شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، وبنو قريضة قد خانت وغدرت وأفسدت في الأرض.
“حم لا ينصرون” وعد صادق بإذن الله تعالى.
“حم لا ينصرون” بقوة الصابرين تحت هجير المحارق، القابضين على الجمر، الذين لا يغرهم النصر ، ولا تحطمهم الهزيمة.
“حم لا ينصرون” بقوة الخلق وخلق القوة.
في يوم مناهضة العنف بكل ألوانه، وضد من كيفما كان شكله أو جنسه، رجلا كان أو امرأة، في المغرب أو في كل بقاع الأرض الإنسانية، كانت وما زالت تعيش المرأة إلى جنب أخيها الرجل كل أصناف الذل والظلم والتفقير والتحقير.
وإنني وفي هذا اليوم الذي نخلد فيه كل نضالات الأحرار لمناهضة العنف ضد المرأة، وعلى فضاضة ما يقع في بلدي من سياسات الإقصاء للإرادات العازمة على التغيير وما يرافقها من أصوات حرة في ميادين المطالبة، يستوقفني حدث مهم جدا، قد أجبرنا جميعاً أن يكون هو السيد المثال، وهو ما تتعرض له نساء غزة والضفة والأقصى وسائر فلسطين ولبنان وسائر بقاع الأراضي المغتصبة في حقها في الوجود، أو في الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية.
وفي بداية هذا الشهر، شهر ذكرى مناهضة العنف ضد المرأة تعرضت الأسيرات في سجون الغاصبين لكرب شديد. والكرب في اللغة شد الحبل من ناحيتين؛ ناحية يشدها بنو قريضة، والصمت الدولي، وتواطؤ المستكبرين وحمايتهم لمصالحهم، ناحية في الشد عاتية لا ترحم. أما الماسكون بالطرف الثاني من الحبل وهم من بني جلدتنا “ملوك الطوائف” المتجبرون على كراسي الظلم، هم الأشد قهرا ومضاضة من نار العدو الظاهر.
والأسرى على أرض محتلة ليسوا بأسرى بل هم أصحاب حق مسلوب، ومعتدى عليهم، والذي يجب أن يحاكم ويعتقل هو الغاصب المحتل. فما يقع للأسيرات الفلسطينيات في سجون الكيان فوق ما يتصوره العقل الإنساني من غصب على كل المستويات، آخرها مصادرة الجلابيب والحجاب في سجن الدامون، يوضح جليا الحقد الدفين الموجه ضد الإسلام وشريعة العدل في الأرض، ويؤكد لنا بما لا يدع مجالا للشك أن شعارات “حقوق الانسان” ما هي إلا مصاحبة موسيقية لتنويم وتوهيم الناس، وفي ظل هذه الإبادة ما هي إلا ثعبانية حاقدة وقد تجلت حقيقة سمها، وأن “القوانين” الأممية القاضية بتجريم العنف ضد النساء ما هي إلا مداد أسود كان يلبس ثوب الحمامة البيضاء.
عالم يحكمه الحقد الصهيوني الأسود القائم على الفتك والإرهاب. وتتبجح إحدى المجندات ردا على أحداث امستردام: “لا تقلق، النساء والأطفال في غزة سيؤدون الثمن”. نموذج للهوام السلوكية والعنف الوحشي.
منتهى الصفاقة ومنتهى الحيوانية من مجندة حقيرة كان من المفروض أن تكون إنسانة قبل أن تكون امرأة، لكن ماهي إلا دابة ممسوخة، ويؤكد ذلك تاريخها الملطخ بالخيانة والغدر والقتل، جرائم لابد أن يأخذ الأبرياء منها ثأرهم، والعرب كانت وما تزال “لا تنام على ثأر”.
الأحداث الواقعة في سجون الكيان السرطاني تؤكد هذه الدوابية المتسلطة فوق الأرض، والتي تكشف عن موت كبير في السياسات المستعلية بغير حق للدول اللا”حضارية”، نعم هي كذلك لأنه ما ازدهرت حضارة في التاريخ وعظمت إلا بأخلاق فرسانها لأن بأخلاقهم تسير العامة، وما انحدرت أو ضعفت إلا بفسادهم.
ما يقع للأسيرات الفلسطينيات يؤكد أن “الديمقراطية” لا تعرف للإنسان معنى، فمهما كان “الشكل الديمقراطي” ذكيا في الاحتيال، فالمضمون لا يعرف سوى العقل الدوابي المغيب لأخلاق الآخرة والمصير.
اتفاقية لاهاي 1907، اتفاقية جنيف 1977، اتفاقية أوتاوا 1977، معاهدة دبلن 2008… والقائمة طويلة لا معنى لها في غابة المتوحشين.
ما يقع للأسيرات الفلسطينيات يوضح جليا للعالم أن القانون في مصطلح العصابة الصهيونية ما هو إلا أداة لتحقيق أهدافها الإجرامية تتغير حسب تغير المصلحة، وكل الاتفاقيات الكونية لا تتمتع بالسمو والأفضلية على قانون الشرذمة السرطانية عملا بقانون فرعون “لا أريكم إلا ما أرى”.
ما يقع للمرأة في غزة والضفة والأقصى وسائر فلسطين طيلة سنوات الاحتلال، نموذج حي يعري حقيقة العنف الذي يسكن الغرب، وروح الجشع الذي يسكن “الرأسمالية”، وروح النفاق الشيطاني الذي يدير”الديمقراطية “، المرض الجاهلي الذي بلغ أوجه في المحارق الصهيونية النازية.
استبداد الكيان السرطاني الظالم المفسد في الأرض يقلب موازين الأخلاق والأعراف، والظلم إذا دام دمر.
فساد القلوب وقساوتها سمة لاصقة بكل يهودية صهيونية، وبهذه الصفة يكون بأسهم شديدا، يمدهم في هذا البأس حكام الجبر الذين حكموا أوطان المسلمين بالقهر.
يقول تلموذهم النجس “اقتل عبدة الأوثان، ولو كانوا من أكثر الناس كمالا”، وفي عرف هذا الدين الهمجي يعتبر كل من ليس يهوديا حيوانا يجب معاملته بالاحتقار والعنف والقسوة.
بعرة البهائم أنظف بكثير من وجه الصهيونية الحاقد الفاسد، عملاق طيني بالحجم والعتاد، وقزم أمام مقاومة الرجال، لا ينطق إلا تأتأة ولا يبين إلا عن رغبة في شيطنة إعلامية يتفادى فيها منظر الجثث الصهيونية على التليفزيون.
سياسة الانتقام والتطهير العرقي والديني والتاريخي والوطني التي تنهجها العصابة المجرمة بحق كل الفلسطينيين سواء منهم من كانوا وراء قضبان السجن الصغير في المعتقلات أو داخل السجن الكبير فوق الأرض، هي جرائم حرب لا تسقط بالتقادم، تستوجب مساءلة ومحاسبة قانونية.
الطوفان حتمية تاريخية، الطوفان سنة الله تجرف الاستكبار عندما يعتدي الاستكبار ويتعدى وتأخذه العزة بالإثم.
وإننا في هذا اليوم نشد على أيادي كل مظلومة مقهورة من أسيرات السجون أو أسيرات الخبز والمعاش في ظل كل سياسة ظالمة، ونقول لهن صبرا آل العزة فإن يوم الخلاص قريب.
وإننا وبصوت المغربيات بنات المقاومين الأحرار ندعو جميع العقلاء والفضلاء في العالم إلى مراجعة وإعادة وضع وترتيب قوانين أممية دولية تحمي أصحاب الحق والأرض، وأن كل أسير في وطنه فهو مغتصَب.
وإننا – نحن المغربيات – ندعو إلى تأسيس حلف نسائي عالمي غايته تأسيس عمران أخوي حضاري عماده الخلق الكريم، ينعم فيه كل فرد بالعدل والكرامة والحرية.
كما ندعو كل الممارسين في القانون إلى تحديد السياسة الصحيحة بما يتفق مع مصالح الدنيا ويضمن سعادة الآخرة.
ندعو كل المناضلات في ساحة النضال المشروع، بالتمسك بمنطق وأسباب القوة التي تتنوع فكرا وكلمة ومنهاجا.
ندعو إلى تحرير كل الأسيرات والأسرى في سجون الكيان السرطاني، كما ندعو إلى تحرير رقاب أنفسنا جميعاً رجالا ونساء من ذل الخنوع والخضوع والانقياد الأعمى وراء الغالب.
ندعو إلى حضور البعد التربوي الأخلاقي في كل تحركاتنا التغييرية ومحاربة كل ردة أخلاقية تخدم مصلحة الصهيونية العالمية.
ندعو إلى الوضوح وتكامل الأبعاد والنسقية والمستقبلية والتدرج والمرونة لتحرير طاقاتنا نحو مستقبل إنساني رحيم، يتجاوز كل الأعطاب التاريخية للمضي قدما نحو مستقبل أفضل.
وإننا نشد على يد كل مقاوم فوق أرضه أن يتسلح باليقين أنه ما ضاع حق وراءه مطالب.
ويسقط الغاصب، ويسقط التطبيع، وتسقط الصهيونية الفاسدة.
وإنه لنضال مستمر.
حرية، كرامة، عدالة إنسانية.