على كتفيها حملت حلمها وانطلقت.
انطلقت تعدو به، في سعي حثيث ومُلحّ لتحقيقه، وجعله واقعا يتجاوز آلامها ومعاناتها اليومية، ويسمو بها نحو غد أفضل.. تراه بعين الحلم أفضل.
لكن من أين لها القوة والقدرة على التحمل، في ظل ظروف تُزاحم أحلامها الوردية، وتُطيح بها من علٍ؟
كيف لها الانتقال من واقع بئيس مرير، يقضُّ أيامها ولياليها، ويعبث بمصيرها، ويدفع بها إلى هاوية سحيقة من الإحباط.. إلى يوم تتطلّع إليه بشغف رغم كل العقبات.
إنها هنا منذ أجيال.. تُحاول الصمود بين الجبال الوعرة والبوادي القفرة، والتمسك بحقها المشروع في التمدرس والتعلم والارتقاء بمستواها الفكري والإبداعي إلى مداه، ومقاومة عوامل الانجراف التي تقتلعها من كونها إنسانة لها حق العيش الكريم والمساهمة الوازنة الراشدة في تحقيق حياة تحتفي بالإنسان ذكرا كان أو أنثى.. إلى مجرد شيء يُقال له كن فيكون..
إنها التلميذة والطالبة.. التي تحاول الوقوف بثبات على أرض هشة، وبين فجاج تُهدد سيرها وصبرها.
إنها امرأة الغد التي تُحاول بإصرار تحقيق ذاتها، وصقْل شخصيتها، وضبط عناصر وجودها، وحزم أمرها، حتى لا تنفلت مما كفله المولى عز وجل لها في قدرتها على الحياة والمشاركة فيها بفعالية، كما انفلتت من هُنّ قبلها فأصبحن مجرد أشباح امرأة.
حملت حلمها على كتفيها، وانطلقت تعدو به.. في دأْب متواصل ويقين راسخ بأن الغد يحمل بين ثناياه موضعا لحلمها.