د. لحلو: رمضان شهر باركه الله تعالى فجعل فيه مفاتيح للخيرية أفرادا وجماعة

Cover Image for د. لحلو: رمضان شهر باركه الله تعالى فجعل فيه مفاتيح للخيرية أفرادا وجماعة
نشر بتاريخ

في الحلقة السابعة من “حوار الشهر” يستضيف موقع “الجماعة نت” الدكتور ياسين لحلو، عضو اللجنة القطرية للتربية والنصيحة بجماعة العدل والإحسان، ليفتح معه من أبواب المعاني الربانية، ومن نوافذ النسمات الإحسانية، ومن خزائن البركات القرآنية، ما ينفع العبد في سلوكه إلى الله تعالى، خاصة في شهر رمضان المبارك، شهر القرآن، شهر الغفران، شهر التزود بالطاعات صياما يكبح جماح شهوات النفس، وقياما يسمو بالعبد إلى سماوات الأنس، وذكرا يرقق شغاف القلوب، وتبتلا يمحو ما ترسب في قرار الروح من آثار الذنوب، وتلاوة لكتاب الله يناجي بها العبد مولاه، وتدبرا لآياته إن انتفع بأنوارها أحبه ربه وأدناه.

تركز هذه الحلقة من “حوار الشهر” على البعد الإيماني الإحساني للصيام، وعلى باب التزكي الروحي فيه، وهو الذي يوشك أن يغيب في زماننا غيابا مذهلا.

بم يجدد المؤمن صلته بالله تعالى في هذا الشهر الكريم؟ وما يصنع ليكون في شهره هذا أقرب إلى الله تعالى تزكيةً للنفس وصلةَ للرحم وَجُودا بالمال وبالنفس وتعاليا على سفاسف الأمور وحفظا للجوارح ومراقبة للخطرات؟

في نص الحوار مع الدكتور لحلو إجابات عن هذه الأسئلة وغيرها.

قبل حلول كل رمضان كلنا ينوي ويسعى لاستقبال هذا الشهر العظيم في أحسن الأحوال الإيمانية، لكن سرعان ما نشعر بتعثر في الأعمال وكأن موانع تمنعنا من الإقبال على تلاوة القرآن والقيام… ما السبيل الى تجاوز هذه الموانع؟

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه.

فرح مسرور بلقاء الأحبة عبر موقع جماعة العدل والإحسان المبارك الذي ما فتئ يشيع بيننا المعاني السامية والأخلاق النبوية. شكر خاص للساهرين على الموقع والشكر موصول إلى الإخوة الذين بعثوا بأسئلتهم التي تنم عن حرصهم على الخير وسعيهم الحثيث إلى الإقبال على الله بالكلية. وفّقنا الله لكل خير ودفع عنا سبحانه كل شر بفضله ومنه، آمين.

جزى الله خيرا السائل عن أمر يؤرقنا جميعا، ألا هو أمر الموانع من الإقبال على الأعمال الصالحة والتي يعبر عنها أهل الله بالحجب المانعة عن القصد. يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله: حجب العباد عن ربهم وعن الإسراع إليه والسلوك والمشي والتقرب والوصول ما كسبت أيديهم. حجب القلوب ما ران عليها وعلاها من أوساخ الذنوب والمعاصي والنفاق وسوء الظن بالله وعباده والكسل عن الطاعات).

يضيف الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله في نفس السياق وبنفس القوة في نصح النفس وتقريعها في الحق – وهذا درس بليغ في كيفية التعامل مع التي بين جنبينا تأمرنا بالسوء والقعود والركون إلى غير الله عز وجل – يقول الإمام رضي الله عنه: حجبهم قرناء السوء واستخفافهم بالصالحين وحسدهم وقياسهم للآخرين على أنفسهم عن صحبة الأخيار وهي الشرط الأول في السلوك. حجبهم الغفلة والعادة والطبع والهوى والأنانية وتأويل كلمة الحق عن ذكر الله وعبادته على قدم السنة، والذكر هو الشرط الثاني في السلوك. وحجبهم كذبهم وتكذيبهم بالحسنى ونفاقهم عن صدق التوبة، وصدق النية، وصدق اليقظة وصدق الاعتقاد، وصدق الطلب مع الصادقين، والصدق هو الشرط الثالث).

يحيلنا الإمام المجدد على ما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية الترقي في مراتب التقرب إلى الله من إسلام إلى إيمان إلى إحسان، وما جاء في ثنايا الحديث من شروط صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم والجلوس إليه وتصديقه، ثم ما ذكره من أعمال والتي هي ذكر لله سبحانه.

محصل الجواب هو أنه لا بد من صحبة صالحة للتعاون على البر والتقوى ثم لسان مستغفر مصل على رسول الله مكثر من قول لا إله إلا الله وقبل ذلك وبعده صدق نية التوبة والاستقامة.

ما هو سر قوله صلى الله عليه وسلم إيمانا واحتسابا؟ وكيف يكون الإيمان والاحتساب؟ وكيف يكون المؤمن متبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه بإحسان في صيام شهر رمضان عبادة يتقرب بها المومن إلى المولى سبحانه وتعالى؟ وهل يعتمد الصائم في صومه على جهده وقوته، أم لا بد له من صحبة نافعة تكون له عونا وسندا في صيام هذا الشهر العظيم إيمانا واحتسابا، وكذا فيما تبقى من عمره؟

تتعدد النيات في الصيام. قد يصوم الواحد للحفاظ على الصحة والتداوي، ويصوم أصحاب المعتقدات المختلفة لقصد وغرض غير ابتغاء وجه الله واتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما طِلْبَتا المؤمن من الصيام والنية.

لكن، أنى لنا بحسن الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟ نستمع لخبير في الموضوع، قال الإمام المجدد عبد السلام ياسين أكرمه الله: أنى لك بذلك التعلق بالقلب الأسمى والجناب الأحمى ونفسك في الحضيض، عديم الإرادة ساقط الهمة. عليك بمحبة العوام واسأل ربك أن يقيض لك روحانية عارف تطير بك همتها بأجنحة المحبة إلى رحاب الوحي والنبوة. إن تولي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه الدائمة وحب آل البيت المطهرين، وتولي صحابته لمما يقرب المسافات للمريد الطالب) 1 .

ويقول في تفسير الآية: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا. لهذا نذكر الله كثيرا ونرجع إليه ونتوب في كل خطوات تفكيرنا لكي لا نحيد عن الإسوة الجهادية.

يحاول الإمام أن يدلنا على ما دل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهمية التحاب في الله في التخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم. عند مسلم رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم”. ذلك أن محبة وصحبة المحبين لرسول الله سبيل إلى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن اتباعه، بالإضافة إلى ذكر الله الكثير والرجاء في الله، دعاء ووقوفا بالباب ثم طلب الآخرة، وأحسن ما فيها وجه الله الكريم.

ما هي معاني وآثار الصيام على القلوب والأرواح؟

الصيام تقلل مما لذ وطاب، وزهد في محاب النفس، وهجران للمعاصي وما لا يُرضي الله عز وجل، ثم انقطاع إلى ذكر الله والجهاد في سبيل الله.

الدوام على هذه الخصال مطهرة للقلب من الأغيار (غير الله) ورجوع به إلى أصل ما خلق من أجله: أن يكون لله لا لغيره.

ما هو البرنامج النموذجي للرقي والسمو بالنفس ولتجديد الإيمان في هذا الشهر الكريم؟ وكيف توازي المؤمنة بين أشغال البيت وذكر الله؟

كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديمة، وكان الصحابة الكرام إذا عملوا عملا أثبتوه، لم يخص رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان الكريم بعمل، اللهم ما كان من اعتكاف في العشر الأواخر.

كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ديمة، حتى إذا بلغ العشر الأواخر شد مئزره وأيقظ أهله فكان يطيل القيام بين يدي الله يعكف على ذكر الله عز وجل لهذا يوصي أهل الله وعلماؤنا الكرام بأن لا نكون عباد رمضان كما هو حال الكثيرين منا، حتى إذا خرج رمضان عدنا إلى ما كنا عليه من الغفلة والتكاسل عن أداء الفرائض وحضور مجالس الخير والعلم والذكر.

وبرنامج رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن عبادة وذكرا فقط بل وجهادا كذلك، فأكبر الغزوات كانت في رمضان، على سبيل المثال لا الحصر، وأشغال البيت -خدمة للأهل وإكراما لهم- أختي الكريمة هي من آكد الأعمال الصالحة، لا يمنع مع ذلك أن يكون اللسان لهجا بذكر الله.

لهذا فالحرص كل الحرص على ما يسميه الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله “يوم المؤمن وليلته” وهو ملخص لعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم خلال 24 ساعة، يرجع إليه في مكتوبات الإمام وبرامج جماعة العدل والإحسان.

بالنسبة للذي لديه برنامج للحفظ ومراجعة ما حفظ من كتاب الله تعالى، هل يعطي الأولوية للحفظ أم للإكثار من الختمات في هذا الشهر المبارك؟

العزمات من شأن الهمم العلية، والعزم: الصبر والجد حتى بلوغ المقصود، لا يحول بين المرء ونيته حائل حتى إذا وافته منيته بعث على نيته لكن أنى لنا بالهمة العلية.

في كتاب مدارج السالكين، وصف الهمم يقول ابن القيم رحمه الله: ولله الهمم ما أعجب شأنها وأشد تفاوتها). فهمة متعلقة بمن فوق العرش وهمة حائمة حول الأنتان والحش. العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسنه والخاصة تقول قيمة المرء ما يطلبه وخاصة الخاصة تقول همة المرء إلى مطلوبه).

لكن كيف تنال الهمة العلية ومن أين البداية؟ يقول الإمام المجدد عبد السلام ياسين في كتاب الإحسان: أوصى الأكابر بالوقوف بالباب والتعلم بآداب الوقوف ممن عندهم رأس الأمر كله وهم قناطر الخلق. قال الشيخ أحمد الرفاعي: أوصيكم كل الوصي بعد واجبات الدين بصحبتهم، فإنها ترياق (دواء السم) مجرب، عندهم رأس الأمر كله، عندهم الصدق والصفاء والذوق والوفاء، والتجرد من الدنيا، والتجرد من الأخرى والتجرد إلى المولى. وهذه الخصال لا تتصل بالقراءة والدرس والمجالسة. لا تحصل إلى بصحبة الشيخ العارف الذي يجمع بين الحال والمقال. يدول بمقاله وينهض بحاله، أولئك الذين هداهم الله، فبهداه اقتده) (البرهان المؤيد). يقول الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله: إن كنت لم تفهم معنى التجرد من الأخرى والتجرد إلى المولى فاصبر معي إلى آخر الكتاب (كتاب الإحسان) عساك تفهم وتغنم والله أعلم).

كيف يمكن مغالبة التعب والنوم للمواظبة وأداوم على الطاعات في الثلث الأخير من الليل؟

عن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله، قال أدومها وإن قل. وقال صلى الله عليه وسلم: “اكلفوا من العمل ما تطيقون” 2 . وعن معاذ رضي الله عنه قال: “سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله قال أن تموت ولسانك رطب بذكر الله” 3 .

الحضور في الصلاة أمر آكد حتى يعلم المؤمن ما يتلو وما يفعل بداية، ثم ليستحضر عظمة من هو بين يديه حتى يذل له وينكسر بين يديه ويستغفر ويتوب ويطلب أفضل ما هنالك: وجه الله.

لا يتأتى ذلك لنائم أو تعبان شارد عن ذكر مولاه بذكر تعبه وأرقه. لا يستطيع استجماع قوته والتوجه إلى مولاه.

لكن، يبارك الله في الأوقات والقوة، إن:

وافق نومنا نوم رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعد صلاة العشاء مباشرة (فساعة نوم قبل 12 ليلا تعدل ست ساعات، كما تقول أبحاث الأطباء)، ثم صلاة التهجد وقد تبدأ من نصف الليل (حسب الاستطاعة) حيث يتخلل القيام فترات راحة، ولا ننسى سنة القيلولة وفوائدها الجمة. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قيلوا فإن الشياطين لا تقيل” 4 .

ووافق أكلنا أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: “بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه” 5 .

ووافق ذكرنا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في الأوقات مع رواتبها وأذكارها ثم استغفار بالأسحار وإكثارا من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول لا إله إلا الله، لتحيى منا القلوب فتحيى الأبدان لتطيق الأعمال، وفقنا الله وسدد خطانا.

كيف نملك إرادة تجعل حديث ربنا عز وجل على لسان حبيبه صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه عن عمل ابن آدم أنه كله له “إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به” نصب أعين قلوبنا وحادي سلوكنا وقبلة رجاءنا؟

غالب المربين يخبرون أن الإرادة ترك العادة، ويقرنونها بالهمة: وهي نهوض القلب في طلب الحق عز وجل. يقول الإمام المجدد جزاه الله خيرا وأكرمه ونعمه: إنما تحيى القلوب بذكر الله، والتفكر في آلائه، واستمطار رحمته ومناجاته والاعتذار إليه عن التقصير، واستغفار للذنب، حتى يصبح هم المؤمن الله، في الحديث الذي رواه الحاكم في المستدرك عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:)“من أصبح وهمه غير الله فليس من الله ومن أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم”.

فما السبيل أن تقترن إرادتنا لله والآخرة بالإرادة الجهادية القائمة أسبابها على عمل الدنيوي التصنيعي التكنولوجي التنظيمي؟ مهما نحد عن تربية القرآن وأحضان النبوة نزغ عن الطريق. إن الله اللطيف الخبير أدب نبيه صلى الله عليه وسلم فأحسن تأديبه، فكان من أهم ما أدب به لنتعلم نحن الأمة الربانية المرحومة أن قال: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا. (الكهف 28). هذه الآية الجامعة تدلنا على أن نجمع أمرنا بأن نبتعد عن قرناء السوء وزينة الحياة الدنيا وأن ننضم إلى الذين يدعون ربهم الغداة والعشي، ذكرا لله وجهادا في سبيله يقصدون بذلك وجهه فلا جهاد إلا في جماعة مؤمنة مجاهدة.

كيف نمزج بين العبادة الرمضانية الإحسانية وبين الواقع المفتون الذي فيه همّ العيش واللقمة والعمل فيكون حظنا منه التعب لأن العبادة تتطلب راحة نفسية؟

كلنا سمع بقصة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والإمام العادل والولي الكامل سيدنا ومولانا عمر رضي الله عنه: “أخوك أعبد منك”، ولمن لا يعلم نصها ذكر هذه القصة ابن الحاج في المدخل: روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى ثلاثة نفر في المسجد منقطعين للعبادة فسأل أحدهم من أين تأكل فقال أنا عبد الله هو يأتيني برزقي كيف شاء فتركه ومضى إلى الثاني فسأله مثل ذلك فأخبره أن له أخا يحتطب في الجبل فيبيع ما يحتطبه فيأكل منه فيأتيه بكفايته فقال أخوك أعبد منك ثم أتى الثالث فسأله: إن الناس يرونني فيأتونني بكفايتي فضربه بالدرة وقال له اخرج إلى السوق) أو كما قال.

ما أحوجنا نحن أمة الاستخلاف في الأرض إلى هذا الفقه الجامع الذي لا يرضى للمؤمنين بالهوان والدون ويربيهم على الرجولة على أن يكونوا مع ذلك ذاكرين وهم في السوق وهم في ساحة الجهاد قلوب معلقة بباريها وأجسد في مخالطة الناس والسعي والجهاد. وخير دليل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “سبق المفردون” الذاكرون وقد كانوا في سعي جهادي. شعار السنة جهاد وذكر لا ينفصلان.

كيف للمؤمن أن يحافظ على زاده الإيماني بعد انصرام شهر رمضان المبارك فتكون سائر أيامه رمضانا؟

رمضان شهر باركه الله تعالى فجعل فيه مفاتيح للخيرية أفرادا وجماعة يكفي أن نلتقط رموز هذا الأسرار الربانية ونعض عليها بالنواجد ليخرجنا الله من ظلمات الغفلة والتخلف إلى نور الذكر والاستخلاف:

ـ أولى هذه الرموز أنه شهر القرآن وهو النور المنور، والدستور الجامع للعلوم والحكم، ومنهاج الحياة الكامل. فلا سبيل للشتات لأنه الجامع يجمع بروحانيته وكماله.

ـ وهو شهر الرحمة، رحمة الناس بعضهم لبعض وتكافلهم واجتماعهم في صف الصلاة وإطعام لبعضهم وصدقاتهم وتنزل الرحمة الإلهية فالعتق من النار وتصفيد الشياطين والمغفرة… وما أحوج البشرية إلى الرحمة.

ـ وهو شهر الجهاد بامتياز. ولا كينونة ترجى للأمة بلا جهاد لا ينثني وتدافع في ساحة العلوم والمعرفة.

ـ وهو شهر الزهد في الدنيا والتعلق بالأخرى، فلا تأسرنا بزينتها لنتحرر ونتفرغ لبناء صرح آخرتنا بعمارة الدنيا بالخير.

وهو شهر صلة الأرحام ودعوتها إلى الخيرات، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله للصلاة واعتكفت معه زوجه أمنا عائشة رضي الله عنها مرة.

جعلنا الله مفاتيح للخير نسعى لتثبيت هذه المفاتيح في أنفسنا وفي جماعة المسلمين لنستحق كرامة ربنا. آمين والحمد لله رب العالمين.


[1] كتاب الإحسان، ص. 180.\
[2] أخرجه البخاري.\
[3] أخرجه ابن حبان في صحيحه.\
[4] أخرجه أبو نعيم في الطب وحسنه الألباني.\
[5] رواه الترمذي في سننه.\