أشادت الدكتورة حسناء قطني، أستاذة جامعية وعضوة أمانة الائتلاف النسائي العالمي لنصرة القدس وفلسطين، بالمكانة المحورية التي تحتلها قضية المرأة في مشروع جماعة العدل والإحسان التغييري، وهو ما يترجمه حضورها المتميز في كل مؤسسات الجماعة؛ الاستشارية والتقريرية والتنفيذية، التربوية منها والدعوية والسياسية والحقوقية..
الدكتورة قطني، التي كانت تتحدث في ندوة “قضايا الأمة عند جماعة العدل والإحسان فكرا وممارسة” التي نظمتها الجماعة بمناسبة احتفالها بأربعين سنة على تأسيسها يومه السبت 23 نونبر 2022، قسمت مداخلتها إلى محورين وفق ما يوحي به عنوان الندوة؛ الأول تناولت فيه الأسس النظرية المؤطرة لدور المرأة في نصرة قضايا الأمة، والثاني بسطت من خلاله دعامات وواجهات الممارسة الميدانية للمرأة في دعم هذه القضايا.
أوردت المتحدثة في المحور الأول من مداخلتها مجموعة من الأسس النظرية التي يستند عليها الفعل النسائي في الجماعة في جبهة نصرة قضايا الأمة، أولها: مبدأ الولاية العامة بين المؤمنين والمؤمنات؛ حيث أوضحت أن الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله اتخذ من الآية الكريمة وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ منطلقا لتأكيد وجوب انخراط المرأة ومشاركتها في التعبئة العامة، بل وفهم بعض الأحاديث التي قد توحي بإقالة المرأة من هذه المسؤولية.. ليقول: “ما هنا لكن معشر المؤمنات من دليل يقيلكن ويعفيكن من المسؤولية السياسية، إن كانت السنة المطهرة خصصت لكن مجالكن الحيوي.. فعموم القرآن أهاب بكن إلى تعبئة شاملة”، ويضيف رحمه الله مؤكدا: “ما تنسخ مسؤولية المرأة في بيتها مسؤوليتها خارجه إلا كما تنسخ سائر التكاليف الشرعية عنها، وهي لا تفعل”.
ثانيها: مبدأ الوصل بين وظيفتي بناء الأسرة وبناء الأمة؛ حيث وصفت اجتهاد الإمام في هذا الباب بالإبداع في نعته لبيت الأسرة بالبرج الاستراتيجي بما يحمله من معاني ودلالات قوية؛ “بيتها برج دفاع وذخيرة وتخطيط للمستقبل” منه “ترتب المعارك التربويية ليسلم ولدها ويخرج من ارتباك، وترتب الزحف السياسي وتؤسس للتغيير التاريخي”.
وانتقلت الفاعلة في مجال قضايا الأمة إلى المحور الثاني، حيث جمعت دعامات العمل في هذا الشأن كما يلي:
الدعامة الأولى: العلم إمام العمل، في هذا الباب تخبر قطني أن الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى ترك مشروعا فكريا متكاملا يجمع بين التصور الشامل للتغيير ويقود تحرك الجماعة في الميدان. فاستطاع أن يتجاوز بأمان جدلية الفكر والممارسة، وأن يكون علمه “علم خطوة لا علم خطبة”.
الدعامة الثانية: سياج اللاءات الثلاث؛ لا للعنف، حيث اختارت الجماعة الأسلوب السلمي منهجا ثابتا وراسخا للفعل التدافعي. لا للسرية، إذ قررت نهج الوضوح في عرض مشروعها للعلن وحرصت على التأسيس القانوني منذ البداية رغم ما يعترضها في هذا الباب من عراقيل لا تنتهي. لا للتبعية للخارج، ماديا ومعنويا، فهي مستقلة ماديا وتنظيميا، مما “جعلها تتحرك في الميدان بكل حرية ومرونة وواقعية دون أن ترهن مواقفها وقراراتها لجهات خارجية”.
الدعامة الثالثة: الانفتاح على الآخر، حيث تؤمن الجماعة “أن أي تكتل سياسي أو مجتمعي مهما كانت قوته العددية والعدية فلا يمكنه أن يحدث التغيير المنشود” تقول المتحدثة، وتضيف: “وعليه نستطيع الجزم أن جماعة العدل والإحسان كانت وما تزال تؤمن بالحوار ابتداء وانتهاء، يثمر متى نضجت شروطه فعلا ميدانيا مشتركا”.
في المحور ذاته أبرزت الدكتورة قطني واجهات العمل النسائي الداعم لقضايا الأمة، متخذة القضية الفلسطينية نموذجا.
فعلى المستوى الداخلي؛ كشفت قطني أن نساء العدل والإحسان جاهزات دائما للانخراط في كل فعل تضامني داعم لقضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وذلك راجع للتأهيل الذي يتلقينه في كل مجالسهن التربوية والتعليمية والتكوينية.
أما على المستوى الخارجي؛ فتمتلك الجماعة تمثيلية نسائية في الكثير من المؤسسات والهيئات والقطاعات، تفصح المتحدثة، الأمر الذي يخول لهن المشاركة في صناعة القرار وبلورة المواقف سواء في القضايا المحلية والدولية. ومن هذه المؤسسات الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، التي تشتغل على واجهات توعوية ومعرفية وإعلامية وإشعاعية وميدانية، وتشبيك العلاقات مع الهيئات المحلية والإقليمية والدولية الداعمة للقضية الفلسطينية. من هذه الهيئات، على المستوى الوطني: العضوية في مجلس الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع، ولجنة مناهضة التطبيع التربوي التابعة للجبهة. وعلى المستوى الإقليمي: العضوية في الأمانة العامة لائتلاف المرأة المغاربي لنصرة القدس وفلسطين.. وعلى المستوى الدولي: عدت قطني عضوية نساء الجماعة في مجموعة من الهيئات؛ منها: الهيئة العامة لائتلاف المرأة العالمي لنصرة القدس وفلسطين، وائتلاف العالمات والداعيات العالمي لنصرة القدس وفلسطين، والراصد العالمي لحقوق المرأة والطفل الفلسطيني..
على المستوى الإشعاعي والميداني، كشفت الفاعلة في قضايا الأمة أن نساء الجماعة يساهمن في مجموعة من الأنشطة منها: الندوات والموائد الحوارية، والكتابة، والانخراط في الحملات الإلكترونية، وفي الأيام الوطنية الداعمة لفلسطين والمناهضة للتطبيع، والمشاركة في الملتقيات المحلية والإقليمية والدولية، والمشاركة النوعية في الوقفات والمسيرات..
وذيّلت الدكتورة قطني مداخلتها باعتبار كل هذا الفعل “جهد مقل” نظرا لمكانة القضية وللظروف الاستثنائية التي تعمل فيها الجماعة، وبإمكانات ذاتية محدودة، داعية لبذل المزيد من الجهد في ابتكار وسائل جديدة للتضامن والدعم.