تحدث الإمام المرشد عبد السلام ياسين في مجلس، بتاريخ الثلاثاء 10 رجب 1426 الموافق لـ16 غشت 2005، عن شعبة حب الله تعالى؛ كيف نحققها؟ وما هي الأمور المعينة على ذلك؟
وأخبر الإمام رحمه الله تعالى أنه “مع طول الأمد تقسو القلوب وتخمد هبة حب التقرب من الله سبحانه وتعالى.. نقول في كل صلواتنا في سورة الفاتحة: .. اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم أتعلم أين علقت همتك؟ لو كنا نعي ما نقول في صلاتنا، علقتها بهمة الأكابر؛ الأنبياء والرسل وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والصديقين والشهداء والصالحين. تطلب هذا، طلبت كبيرا، ولكن عندما نقرأ الآيات دون استحضار معانيها، فماذا نطلب؟ كأنه هناك خمول يلزمه بروز أمر”.
وأوضح أن “ما نفتش عنه هو الإقبال على الله تعالى، كيف نحققه؟ نفهم ديننا فهما قانونيا؛ الحلال والحرام، هذا أمر ضروري لأنه لا يمكن أن نتقدم أو أن يحبنا الله تعالى إذا لم نعرف حدوده؛ الحلال والحرام والشبهة نبتعد عنها، ولكن هذا لا يكفي”.
ولكي يحصل لنا هذا الإقبال على الله بعد العلم بحدود الشريعة، دلنا الإمام ياسين قائلا “رأس الأمر كلّه هو الصّحبة. والصّحبة حين نفصّلها رجوعا إلى شعب الإيمان ماذا يوجد فيها؟ حبّ الله، حب الله هو الهبّة القلبيّة. هل قلبي يحب الله تعالى؟ يحب لقاءه؟ يريد الاستعداد للقاء الله عز وجل؟ يذكر ويتذكر؟
علينا أن نتفكر واعلموا أنكم ملاقوه، فإن لم تكن هناك هذه العلاقة القلبية التي هي الحب، حب الله والحب في الله وهي الصحبة، حب يقربك إلى الله سبحانه وتعالى، أبحث عمن يحب الله فأحبه، كي يجرني مغناطيس المحبة أنا كذلك فأكون محبوبا عند الله سبحانه وتعالى، إذا لم يكن لهذه الرابطة القلبية وجود فليس هناك شيء، يبقى الإنسان خامدا جامدا يعرف الإسلام الموروث المألوف فقط”.
وأكد الإمام احتياج الباحث عن حب الله والحب في الله إلى “جذوة توقد هذه المحبة وهذا الشوق، تأتي هبة نسيم إحساني ولكنها لا تدوم، ولكن كي تبقى محبة الله تعالى والشوق إليه، فهذا ما نصبو إليه.
على نفسه فليبك مَنْ كان باكيا ** وليس له فيها نصيب ولا سهم
ثم أورد الإمام بعض الأمور المعينة على التقرب إلى الله تعالى قائلا: “يخبر الله عباده أنه قريب وإذا سألك عبادي عني فإني قريب، ليس قرب أجسام لأن الله ليس جسما، نصدقه، وكيف ذلك؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي: إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، يلزمك فقط أن تتقرب”، وهذا التقرب إلى الله تعالى ضروري كي “نحافظ على الإيمان حيا في قلوبنا”، يقول الإمام ويضيف مفسرا: “قال تلامذة لشيخهم: “لابد من طعام” فأجابهم “لابد من الله” فإذن يجب أن يكون فيك جوع لله وشوق إليه، وهذا يحتاج إلى يقظة، وأذكر الإخوان هنا بدعاء الرابطة، هؤلاء أناس ذهبوا، أحبوا الله وأحبهم”.
ونبه الإمام رحمه الله تعالى أن “ما يسيطر عليك من هموم الدنيا هي سدول وجدران بينك وبين الله تعالى”، داعيا إلى النظر “إلى قول الله تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إلى دعان فليستجيبوا لي وليومنوا بي، أجاب الأولى فعل رباعي، لأن كل أمر سهل على الله، فهو مجيب، كريم، حنان، منان، رؤوف، رحيم، ولكن عندما يخاطبنا نحن يقول “استجيبوا”، واستجاب فعل سداسي، فالاستجابة تكون بصعوبة” ومثّل لذلك بفعل “استخرج” “خرج، تكون بشكل سهل، استخرج فيها مجهود”.
واسترسل الإمام رحمه الله تعالى موصيا “علينا أن نتعلم من الله سبحانه وتعالى ونسمع له ونقرأ القرآن ونعرف ما يقوله لنا وما نقول له، لماذا نقول اهدنا الصراط المستقيم؟ ولماذا يقول: “قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين”، انظروا إلى هذا الكرم، وهذه العظمة؛ تملك قيمة كبيرة عند الله سبحانه وتعالى، قسّم الله الصلاة التي هي عماد الدين بينك وبينه، فكيف لا نحب هذا الرب الكريم”، ثم تساءل “فإن أردنا محبته فكيف نفعل؟” ليجيب دالا على باب آخر من الأبواب الموصلة إلى حب الله تعالى “نحب حبيبه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويلزمنا من يعطينا هذه المحبة فنعيشها حية، يلزمنا الاتباع، علينا أن نعرف أحوال النبي، في الطهارة والوضوء وغيرها.. نبدأ بالأمور السهلة البسيطة المادية الجسمانية، نتبعه فيها “اتبعوني يحببكم الله”، وهذه الأمور تؤدي إلى أمور أخرى معنوية فنرتقي شيئا فشيئا. الحرص على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء ضروري”.
وزاد موضحا وعادا مسالك حب الله تعالى “من الأمور الحسية نرتقي إلى الأخلاق “أقاربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا”، أتدبر كيف هو قلبي؟ هل لا يزال صلبا أم أنه يحمل الرحمة، لأهل بيتي وللناس أجمعين، للعالمين..”.
وأعاد رحمه الله التأكيد أن “نقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كي نتشبه به ونقلده ونتبعه كي يحبنا الله تعالى”.
ونبه الإمام إلى إخلاص النية كأمر ضروري في قبول الأعمال “تضيع الكثير من أعمالنا لافتقارها إلى النية، يقول سيدنا عبد الله بن مسعود “حافظوا على نيتكم في الصلاة”، وكان رسول الله يحب سيدنا عبد الله بن مسعود، ووصى من يريد أن يقرأ القرآن أن يقرأ بقراءة ابن أم عبد..”.