بعد أن نشر موقع الجماعة نت أربع حلقات لسلسلة “تناقضات شاهد الإثبات”، في قضية معتقل العدل والإحسان السيد عمر محب الذي يقضي حكما ظالما بـ10 سنوات سجنا، والتي كشفت الزور البين للشاهد، نظرا لتعارض تصريحاته الواضح ولمرات متعددة في خمسة مواضيع (سياق الأحداث، والأشخاص المعتدون وعلاقته بهم، ووجهة سيارة الأجرة، والمساهمون المفترضون في القتل، وكيفية التعرف على العارض لدى الشرطة)، نختم اليوم هذه الحلقات بالخلاصة التي يفضي إليها كل ذلك التضارب، ونجمّع المزيد من قرائن الزور لتتضح المؤامرة.
إذ بناء على كل تلك الحلقات، التي استقى موقع الجماعة نت معطياتها من هيئة الدفاع، خلصت هيئة دفاع عمر محب إلى ثبوت قرائن الزور ووضوحها في شهادة السيد الخمار الحديوي، بل ذهبت إلى أنه لو استمع له مجددا، فإنه سيدلي بروايات أخرى لهذه الوقائع لأنها مختلقة من أساسها.
ويظهر زور شهادة الشاهد من مقارنتها مع ما سبق أن صرح به حينما كان متهما، إذ بخصوص سياق الأحداث ورد في محضر الضابطة القضائية المؤرخ في 27 أكتوبر 1993 بأن المشتكى به تلقى خبرا من بعض زملائه بأن مجموعة من الطلبة المناوئين لهم، بصدد عقد حلقة لدعوة الطلبة إلى مقاطعة الدروس، فقاموا بمهاجمة المجموعة المناوئة، ووقعت مواجهات بين المجموعتين. في حين صرح أمام السيد قاضي التحقيق بتاريخ 25 نونبر 1993 بأنه كان بتاريخ 25 فبراير 1993 يتابع دراسته حتى حدود الثانية والنصف بعد الزوال، حيث أصابه العياء، ولذلك توجه إلى محطة الحافلات للالتحاق بمسكنه، ولحق به صديقه آيت الجيد محمد، وامتطيا معا سيارة أجرة، وبناء عليه فإنهما لم يكونا في حوار مع عميد الكلية حول ملف المطرودين، كما صرح بذلك حينما استمع إليه كشاهد في قضية السيد عمر محب.
أما بخصوص الوجهة التي كان متوجها إليها رفقة الهالك بواسطة سيارة الأجرة فقد صرح خلال مختلف المراحل التي كان فيها متهما بأنها حي ليراك، بينما صرح حينما استمع إليه كشاهد بأن الوجهة كانت حي القدس.
وفيما يتعلق بالجناة الذي اعتدوا على الضحية آيت الجيد، فقد صرح أمام الضابطة القضائية بتاريخ 27 أكتوبر 1993 بأنه شاهد أحد المعتدين وهو ينهال على الضحية بضربة قوية على رأسه بواسطة حجرة كبيرة كالتي تستعمل في إصلاح الرصيف. في حين صرح أمام السيد قاضي التحقيق بتاريخ 25 نونبر 1993، بأنه شاهد السيد الكادي توفيق يحمل حجارة كبيرة، ويساعده في ذلك المسمى لعجيل لكبير، وانهالا بها على رأس الضحية. ولم يذكر آنذاك المتهَمَ ولا كرويل عبد الواحد، ولا قسيم عبد الكبير، فكيف تأتى له نسيان هؤلاء رغم أن الأحداث لازالت غضة طريق، ولم يتذكرهم إلا بتاريخ 15 أكتوبر 2006، بعد مرور حوالي 13 سنة، فأي ذاكرة هذه التي تنشط بمرور الزمن وطول الأيام على خلاف العادي والمألوف من الأمور، حيث تفتر الذاكرة بمرور الزمن.
ويظهر زور الشهادة المدلى بها من قبل المشتكى به من مقارنتها كذلك مع تصريحات سائق سيارة الأجرة السيد أحمد موهيب. ذلك أنه بخصوص وجهة سيارة الأجرة، فقد صرح السيد أحمد موهيب في جميع المراحل بدأ من الاستماع إليه من قبل السيد قاضي التحقيق بتاريخ 19 فبراير 2007، مرورا بغرفة الجنايات الابتدائية ثم الاستئنافية، وانتهاء بمحكمة الإحالة، فقد صرح بأن المشتكى به والضحية طلبا منه نقلهما إلى حي ليراك، وليس حي القدس كما صرح بذلك المشتكى به حينما أصبح شاهدا. أما بخصوص وضعية الراكبين في سيارة الأجرة، فقد صرح الشاهد أحمد موهيب في جميع المراحل بأنهما كان يجلسان معا في المقاعد الخلفية، بينما صرح المشتكى به أن الضحية كان يجلس في المقعد الأمامي بجانب السائق، بينما يجلس هو في المقعد الخلفي.
وبخصوص ما إذا كان الأشخاص الذين اعترضوا سيارة الأجرة مسلحين أم لا، فقد صرح الشاهد أحمد موهيب أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بأن الهاجمين لم يكونوا مسلحين، في حين صرح المشتكى به أمام غرفة الجنايات الاستئنافية بتاريخ 18 دجنبر 2007 بأن الهاجمين كانوا مسلحين بالعصي والسلاسل والحجارة.
وقد لاحظت غرفة الجنايات الاستئنافية التناقض الصارخ بين الشاهدين في هذه النقطة وكذا في النقطة السابقة، الأمر الذي حدا بها إلى إجراء مواجهة بين الشاهد موهيب والخمار، حيث صرح هذا الأخير بأن الضحية كان يجلس في المقعد الأمامي بجانب السائق ويجلس هو بالمقعد الخلفي، وعقب الشاهد موهيب بأن الراكبين كانا يجلسان معا في المقعد الخلفي، وبأن الهاجمين لم يكونوا حاملين لأي شيء لا عصي ولا سكاكين ولا سلاسل، بل صرح بأن أحد الراكبين هو الذي كان يحمل سكينا.
وفيما يتعلق بوضعية الطريق الذي وقعت في الجريمة، فقد أكد موهيب في جميع المراحل بأن الطريق كانت عادية وليس بها أشغال، وأنه لم يعاين أي أحجار للرصيف (طروطوار)، في الوقت الذي يصر فيه الشاهد المشتكى به على أن الهاجمين كانوا مدججين بالأسلحة والحجارة وأن الاعتداء تم بواسطة حجر ترميم الرصيف (طروطوار).
ويظهر زور الشهادة المدلى بها من قبل المشتكى به كذلك من مقارنتها مع شهادة خمسة شهود، وهم الشعيبية بلعسال، رشيد الصغوري، فاطمة مرجان، عبد اللطيف الفيلالي، وزكري الطاهري، أكدوا كلهم في جميع مراحل المسطرة مشاركة السيد عمر محب معهم في ملتقى طلابي بمدينة الدارالبيضاء خلال المدة من 22 فبراير 1993 إلى 27 فبراير 1993 وعدم وجوده في مسرح الجريمة.
كل ما سبق من مقارنة بين مختلف الشهادات؛ سواء بمقارنة بعضها البعض مرورا بمختلف المراحل التي كان له فيها مركز الشاهد، أو بمقارنتها مع تلك المدلى بها إبان وضعيته كمتهم، أو بمقارنتها بتصريحات الشاهد السيد أحمد موهيب سائق سيارة الأجرة، أو الخمس شهود الآخرين، تفضح الظلم الشنيع الذي تعرض له المعتقل السياسي عمر محب، وتشير بوضوح إلى طبيعة الملف السياسية والتي لا يمكن اعتبارها إلا حلقة من حلقات أوراق الضغط التي مارسها النظام ولا يزال لتركيع جماعة العدل والإحسان وتطويعها لإرادته الاستبدادية.