويدية للمدينة.
قبل حوالي أسبوعين من هذه الخطوات الطائشة لقادة دولة الاحتلال، كان رعاياهم متكدسون تحت باطن الأرض في ما يعتبر ملاجئ ٱمنة هربا من صواريخ المقاومة، التي كانت تتقاطر على المستوطنات الإسرائيلية في مجمل أراضي فلسطين التاريخية، في جولة جديدة من جولات الصراع مع قطاع غزة الأبية والتي أشعلها إقدام الصهاينة على اغتيال قادة المقاومة الفلسطينية من حركة الجهاد الإسلامي، في مجزرة بشعة راح ضحيتها العديد من الأطفال الأبرياء والنساء العزل، وقبلهم استشهاد الشيخ خضر عدنان في معتقلات الصهاينة.
بين ملاجئ المستوطنين وأنفاق حكومتهم تظهر مدى القوة والشرعية التي يتمتع بها سكان دولة الشتات، الذين لا يستطيعون إثبات حضورهم ووجودهم فوق الأرض التي يدعون حيازتها كوطن قومي لهم، ويعملون بكل ما أوتوا لطمس وإخفاء كل المظاهر التاريخية والحضارية القائمة، والتي تثبت ملكيتها لأصحاب الحق الشرعي والتاريخي؛ الشعب الفلسطيني.
وبالمقابل، وغير بعيد عن مدينة القدس، يقطن أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة الذين لا يدخلون الملاجئ زمن الحروب التي يتعرضون لأبشعها بشكل يكاد يكون مستمرا من قبل الصهاينة. بل إن سكان غزة لا يخطر ببالهم مجرد التفكير في إنشائها لوقت الضرورة، وهم الشعب الذي يمارس حياته العادية حتى زمن الحرب والقصف. ولا يزدحمون عند المعابر الحدودية للقطاع سوى في اتجاه واحد؛ اتجاه الدخول نحو غزة، ولم تسجل وسائل الإعلام ولا غيرها في كل الحروب التي شنت على القطاع أن سكان غزة بدأوا موجة نزوح أو لجوء بعيدا عن مناطق سكناهم.
بل الذي يشهد عليه العالم كله هو أن سكان غزة ومقاومتها الباسلة نشطون في إقامة الأنفاق المخصصة لاحتضان رجال وعتاد ومفاجٱت المقاومة الفلسطينية الأبية الموجهة لحماية الديار والعمار ورد كيد المعتدين. يقومون بذلك رغم شح الوسائل والإمكانات وتربص المتربصين والخائنين.
إن المشروع الصهيوني وحاملوه من مستوطني وقادة دولة الاحتلال الإسرائيلي قد بات في تراجع مكشوف، يعكس ذلك دركات الأنفاق والملاجئ التي ألجأتهم إليها ضربات المقاومة الفلسطينية، وفي الجهة المقابلة أضحى مشروع مناهضة الصهاينة والتطبيع معهم يرتقي الدرجات تلو الأخرى، ارتقاء نحو تحرير كامل أراضي فلسطين.