جهاد من نوع آخر

Cover Image for جهاد من نوع آخر
نشر بتاريخ

جاءت للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم مهرولة بعتادها وعدتها وأدويتها مع صويحبات لها ستة يستأذن للخروج للمشاركة في غزوة خيبر.

بحثت عنها في كتب السيرة والتاريخ، أملي في ذكراها أن يمن الله علي بيقظة ويستنهض لي همة لأطلب مثل ما طلبن وأتهمم بما تهممن به.

فمن تكون هذه السيدة الكريمة التي كان النبي صلى لله عليه وسلم يجلها ويحترمها؟ وما هي المعاني العظيمة التي نستقي من نبع سيرتها؟.

أول طبيب في الإسلام امرأة

هي الصحابية الجليلة رفيدة بنت سعد الأسلمية من قبيلة أسلم، واسمها مشتق من الرفادة بمعنى الإعانة والعطية، ذكر ابن إسحاق في أسد الغابة ” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصاب سعدا (سعد بن معاذ رضي الله عنه) السهم بالخندق قال لقومه : اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب.

وكانت امرأة من أسلم، في مسجده، فكانت تداوي الجرحى، وتحتسب بنفسها على خدمة من كانت به ضيعة من المسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر به فيقول: كيف أمسيت وكيف أصبحت؟ فيخبره”. وقد ذكر نحوه الإمام البخاري رحمه الله في الأدب المفرد.

زيارة الحبيب لخيمة العطاء

” اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب” وكأني برفيدة رضي الله عنها القارئة، الكاتبة، المعروفة بخيمتها مع كل غزوة من الغزوات تداوي وتسعف محتسبة نفسها ومالها في خدمة مرضى المسلمين حاضرة وسط المسجد النبوي بدوره الريادي آنذاك وروحه، وهي ترى وتتعلم من الأخلاق والزيارات النبوية مساء صباح.

وبعيدا عن الاستدلال الفقهي الذي أحيطت به سيرة السيدة رفيدة رضي الله عنها في جواز خروج المرأة للعمل قبل أن يمنعها فقه منحبس – لم تمنعها سنة – جعلها حبيسة قيود أفقدتها ثقتها بنفسها وإمكانياتها، فإننا نجد في سيرة سيدتنا رفيدة معاني التهمم بأمر الأمة، والعطاء والبذل، وروح المبادرة والابتكار والقوة في الحق مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب لها بسهم في غزوة خيبر لحسن بلائها وجهادها، يحذوها إلى ذلك تطلعها الإحساني إلى أن يكون لها قدم صدق وسبق عند الله ورسوله.

ونقف لنتساءل هل كانت السيدة رفيدة تمتلك تلك القدرات الطبية قبل الإسلام فجاء إسلامها فتحررت إرادتها واستثمرت مواهبها في خدمة الأمة؟ وهل كانت هناك خيمات لصحابيات أخريات بأدوار مختلفة، متكاملة في خدمة الدعوة كل حسب إمكاناته وأولوياته؟.

اللهم إنا نسألك معية الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين أمين والحمد لله رب العالمين.