دليلك اللطيف في التوجه للمُساعِدة

Cover Image for دليلك اللطيف في التوجه للمُساعِدة
نشر بتاريخ

المساعدة المنزلية هي في مجتمعنا المغربي إما فتاة بدوية بعثت بها الأقدار ووالداها لبيوت الغير لتكون مصدر رزق للأسرة، أو هي سيدة أثقلت كاهلها كثرة المصاريف وربما ظروف اجتماعية ففضلت إسداء العون في المنازل مقابل دريهمات تسد بها رمق أفواه مستهلكة، وقد توفر بها “ملبسا” أو دفاتر أو ما جادت به قلوب وأياد معطاءة.

تختلف الحالات لكن الأصل والمبدأ واحد: إنسان ساقته أقدار إلهية حكيمة إلى ظروف اجتماعية عسيرة فأجبرته على أن يختار عملا أقل قدرا- بمنظور اجتماعي دنيوي- من عمل مستخدمه، فكان هو الخادم وأنت المستخدِم أو المستخدِمة.

السر الخفي في التعامل مع مساعدتك

إن حيرة السيدة تكون كبيرة عندما تقبل على الاستعانة بمساعدة، فهي لا تعلم كيف ستتعامل معها وكيف

ستوجه لها الكلام، فتنصحها الصديقة أن لا تعطيها مجالا لتتطاول والجارة توصيها بأن تحدثها بجفاء كي تعرف الحدود، والنصائح في هذا المجال عديدة بين السيدات.

معاملة المساعدة لا يتطلب طبعا هذا العناء، السر في التعامل معها والوصفة السحرية هي الإحسان.

كيف تحسنين في توجهك لها بالكلام؟

– عبارات التحية والمجاملات :

من البديهي أن تلقي عليها السلام وتحية الصباح والمساء وما غير ذلك من مجاملات توجهينها لباقي المعارف، بما في ذلك التشميت بعد العطاس وتحية ما بعد الحمام..

هذه كلها من الأمور التي تزرع المودة في القلوب وتجعل اليوم إيجابيا، وهي طبعا من مجمل الأشياء التي تميزنا كبشر عن باقي المخلوقات.

– مناداتها :

تنادينها دائما باسمها بأدب، فإن كانت كبيرة في السن فعلى الأطفال أن ينادوها كما ينادون سيدة في سنها.

– طلب إسداء خدمة :

عندما تريدين منها خدمة معينة تقدمين إلى ذلك بقول”فلانة أرجوك افعلي كذا” بكامل الأدب، دون رفع الصوت فهي بالتأكيد لا تسمعك من قعر بئر عميق.

– بعد إسدائها للخدمة :

دائما جزاك الله خيرا وما يقال من عبارات المجاملة إذا أحسنت القيام بعمل.

– إذا لم يرضك عمل قامت به :

ليس هناك حرج في أن تقولي لها أن عملا لم يعجبك لكن بلباقة تحترم ما بالنفوس من عزة وعدم قبول الانتقادات. فإن كانت من الأشخاص السريعي البديهة فالأمر أيسر إذ قد تستطيعين أن توصلي لها رأيك بطريقة غير مباشرة.

– كيف توجهين لها الملاحظات :

هناك أشياء قد يسهل الملاحظة عليها كالعمل المنزلي في حد ذاته مثلا، لكن هناك أشياء من المحرج أن تنبهي لها المساعدة فقد تجرحينها، هي مثلا التي تظن أنها نظيفة الهندام والأيدي مرتبة الشعر، في حين أن كل شيء نسبي.

مساعدتك هي في الغالب بدوية لم تساعدها الظروف في أن تكتسب ما توصلت إليه أنت من أسس النظافة وما طورته من أساليب الكلام. استحضري دائما ظروف نشأتها وسيهون الأمر.

إن كانت رحبة الصدر فأسدي لها النصيحة في حديث شبيه بحديثك مع أخت لك أو صديقة.

إن أحسست أنك ستجرحينها فأولا الحيلة بإعطاء المثال ثم ثانيا طريقة “وإياك أعني يا جارة” ربما في حديث لك مع صديقة مثلا، وإلا فثالثا الصبر، ولك ما سيساعدك عليه:

المساعدات يتطبعن بطبع صاحبات المنازل، فطريقة كلامها ستتحسن طبقا لما ستسمعه منك من لياقة ولباقة، وتصرفاتك ستقلدها دون شعور مع طول احتكاكها بك فأعطها المثال.

– متى تلجئين للضرب والتعنيف؟

لا ضرب ولا شتم ولا حتى كلام هادئ جارح. فإن حدث ووجدت أنك تلجئين للضرب والشتم فاعلمي أنك أصبحت تملكين طبعا بعيدا عن الإنسانية، فهذه ليست من طرق تواصل البشر، واستحضري القصاص. لك قصة طريفة في هذا الباب تحكيها زوجة من زوجات النبي الكريمات الطيبات صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

تحكي لنا سيدتنا أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها وكان بيده سواك فدعا وصيفة له- أو لها- حتى استبان الغضب في وجهه فخرجت أم سلمة إلى الحجرات فوجدت الوصيفة وهي تلعب ببهمة فقالت : ألا أراك تلعبين بهذه البهمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك. فقالت- الوصيفة لرسول الله- : لا والذي بعثك بالحق ما سمعتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا خشية القود (القصاص) لأوجعتك بهذا السواك. رواه أبو يعلى والطبراني.

أو يوجع السواك، سواك رسول الله ؟

– كيفية توجه أطفالك لها :

كما سبق فمن الضروري إن كانت المساعدة تكبرهم سنا أن ينادوها بما ينادون به الناس في سنها.

علميهم أن يتوجهوا لها دائما بعبارات الرجاء عند طلب إسداء خدمة، والشكر الجزيل عند قضائها.

اعلمي أنه ليس من اللائق أبدا أن يوجه الطفل للمساعدة طلبات كأن تأتي له بالحذاء أو كأن تحضر له كأس ماء، فمن المفروض أن تعلميهم قضاء مثل هذه الأغراض وحدهم فهي ليست إلا مساعدة وليس عليها فعل كل شيء. فقد يجعل هذا أطفالك اتكاليين، غير نافعين للمجتمع.

إن سمعت طفلك ينادي السيدة المساعدة من المطبخ ” فلانة أحضري لي محفظتي” من الغرفة التي لا تبعد عنه إلا خطوتين فاعلمي أن سلوكه يحتاج منك لإعادة نظر طارئة.

خلاصة القول

* استعملي مع مساعدتك عبارات التحية والمجاملات فذلك مما يزرع المودة ويسهل العشرة.

* ناديها بأدب وهدوء.

* كوني دائما لطيفة في طلبك منها إسداء الخدمات فهي ليست مسؤولة عن كونك ذات مزاج متقلب.

* إذا لم يرضك عمل فوجهي لها الملاحظات مع احترام ما بنفسها من عزة وعدم قبول الانتقادات.

* قدمي لها الملاحظات تبعا لطبيعتها، فاختاري منها المباشر وغير المباشر حسب سعة صدرها.

* لا ضرب ولا عنف ولا شتم فهذه ليست من صفات البشر. استحضري حلم سيد الأنام ومربيهم عليه أزكى الصلاة والسلام.

* هناك أعمال من غير اللائق أن يطلبها الأطفال من المساعدة، وأنت المسؤولة عن تلقينهم هذا.

ملاحظة قد تفيدك

المساعدة لا تكون دائما ملَكا منزلا، ونظرا للفقر وقلة الوعي الذي يحتمل أن تكون قد نشأت فيهما فقد تلاحظين منها تصرفات قد لا ترضيك أبدا خصوصا بعضها الذي يتعلق بأخذ لأشياء دون إذن أو الإساءة للأطفال -إساءة لا تتجاوز قلة الأدب في الكلام أو الشجار معهم إن كانت في سنهم أو استعمالها لأشيائهم دون إذن..-

لك أمام هذا الوضع اختياران إما تصبرين وتلجئين لجميع الطرق النبوية الحضارية في توعيتها وتربيتها وتنالين بذلك الأجر العظيم. وهذا يظل حلا مثاليا شيئا ما يتطلب تفرغا وسعة صدر وهذا لا يتوفر دائما وإلا لما استعنت بمساعدتها. أما الحل الأقرب للواقع هو أن لا شيء يجبرك على الاستمرار مع مساعدة أساءت فهم لطفك وإحسانك، لكن بشرط أن لا تحرميها أجرها أو تسيئين الكلام معها. فكما استقبلتها بإحسان وديعها بإحسان، فلكما لقاء قريب أمام الله عز وجل.