ذ. بناجح: المقاومة الفلسطينية ألهمت شعوب العالم.. ونعمل بلا كلل لدعم “طوفان الأقصى”

Cover Image for ذ. بناجح: المقاومة الفلسطينية ألهمت شعوب العالم.. ونعمل بلا كلل لدعم “طوفان الأقصى”
نشر بتاريخ

قال الأستاذ حسن بناجح، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، إن الأنظمة العربية أصابها الشلل والموت والعجز، بعد مواقفها التي عبرت عنها إزاء حرب الإبادة الجماعية التي يقودها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني وخاصة في غزة، موضحا أن معظمها بات صامتا ومتماهيا إلى حد بعيد مع خطط العدو التي تستهدف القضاء على المقاومة وإسقاط نموذجها الجهادي.

وأضاف بناجح، في حوار مع موقع فلسطين أون لاين، بأن المقاومة الفلسطينية باتت نموذجًا عالميًا ملهما، و”طوفان الأقصى” رسالة واضحة للكيان الصهيوني المحتل بأنه لن يهزم إرادة شعب يؤمن بعدالة قضيته وبنصر الله القريب ومعيته وتأييده.

في الحوار، عدّد أيضا الناشط الحقوقي والسياسي الكثير من أوجه التضامن والإسناد التي يقوم بها الشعب المغربي بقيادة قواه الحية دعما للشعب الفلسطيني ومقاومته البطلة، ولم يفته عرض بعضا من أنشطة وحراك جماعة العدل والإحسان الذي تقوم به منذ السابع من أكتوبر يوم العبور العظيم.

نجدد نشر الحوار تعميما للفائدة:

كيف تتابعون ما يجري من جرائم إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ أكثر من عام؟

ما يحدث في غزة من إبادة جماعية مستمرة على مدى أكثر من سنة هو جريمة إنسانية تدينها القوانين الدولية، فالعدوان الصهيوني الوحشي غير المسبوق، أودى بحياة قرابة 50,000 شهيد ومفقود، وأدى إلى تهجير وتشريد وتجويع الكثيرين، هو كارثة إنسانية وجريمة تنضاف إلى جريمة حصار غزة وتجويع أهلها قرابة العقدين من الزمن، بالطبع لا يمكن لكل من في قلبه ذرة من إنسانية وآدمية إلا أن يتألم لمشاهد التدمير والقتل والتهجير، لكن المؤمن بالله وبسنن ابتلائه لخلقه، والمؤمن بقدرة الشعوب على الصمود والتحرر، يرى في هذه الجرائم بداية انكسار الطغيان والعلو الصهيوني، فكل هذه الهمجية النازية لم تكسر إرادة الشعب الفلسطيني الذي يواجه الاحتلال بصلابة وإيمان راسخ بعدالة قضيته، فما نراه في غزة يؤكد قول الله تعالى: وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (آل عمران: 139). فكل انتصارات المقاومة وأولها الصمود والثبات كل هذه المدة، يعكس فشل الاحتلال في القضاء على روح المقاومة التي تتعاظم يومًا بعد يوم، وتظل غزة قلعة صامدة تتحطم على أسوارها كل المؤامرات الإقليمية والدولية التي تحاول القضاء على المقاومة فعلا ونموذجا.

كيف تُقيّمون الموقف العربي والإسلامي تجاه حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة؟ وهل يرتقي إلى مستوى ما يجري؟

دعنا من الأنظمة العربية ومواقفها فقد صلينا عليها صلاة الجنازة مند مدة، ولك أن تصفها بالشلل والموت والعجز، فهي فعلا أو صمتا متماهية إلى حد بعيد مع خطط العدو بالنظر إلى النتيجة، التي تستهدف القضاء على المقاومة وإسقاط النموذج الجهادي، وإفشال كل محاولة للتصدي لمخططات الهيمنة، وبالتالي فالمواقف الرسمية العربية، للأسف، لا ترقى إلى مستوى الكارثة فضلا أن تدرك طبيعة المرحلة التاريخية، وكان بإمكانها فعل الكثير ولو على سبيل المناورة لحفظ مصالحها، بل الأدهى والأمر أن بعض هذه الأنظمة منغمسة في مشروع التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وهناك أنظمة عربية ترى في القضاء على المقاومة الفلسطينية مصلحة تتجاوز حتى مصلحة الاحتلال نفسه، إن كثيرا من الأنظمة ربطت بقاءها ومصالحها ووجودها بقوى الاستكبار العالمي ودوائر القرار الأمريكي الغربي المتصهين وتخلت عن إنسانيتها وعروبتها وإرادة شعوبها وعقيدتها وأوامر ربها بمولاة الأعداء من الكفار والمشركين لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلْآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوْ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَٰنَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ.

كيف تفسرون الصمت الرسمي العربي تجاه جرائم الإبادة في قطاع غزة؟ وما دور الشعوب في مواجهة هذه الجرائم؟

الصمت العربي الرسمي نابع من شعور الأنظمة بالهشاشة السياسية لأنها أنظمة ديكتاتورية فاسدة ومستبدة، لا شرعية شعبية ولا تجذر جماهيريا لها، وأيضا من الخضوع غير المشروط للضغوط الدولية والإقليمية، ثم من نجاح الصهيونية العالمية في اختراق النخب السياسية في العالم وفي عدد من الدول العربية عبر عمليات غسل الدماغ الثقافية وعمليات الابتزاز السياسي واتفاقيات التطبيع الشامل، ثم من حالة التفتت العربي بعد ما تركه الربيع العربي من مخلفات، وعلى رأسها وصول قيادات من “الكومبارس السياسي” لا تملك رؤى أو موقف أو مبادئ. لهذا فالرهان الاستراتيجي هو على الشعوب العربية الحية، وقد أثبتت التجارب أن الإرادة الشعبية قادرة على إفشال كل المؤامرات، والشعوب العربية والإسلامية، ورغم القمع والتضييق، أثبتت أن فلسطين حاضرة في وجدانها، فالشعوب هي القوة الحقيقية التي تحرك عجلة التاريخ، وما رأيناه من انتفاضات واحتجاجات مستمرة في العالم العربي والإسلامي دليل على أن الأمة لم ولن تستسلم، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم”، وإننا نرى اليوم أن الشعب الفلسطيني والمقاومة هم في طليعة هذه الطائفة المنصورة المأجورة بإذن الله تعالى.

ما هو دور جماعة العدل والإحسان في دعم القضية الفلسطينية؟

جماعة العدل والإحسان، من خلال مؤسساتها الداخلية وبتنسيق مع شركائها وحلفائها كالهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، والجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، تعمل بلا كلل لدعم فلسطين، من منطلق عقيدتها التي تملي عليها فرضية وواجب مناصرة إخوان الدين والعقيدة ودعم كل المستضعفين والمظلومين والمقهورين في الأرض، وأيضا مواجهة كل مشاريع الهيمنة والمسخ والانحلال والإلحاد وتفتيت وحدة المجتمعات المسلمة ومقوماتها وهويتها وعلى رأسها المشروع الصهيوني الجاهلي الشيطاني، لهذا نعتبر القضية الفلسطينية قضية مركزية بأبعادها العقدية والوجودية والسياسية والإنسانية، وهذ ما تجدونه في أدبياتنا ومواقفنا منذ تأسيس الجماعة، وعلى رأسها كتابات ومواقف إمامنا المرشد الشيخ عبد السلام ياسين رحمه الله وأحسن إليه. وعليه فعملنا واشتغالنا بها ولها نابع من أرضية صلبة وليس موقفا للتسويق السياسي أو المتاجرة الإعلامية، أو تعاطيا مرحلي. فحضورنا عربيا ودوليا وإقليميا حضور قوي والحمد لله في كل الهيئات الدولية والعربية والإسلامية سواء العلمية أو الدعوية أو الإغاثية أو الثقافية والشبابية، وتجاوبنا واسع مع كل المبادرات التي تطلقها الائتلافات الدولية الداعمة للقدس وفلسطين.

بداية نؤكد أن كل هذه الجهود والمبادرات والفعاليات الميدانية والسياسية والثقافية والفنية والرياضية والتوعوية، هي جهد المقل في ظل نظام سلطوي مطبع مع الكيان الصهيوني، فرغم القمع والمنع والتضييق والاعتقالات حاولنا مع كل الشرفاء والأحرار أن لا نخذل إخواننا في فلسطين بالدعم المعنوي والسياسي والإعلامي على مدار مدة العدوان بشكل مستمر يكاد يكون يوميا وفي كل مناطق المغرب، نواجه فيه آلة التطبيع الرسمية وننشر الوعي والمعرفة ونستنهض الهمم ونشحذ الإرادات، ونحافظ على ألق وجذوة القضية الفلسطينية التي يحاول الصهاينة وأذنابهم وأدها بمؤامرات الاستسلام التي تحمل في كل مرحلة شعارا ودثارا.

وقد بلغت حصيلة أنشطتنا التضامنية خلال عام واحد، بتوفيق الله عز وجل وجهود الإخوة والأخوات وحضور واستجابة الشعب المغربي، حوالي 5800 مظاهرة محلية و730 مسيرة و59 جمعة غضب على التوالي. ومئات الندوات والمحاضرات، فضلا عن الفعاليات الرياضية والفنية والإبداعية والحملات الإعلامية، واستقبال الوفود الفلسطينية، وهذا غيض من فيض نسأل الله تعالى القبول.

هل لديكم خطط أو برامج جديدة لدعم القضية الفلسطينية داخل المغرب؟

بحمد الله تمكنا مع شرفاء وأحرار المغرب من مختلف المرجعيات السياسية والخلفيات والفكرية والإيديولوجية من تأسيس هيئة مغربية واسعة أطلقنا عليها “الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع”، وهي هيئة تضم مختلف حساسيات المجتمع المغربي الثقافية والحقوقية والسياسية والنقابية والمدنية والدعوية والعلمية، ونحاول جادين توسيع عملها لتغطي كل مناطق المغرب، وكل فئات المجتمع وقطاعته كالجامعيين والطلبة والأطباء والمحاميين والأساتذة والمهندسين، لأننا ندرك خطورة مشاريع التطبيع وصهينة المجتمع التي يحاول النظام المغربي ترسيخها داخل المجتمع المغربي، كما نوسع جبهة مقاطعة البضائع والاستثمارات والمراكز التجارية الصهيونية والمتصهينة الداعمة للكيان الصهيوني وشريكته في قتل الأبرياء، وبالطبع هناك برامج تم الإعلان عنها خلال الندوة الصحافية السنوية تشمل مجالات التوعية والعمل الميداني والسياسي، ولنا برامجنا الخاصة فيها ما هو تربوي وإعلامي وعلمي. وقد تمكنا مع باقي الشركاء من تنظيم حوالي 600 مظاهرة محلية و180 مسيرة محلية و8 أيام وطنية احتجاجية. و8 مسيرات وطنية مليونيه و21 مبادرة نوعية كوقفات المقاطعة وسلاسل بشرية. وهذا التنوع في الأنشطة يعكس مشاركة كل فئات المجتمع المغربي والحمد لله.

لماذا تراجعت التحركات الشعبية العربية المناصرة لغزة في وقت تتصاعد فيها جرائم الإبادة في غزة؟

رغم أن المطلوب من الشعوب العربية والإسلامية كان كبيرا وأكثر مما يفعل، ورغم أننا نشعر بالمرارة وتفاجأنا بكيف تم إطفاء فورة الشعوب خاصة دول الطوق كمصر والأردن، فإن ما حدث هذا العام من تفاعل شعبي مذهل في الغرب وبعض دول العالم العربي والإسلامي يعكس استفاقة وعي، وسقوط أوهام الدعاية الصهيونية، فالتظاهرات الضخمة التي اجتاحت أوروبا وأمريكا دليل على انهيار أسطورة اللوبي الصهيوني الذي يتحكم في المجتمعات، وهو تحول استراتيجي تعكسه استطلاعات الرأي. أما في الدول العربية، لا يمكن إغفال أثر تدجين بعض النخب والقوى السياسية على الفعل الشعبي، والانشغال بالقضايا المحلية، وأثر الثورات المضادة للربيع العربي التي كشفت لنا طبيعة الأنظمة التي تريدها أمريكا في المنطقة والتي دعمت انقلاباتها، لكننا على يقين أن ما يحدث في فلسطين سيكون له أثر ارتدادي كبير في كسر هذا التدجين وإحياء الروح النضالية.

كيف تفسرون ازدواجية المعايير في تعامل المجتمع الدولي مع القضية الفلسطينية؟ وما هي العوامل التي تقف خلف الدعم الغربي لـ(إسرائيل)؟

الدعم الغربي لـ(إسرائيل) ليس مجرد ازدواجية معايير، بل هو مشاركة مباشرة في الحرب، فالولايات المتحدة تمنح الاحتلال الأسلحة وتعطل أي قرارات دولية لوقف العدوان، وهذا ليس مستغربا لكن المستغرب هو الرهان على الغرب بعد أن أثبتت التجارب والوقائع أنه حليف استراتيجي للصهاينة لأسباب عقائدية وإيديولوجية وسياسية ونفسية ومصلحية وتاريخية يطول شرحها، وأنه شريك في الاعتداء والدم والجرائم.

من أهم ما قامت به المقاومة أنها جعلت كلفة هذا التحالف ضخمة وكارثية على الغرب إنسانيا وأخلاقيا وأيضا ماديا وعسكريا، وأثبتت أن الشعوب تستطيع أن تُحدث تغييرات جذرية رغم تكالب الدول الكبرى. وهنا لابد من التنويه بالهيئات الدولية وعلى رأسها المحكمة الجنائية الدولية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” وغيرها، والتي رغم الاستهداف الصهيوني والتواطؤ الغربي تمكنت من فضح الكيان الصهيوني كعدو للإرادة الدولية وللمجتمع الإنساني، كما برزت مواقف دولية غير مسبوقة من دول إفريقيا وأمريكا لاتينية للتضامن مع فلسطين، وهو ما يثبت أن الكفاح الفلسطيني لا يزال ينير الطريق نحو الحرية، والتي ينبغي المراهنة على مؤسساتها وقراراتها وأحكامها لعزل الكيان الصهيوني ومجرميه.

بكل تأكيد تعيش البشرية مرحلة فارقة، والمقاومة الفلسطينية أصبحت نموذجًا ملهمًا للعالم، وطوفان الأقصى هو رسالة واضحة بأن العدو الإسرائيلي مهما حشد من إمكانيات، فإنه لن يستطيع القضاء على إرادة شعب يؤمن بعدالة قضيته وبنصر الله القريب ومعيته وتأييده.